تعلن القوات العراقية المشاركة في معركة تحرير الفلوجة بشكل شبه يومي عن تقدمها في محاور بعدد من أحياء مدينة الفلوجة المحاصرة، كان آخرها بالأمس إعلان التقدم بعد معارك عنيفة خاضتها القوات في 3 محاور للمدينة ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
كانت القوات العراقية حاولت اقتحام مدينة الفلوجة فجر الاثنين من 3 محاور ما يشكل بداية لمرحلة جديدة من عملية استعادة السيطرة على المدينة، التي تعد أحد معاقل تنظيم الدولة الإسلامية الرئيسية في العراق، حيث شاركت في عمليات الاقتحام قوات مكافحة الإرهاب، أكثر القوات العراقية تدريبًا، وذلك بغطاء جوي من التحالف الدولي.
عملية استعادة الفلوجة بدأت قبل أسبوع بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وقد ركزت في البدء على استعادة السيطرة على القرى والبلدات المحيطة بالمدينة التي تبعد 50 كيلومترًا غربي بغداد، إلا أن القوات العراقية لم تستطع حتى الآن إحراز تقدمًا استراتيجيًا في المعركة بعد معارك طاحنة أدت إلى سقوط عشرات القتلى من الطرفين.
مقاومة شرسة
دارت رحى المعارك بالقرب من الفلوجة، قتل فيها العشرات من الجيش العراقي ومليشيا الحشد الشعبي والحشد العشائري المشاركين في جيش تحرير المدينة، عبر هجمات لتنظيم الدولة الإسلامية في هيت والفلوجة بالأنبار غربي البلاد، وجاء ذلك في أثناء توارد الأنباء بشأن اقتحام القوات العراقية للفلوجة وتقدمها باتجاه المدينة التي يسيطر عليها تنظيم الدولة منذ يناير 2014.
حيث تشير مصادر إلى أن 65 من القوات العراقية والحشد الشعبي والحشد العشائري قتلوا، فيما أصيب أكثر من 80 آخرين في هجمات لتنظيم الدولة جنوب شرقي هيت، وفي محيط مدينة الفلوجة.
بعد ذلك أعلنت القوات المشاركة أن عملية اقتحام الفلوجة ما زالت في مراحلها الأولى، ورفضت قيادة العملية إعطاء وقت محدد لها، بعد أن أكدت أن القوات التي سيسمح لها بدخول المدينة هي قوات مكافحة الإرهاب وشرطة الأنبار فقط، إلا أن وسائل الإعلام تؤكد مشاركة الحشد الشعبي في المعارك.
كما أنه بعد ساعات من اندلاع المعارك الشرسة بين تنظيم الدولة والقوات العراقية، نفت مصادر من داخل الفلوجة لعدة وسائل إعلام وجود ما يمكن وصفه بتقدم عسكري كبير للقوات العراقية أو عملية كبيرة لاقتحام المدينة بسبب شراسة قتال عناصر تنظيم الدولة، واستخدامهم لتكتيكات حروب العصابات معتمدين على سلاح المففخات البشرية والآلية لإلحاق الخسائر بالقوات المتقدمة وهو ما يجبرها على التراجع.
فيما أعلن تنظيم الدولة استعادته مناطق وقرى بمحيط عامرية الفلوجة، كما استولى على عربات عسكرية وعتاد، في الوقت الذي أكدت فيه وكالة أعماق التابعة لتنظيم الدولة مقتل أكثر من 20 عنصرًا بالجيش العراقي والمليشيات في هجوم شمال الفلوجة.
وفي مدينة هيت قالت مصادر أمنية إن تعزيزات عسكرية وصلت إلى مشارف المدينة في محاولة لاستعادة المناطق التي سيطر عليها تنظيم الدولة وسط المدينة.
قوات التحالف تقصف الحشد الشعبي
وبين تضارب المعلومات حول مشاركة الحشد الشعبي من عدمه في المعارك، تأكدت مسألة تحركاته في المعارك بعيدًا عن قيادة القوات العراقية المشتركة، وهو ما دعا طيران التحالف الدولي لقصف قوات الحشد الشعبي الموالية للحكومة خلال محاولتها دخول مدينة الفلوجة دون تنسيق مسبق، رغم تأكيدات حكومية تفيد أن مليشيات الحشد الشعبي لن تدخل المدينة مع القوات العراقية.
حيث قامت قوات الحشد الشعبي، بالاستعانة براجمات صواريخ، بمحاولة الدخول إلى محيط منطقة الشهداء لقصف المدينة، مما أدى إلى مشادات كلامية بين مليشيا الحشد وقوات مكافحة الإرهاب الحكومية، الأمر الذي دفع طيران التحالف بقيادة الولايات المتحدة إلى قصف مليشيا الحشد في جنوبي الفلوجة وإجبارهم على التراجع.
هذا القصف لم يوقع خسائر مادية أو بشرية بين صفوف مليشيا الحشد الشعبي، لكنه كان بالقرب من تلك القوات التي حاولت الدخول إلى الفلوجة، لإنذارهم بعدم دخول المدينة، وكان التحالف الدولي أعلن قبل ذلك عدم وجود خطة لدخول مقاتلي الحشد الشعبي المدينة، في ظل وجود 4 آلاف عنصر من الحشد العشائري مشاركين في عملية تحرير المدينة.
كل هذه التخوفات من مشاركة المليشيا يأتي في إطار الجرائم التي ترتكبها بعد دخول المدن المحررة، حيث نقلت وكالة الأناضول شهادات تؤكد أن مليشيات الحشد فجرت مسجدين ونهبت عشرات المنازل في الكرمة، وسط استياء مقاتلي العشائر والقوات الأمنية.
كما اتهم مقاتلو مليشيا الحشد الشعبي باختطاف 73 مدنيًا من سكان المدينة بعد استعادتها من تنظيم الدولة الأسبوع الماضي بتهمة الانتماء للتنظيم.
ليظل الوضع كما هو عليه بين تفكك للجبهة الداخلية المكونة لجيش تحرير المدينة، وبين غياب المعلومات التام عن قدرات التنظيم داخل المدينة، الأمر الذي يؤخر من عملية اقتحامها، بعد أن اكتشفت قيادة القوات أن التقدم نحو المدينة ليس بالسهولة التي يتخيلونها.