توفي محمد عبد العزيز المراكشي (68 عامًا)، زعيم الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو)، أمس الثلاثاء، بعد صراع طويل مع المرض وعقود من قيادته البوليساريو التي تسعى إلى استقلال منطقة الصحراء الغربية عن المملكة المغربية، حسب بيان صادر عن الأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو نشرته وكالة الأنباء الصحراوية التابعة للجبهة.
ونعت الجبهة أمينها العام وحددت 40 يومًا حدادًا وطنيًا على روحه، وهي المدة التي سيترأس فيها الجبهة خطري آدوه رئيس وفد مفاوضات الجبهة مع المملكة المغربية، فيما أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الحداد لثمانية أيام وبدأ اجتماعًا للحكومة بدقيقة صمت تكريمًا لعبد العزيز المراكشي، وفق التلفزيون الرسمي، وتمثل وفاة عبد العزيز حسب مسؤولي البوليساريو خسارة كبيرة للصحراوين.
المرض السرطاني الذي أصاب محمد عبد العزيز المراكشي غيبه طويلاً عن المشهد السياسي لأنشطة جبهة البوليساريو، فلم يتمكن من حضور قمة الاتحاد الإفريقي الأخيرة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، كما لم يستطع لقاء ممثلة الأمم المتحدة على رأس بعثة المينورسو الكندية كيم بولدوك، وفي فبراير الماضي بدا محمد عبد العزيز متعبًا وهو يستقبل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مخيم تندوف في الجزائر.
وتنص المادة الـ49 من القانون الأساسي للجبهة على أن يتولى رئيس المجلس الوطني للجبهة منصب الأمين العام حتى انتخاب أمين عام جديد في مؤتمر استثنائي يعقد خلال أربعين يومًا.
عبد العزيز… من الجامعة إلى الجبهة
شارك المراكشي مع مصطفى سيد الوالي في تأسيس جبهة البوليساريو في مايو 1973، وأصبح أحد قادتها العسكريين الرئيسيين، قبل أن يصبح الزعيم الصحراوي “الرقم واحد” في عام 1976 بعد تعيينه أمينًا عامًا للجبهة ورئيسًا لمجلس قيادة الثورة، بعد مقتل الولي مصطفى السيد الركيبي مؤسس جبهة البوليساريو، وأمينها العام في هجوم بنواكشوط عاصمة موريتانيا.
في الـ 17 من شهر أغسطس سنة 1948 ولد الزعيم الصحراوي محمد عبد العزيز في مدينة مراكش، تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في جنوب المغرب، حيث استقر والداه في منتصف عام 1950، وكان والده الذي يؤيد التوجه المغربي حيال قضية الصحراء الغربية ضابطًا محليًا في الجيش الملكي المغربي.
في أواخر الستينات خطا عبد العزيز خطواته السياسية الأولى حيث كان يلتقي في تنقلاته بين الرباط والمغرب مع طلائع الناشطين القوميين الصحراويين الذين كانوا يرتادون الجامعات المغربية قبل أن ينتقل إلى العمل السري ومن ثم العلني.
بعد تعيينه على رأس جبهة البوليساريو في 9 يونيو 1976، تخلى عبد العزيز عن العمل العسكري وانتقل إلى العمل السياسي الديبلوماسي الذي سعى من خلاله إلى الانفصال عن المغرب وتأسيس الدولة الصحراوية.
وناشد والد زعيم البوليساريو محمد البشير الركيبي في وقت سابق ابنه بالعودة إلى المغرب، وقال “أريد منه أن يأتي عندي إلى المغرب لأراه، بعد أن طال أمد الفراق وأريد لقياه، قبل أن أرحل إلى دار البقاء”، وصرّح الركيبي أنه لا حل لنزاع الصحراء إلا بمنح المنطقة حكمًا ذاتيًا تحت السيادة المغربية.
قضية الصحراء الغربية
بعد انتهاء الاحتلال الإسباني في نوفمبر 1975 بموجب اتفاقية مدريد عام 1957، سيطر المغرب على معظم مناطق الصحراء الغربية مما أدى لاندلاع نزاع مسلح مع جبهة البوليساريو استمر حتى العام 1991.
ويعتبر المغرب الصحراء الغربية الشاسعة والغنية بالمعادن من “أقاليمه الجنوبية”، وعرض حكمًا ذاتيًا موسعًا للمنطقة، ولكن جبهة البوليساريو تصر على تقرير المصير من خلال استفتاء للسكان المحليين، ولم يحدث ذلك بسبب العديد من الخلافات منها ما هو متصل بقوائم الناخبين.
في سنة 1985 أصبحت الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية تحت قيادته عضوة في منظمة الوحدة الإفريقية، وهو ما دفع المغرب إلى الانسحاب من المنظمة، ونالت الجبهة اعتراف أكثر من 70 دولة بها وبجمهوريتها المعلنة من طرف واحد.
تعتبر مشكلة الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة البوليساريو من أعقد الصراعات المستعصية على الحلول التوافقية ثنائيًا وإقليميًا ودوليًا، فكل طرف متشبث برؤيته وموقفه من الصراع الحاصل، حتى إن هذه المشكلة كانت السبب الرئيسي والمباشرة لتجميد عمل مؤسسات اتحاد المغرب العربي في ديسمبر 1995.
وتدخلت الأمم المتحدة عام 1991 لوقف إطلاق النار، ووضعت المنظمة الأممية في 1992 خطة لتنظيم استفتاء حول تقرير مصير الصحراء الغربية لكن محاولاتها باءت بالفشل بسبب وصول الطرفين إلى طريق مسدود.
وتنشر الأمم المتحدة هناك بعثة مينورسو للسهر على تطبيق وقف إطلاق النار في المنطقة التي تقترح لها الحكومة المغربية حكمًا ذاتيًا واسعًا تحت سيادتها، في وقت تطالب البوليساريو بتنظيم استفتاء لتقرير المصير.