منعت قوات الأمن التونسية، صباح اليوم، حزب التحرير من إنجاز مؤتمره السنوي الخامس، حيث تجمع العشرات من قوات الأمن في محيط قصر المؤتمرات لمنع أعضاء الحزب وأنصاره من دخول القاعة المعدة لاحتضان المؤتمر.
وعبّر عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير محمد ياسين صميدة في تصريح لـ “نون بوست” عن احتجاج أعضاء الحزب لقرار منعهم من عقد مؤتمرهم بقصر المؤتمرات بالعاصمة اليوم رغم قرار المحكمة الإدارية أمس لفائدتهم.
صميدة أوضح أن محافظ تونس قام بتعليق قرار على باب قصر المؤتمرات مفاده عدم إمكانية الاجتماع في هذه القاعة.
وقررت المحكمة الإدارية في تونس مساء الجمعة إيقاف قرار منطقة الأمن الوطني بباب بحر (تونس العاصمة) التابعة لوزارة الداخلية القاضي بمنع حزب التحرير من تنظيم مؤتمره المبرمج اليوم السبت بقصر المؤتمرات بالعاصمة.
وعبر حزب التحرير على صفحته الرسمية على الفيسبوك، عن تمسكه بالمضي في عمله، استجابة لأمر الله حتى ينقذ الأمة الإسلامية عمومًا وتونس من قبضة الاستعمار، حسب نص البيان، وأكد البيان على أن حزب التحرير حزب سياسي منضبط، معتبرًا ما وصفه بدعايات المخاوف الأمنية هي دعايات كاذبة وكيدية.
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير بتونس محمد ياسين صميدة، قال لـ “نون بوست” إن حزبه حصل على القرار القضائي، الذي يأذن “بتوقيف قرار عدم الموافقة على عقد المؤتمر السنوي الخامس لحزب التحرير بقصر المؤتمرات بالعاصمة اليوم السبت 4 جوان 2016”.
ويوقف قرار المحكمة الادارية إعلامًا بالمنع، قامت منطقة الأمن باب بحر بالعاصمة بتسليمه إلى الحزب بواسطة عدل تنفيذ بعد أن حصل الحزب على موافقة من وزارة الداخلية من خلال وصل تسلمه منها يوم 28 مايو الماضي لتنظيم مؤتمره السنوي، حسب صميدة.
وكانت منطقة الأمن بباب البحر قد سلمت حزب التحرير “محضر إعلام” بعدم الموافقة على عقد مؤتمره، وبررت المنع بـ “ما يمكن أن يترتب عن عقد هذا المؤتمر من إخلال بالأمن العام”، حسب نص الوثيقة.
وأوضح صميدة أن “قرار المحكمة كان منتظرًا من الناحية القانونية باعتبار أن الحزب قام بكل ترتيباته الإدارية بالشكل السليم، والإخلالات القانونية كانت واضحة جدًا في قرار منطقة الأمن”.
ياسين صميدة أكّد وجود جهات وراء ما وصفه بمحاولات منع حزب التحرير من عقد مؤتمره السنوي وقال لنون: “أطراف خارجية استعمارية، قد فتح الحزب ملفات ضدها وضد تدخلها الاستعماري في البلاد”، وتابع “هناك أطراف سياسية داخلية أيضًا تسعى لعرقلة عمل الحزب من بينها الوزير كمال الجندوبي الذي صرح علنًا بأن قرار المنع هو سياسي، أو محسن مرزوق، وأطراف أخرى هي اليوم في الحكم تسير وفق أوامر المسؤول الكبير الذي أعن عنه السبسي سابقًا” حسب قوله.
من جهة أخرى قال صميدة إن شعار مؤتمرهم لهذه السنة سيكون “الخلافة منقذة العالم”، وسيبينون من خلاله فشل الرأسمالية وكيف ستنقذ الخلافة العالم كبديل حضاري.
وتوقع عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير حضور الآلاف للمشاركة ومتابعة أشغال مؤتمرهم السنوي، خاصة وأن حزبهم ينتشر في تونس من الشمال إلى الجنوب، وفي كل منطقة وكل جزء، حسب قوله.
الحكومة التونسية من جهتها وجهت تحذيرات للحزب تدعوه إلى تغيير قانونه الأساسي حتى يكون مطابقًا للدستور، كما هددت بالدعوة إلى حله أمام القضاء بعد أحداث سوسة الإرهابية في حزيران/ يونيو من العام الماضي، وتتهم الحكومة الحزب بالتسويق لأطروحات متشددة تتعارض مع النظام الجمهوري والدولة المدنية.
ولا يعترف الحزب الذي حصل على تأشيرة العمل السياسي في 17 يوليو/ تموز 2012، بالدستور، كما لم يشارك في انتخابات 2014 لمعارضته النظام الديمقراطي ومن أهم مبادئه استئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة.
وكانت وزارة الداخلية، أكدت في مناسبات سابقة، أنها تقف على نفس المسافة من كل الأحزاب ومكونات المجتمع المدني، على اختلاف توجهاتهم، وأنها تتعامل مع الجميع وفق ما يضبطه القانون، وينص الفصل الخامس من المرسوم رقم 87 لسنة 2011، المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية في تونس، على أنّه “يحجر على السلطات العمومية عرقلة نشاط الأحزاب السياسية أو تعطيلها بصفة مباشرة أو غير مباشرة”.
نشاط حزب التحرير في تونس
يمثل حزب التحرير التونسي فرعًا من حزب التحرير الأم، الذي أسسه الشيخ محمد تقي الدين النبهاني في سنة 1952 بالأردن.
تعد تونس من أوائل بلدان المغرب العربي التي وصل إليها حزب التحرير وبدأ نشاطه فيها أوائل الثمانينات من القرن الماضي، على يد الداعية محمد فاضل شطارة الذي انتمى للحزب إبان دراسته في كولونيا بألمانيا الغربية، وعندما عاد إلى تونس، بدأ سلسلة اتصالات سرية مع بعض الشخصيات الإسلامية لضمها إلى الحزب، حتى عقد الاجتماع التأسيسي للجنة المحلية في يناير 1983، وانتخبت اللجنة محمد جربي، رئيساً لها.
خلال النصف الثاني من عام 1983، شنت السلطات التونسية حملة مداهمات واعتقالات في مدن تونسية عدة استهدفت عناصر الحزب، نتج عنها اعتقال نحو 60 متهمًا.
وتم تقديم عناصر حزب التحرير إلى المحكمة العسكرية التي حكمت بالسجن 8 سنوات على عدد من المتهمين العسكريين، و5 سنوات على 11 متهمًا مدنيًا، من بينهم محمد جربي زعيم حزب التحرير في تونس، وفي مارس 1990 تمّ تقديم مجموعة كبيرة من أعضاء الحزب ضمت 228 عضوًا إلى المحاكمة بتهمة توزيع منشورات في المساجد، كما اعتقلت السلطات في صيف 1991 حوالي 80 ناشطًا ومسؤولاً في الحزب، وأعقبها محاكمات أخرى سنوات 1994 و1996 .
في سبتمبر 2006 قضت محكمة الدرجة الأولى في تونس العاصمة بسجن 8 أشخاص أربع سنوات وأربعة أشهر بعد إدانتهم بالانتماء إلى منظمة محظورة “حزب التحرير” وعقد اجتماعات دون الحصول على ترخيص.
وفي مارس 2007 تمت محاكمة 8 من أفراد الحزب، وشهد العام 2008 عددًا كبيرًا من المحاكمات بحق عشرات من أعضاء حزب التحرير بتهم المشاركة في إعادة تكوين جمعية لم يعترف بوجودها، وعقد اجتماعات غير مرخص بها، وإعداد محل بقصد عقد اجتماع غير مرخص، وحمل نشرة من شأنها تعكير صفو النظام العام، وفي أواخر مارس 2008 تم إلقاء القبض على مجموعة من 12 عضوًا بالحزب تتراوح أعمارهم بين 18 و56 وتم احتجازهم في حالة تحفظ بإدارة أمن الدولة بوزارة الداخلية دون إحالتهم إلى المحاكمة.
في يوليو 2009 قضت محكمة تونس الابتدائية بسجن 19 من أعضاء الحزب، تراوحت أعمارهم بين 30 و45 عامًا، لفترات بين 11 و14 شهرًا نافذة.
عقب ثورة يناير 2011، بدأ حزب التحرير يظهر بصورة علنية في تونس، وانتصر للثورة ودعمها، وطالب الناطق الرسمي باسم حزب التحرير، آنذاك، رضا بالحاج، الأوساط السياسية والإعلامية في تونس بعدم الالتفاف على ثورة الرابع عشر من يناير.
وقال بلحاج “إن لحزب التحريرمشروع دستور بديل للبلاد سيتم عرضه على المجلس الوطني التأسيسي لإبداء الرأي فيه”، ملاحظًا “أن الديمقراطية قضية مفتعلة لا يجوز الانشغال بها”.
وتشير إحصائيات غير رسمية إلى وجود عشرات الآلاف من المنتمين والمتعاطفين مع حزب التحرير في تونس، وينتشرون في مناطق مختلفة من البلاد.