هلّ هلال شهر رمضان الكريم، وأعلن مفتي الديار عن بداية الشهر العظيم، فتوجه جمع غفير للمساجد يصلون “صلاة التراويح” في ليلتها الأولى، وانطلق غيرهم للمقاهي يسهرون ويتندرون وبقي البعض منهم في البيوت يعدون وجبة السحور.
هكذا كانت أولى ليالي رمضان في تونس، امتلأت الجوامع في كل محافظات البلاد بالمصلين، تقربًا إلى الخالق العظيم ورغبة ورهبة في لقائه سبحانه وتعالى، واكتظت المقاهي بمحبي السهر واللعب واللهو ينتظرون “بوطبيلة” أو “المسحراتي” الذي يجوب الحارات ليلاً مناديًا على النائمين “قوموا تسحروا .. قوموا تسحروا”.
لرمضان في تونس مكانة كبيرة لدى التونسيين، يستعدون له على الصعيد الرسمي والشعبي، حيث أشرف رئيس الحكومة الحبيب الصيد، الأسبوع الماضي، على مجلس وزاري مضيق خصص لمتابعة استعدادات شهر رمضان المعظم وتطرق المجلس إلى عمل وزارة التجارة لضمان حسن تزويد الأسواق والضغط على الأسعار خلال شهر رمضان المبارك، وعرضت القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية برامجها لشهر الرمضان.
فيما بدا المواطن أكثر لهفة على شراء كل ما يحتاجه خلال هذا الشهر الكريم، حيث انتعشت حركة التجارة، لاسيما على مستوى المحلات التجارية الكبيرة التي سيطر عليها الاكتظاظ، حتى إن الاستهلاك التونسي خلال شهر رمضان يتضاعف أكثر من مرتين.
خلال هذا الشهر الفضيل تتزين موائد التونسيين بالأكلات والأطباق الشعبية الشهيرة، فتتصدر “البريكة التونسية” موائد كل البيوت، وتختص كل جهة بأكلة مميزة، حيث يختص سكان العاصمة بطبق “الرفيسة” المكون من الأرز المطبوخ بالتمر والزبيب، أما في الشمال الغربي فتحضر “العصيدة” بالدقيق والعسل والسمن للسحور، وفي الجنوب “البركوكش” المكون من الدقيق المخلوط مع الخضار.
“دقلة النور” لا تغيب هي الأخرى عن مائدة الإفطار طوال شهر رمضان رغم ارتفاع سعر الكيلوغرام الواحد منها (4 دولارات)، إلى جانبها الحليب واللبن اقتداءً بسنّة الرسول – صلى الله عليه وسلم – يتوسطهما طبق “الشربة” أو “الدشيشة” في الغالب، وفي الأطراف أطباق مختلفة الأنواع من السلطة، دون أن ننسى الطاجين المكون من الدجاج والعظم والبطاطا والبقدنوس.
وتمثل الحلويات زينة السهرة التونسية في رمضان، كل حسب مقدرته الشرائية، منهم من يواظب على اقتنائها ومنهم من يعدّها في منزله بجانب أهله وأبنائه، وتعتبر “المخارق” و”الزلابية” و”الصمصة” و”المقروض” القيرواني أبرزها.
وفي السحور نجد في بعض البيوت طبق “المسفوف”، وهو طبق من الكسكسي المطبوخ الذي يتمّ خلطه وتزيينه بالسكر والتمر والرمان بشكل رئيسي وفي بيوت أخرى “العصيدة” المكونة من الطحين وزيت الزيتون أو الحساء.
في رمضان يرتفع الآذان وتتزين الصوامع والمساجد، ويتسابق التونسيون عقب إفطارهم لأداء صلاة التراويح ومواكبة مجالس الذكر وحلقات الوعظ الديني والمحاضرات والمسامرات الدينية.
وتشهد الجوامع في تونس نشاطات دينية منوعة طيلة شهر رمضان، ويتحول جامع الزيتونة بالعاصمة وجامع عقبة بن نافع بالقيروان إلى وجهة لآلاف الزوار من الدول العربية والإسلامية لاسيما في الأيام العشرة الأخيرة من الشهر الكريم وليلة الـ 27 التي تختم فيها تلاوة القرآ،. وتنظم في المساجد مسابقات حفظ القرآن الكريم وتسند الجوائز للفائزين ويكرّم المتفوقون.