معالم خريطة الحراك المجتمعي العربي المقترح
بعد الحديث عن بعض الأدوات التي يمكن بها فهم خريطة المجتمعات العربية على عدة مستويات في إطار محاولة فهم معادلة نجاح بدايات الحراك الشعبي ومحاولة فهم سبب تفككها والعنصر المفقود اللازم لاستمرارها، وبعد الحديث عن بعض الأدوات التي يمكن بها العمل من أجل الوصول لمجتمع قوي، يبقى الحديث عن لب الأمر وجوهره، أي عما ينبغي فعله بتلك الأدوات سعيًا للوصول بحالة المجتمعات العربية إلى حالة أكثر رحمة وعدلاً وعافية.
إذا سلمنا جدلاً بأن أهم معضلة تعيشها المجتمعات العربية وتعيقها عن الوصول إلى أية حالة أفضل هي “الاستبداد” وخاصة الاستبداد السياسي، فيمكن القول بأن الاشتباك والصراع مع هذه القيمة له ثلاث عقد رئيسية، وأن كل عقدة منها تحتاج إلى التفكيك وبناء الآليات اللازمة للتعامل معها، وفيما يلي استعراض سريع لهذه العقد:
العقدة الأولى (تحرر الإنسان)
وهي العقدة الأساسية في كل زمان ومكان، وهنا موضع طرح الأسئلة الآتية:
كيف يتحرر عقل وقلب الإنسان من طاعة كل من لا يستحق الطاعة، ويبقى في نفس الوقت متواصلاً ومتفاعلاً بإيجابية ومشاركًا الآخرين في عمران هذه الحياة؟
كيف يمكن الإجابة على الأسئلة الوجودية التي تهز الإنسان بعمق ويؤدي الهرب منها إلى وقوعه في أسر عبودية أشياء كثيرة؟
كيف يمكن التعامل مع الذاكرة العميقة والتجارب المؤلمة لعلاجها والتحرر منها؟
كيف يمكن رفع الوعي بالنقص عند المتعبين التائهين وإرشادهم ليستعيدوا زمام المبادرة؟
كيف يمكن تطوير نظم اقتصادية – اجتماعية جديدة تفكك سيطرة النخب المستبدة وتمنع تكون أخرى جديدة؟
العقدة الثانية (أدوات التحكم والسيطرة)
يمكن القول بأن أدوات التحكم والسيطرة التي تمتلكها النخب تنقسم إلى قسمين، أدوات صلبة وأدوات ناعمة، ومن أبرز الأدوات الصلبة: الشرطة، البلطجية، المخابرات، الجيش، القضاء، أما أبرز الأدوات الناعمة فهي: الإعلام الرسمي، التعليم النظامي، المؤسسات الدينية، قطاعات الترفيه.
وهنا موضع طرح الأسئلة التالية:
كيف يمكن تطوير الأدوات التي توفر الحماية المادية من أدوات التحكم الصلبة؟
كيف يمكن تفكيك منظومات الكذب والخوف التي صنعها كهنة كل مجال لضمان بقاء سلطتهم؟
كيف يمكن العمل على تحويل هذه الأدوات لتحمل قيمًا أفضل؟
العقدة الثالثة (موازين القوى العالمية)
وهنا موضع طرح الأسئلة الآتية:
كيف يمكن أن نتعامل مع الدعم الخارجي للنخب المسيطرة؟
في حال تمت القناعة بأن القضايا الجوهرية للإنسان واحدة في كل مكان وزمان، وأن الأحرار المصلحين موجودون في كل مكان، فكيف يمكن أن يتم التعاون؟
إن كل سؤال من الأسئلة السابقة هو موضع إطلاق مبادرات ومشاريع لصناعة تشكيلات اجتماعية تتنافس في تقديم أجوبة عليها في كل مكان وزمان.