استطاعت هيلاري كلينتون تجاوز عتبة الـ2383 مندوبًا المتطلبة لانتزاع ترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية، لتصبح أول امرأة في التاريخ الأمريكي تترشح للرئاسة من منصة حزب كبير، وفقًا لما نقلته صحيفة الغارديان في تقرير لها عن وكالة الأسوشيتد مساء الاثنين.
ولكن “موجة الدعم التي تلقتها كلينتون في اللحظات الأخيرة من كبار المندوبين”، كما وصفتها الأسوشيتد برس، تم الطعن بها على الفور من قِبل حملة المرشح المنافس بيرني ساندرز، والذي جادل بأن كلينتون لم تصل إلى العتبة الحاسمة لأنها عوّلت على كبار المندوبين الذين تعهدوا بإدلاء أصواتهم لها لإعلان ظفرها بالترشيح الجمهوري، كما أعلن ساندرز أيضًا بأنه سيواصل حملته الرئاسية الساعية لاقتناص ترشيح الحزب من خلال مؤتمر الحزب الديمقراطي المقرر عقده في يوليو القادم.
على صعيد متصل، وصف المتحدث باسم حملة ساندرز الانتخابية، مايكل بريغز، التقرير الذي أعلن فوز كلينتون بترشيح الحزب الديمقراطي بـ”المتسرع”، لأنه “يعتمد على أصوات كبار المندوبين ضمن اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي ذاته، وهي الأصوات التي لا ينبغي احتسابها لأنهم لم يدلوا بها أصلًا”، موضحًا إمكانية تغيّر تلك النتائج تبعًا لعدول كبار المندوبين عن تعهدهم بالتصويت لكلينتون قبل بدء التصويت في 25 يوليو القادم.
بالمقابل، صرّحت كلينتون، التي حصدت أصواتًا شعبية تفوق -حتى الآن- منافسها ساندرز بحوالي 3 ملايين صوتًا فضلًا عن تقدمها عليه بنحو300 تعهدًا من قبل المندوبين، بأن كبار المندوبين الحزبيين، وهم كبار مسؤولي الحزب الديمقراطي الغير ملزمين بنتائج التصويت في أي ولاية، لن يتخلوا عن تعهداتهم لها بشكل جماعي، حيث لا يبدو في الوقت الراهن وجود أي حركة من هذا القبيل جارية على قدم وساق.
ولكن مع ذلك، أشارت حملة كلينتون بأنها ستؤجل إعلان النصر حتى انتهاء التصويت في ولاية كاليفورنيا وخمسة انتخابات تمهيدية أخرى ستجري اليوم الثلاثاء؛ حيث أوضح مدير حملة كلينتون الانتخابية، روبي موك، خلال ظهوره الأخير على وسائل الإعلام، بأن الأخبار الواردة عن كبار المندوبين كانت “مثيرة للغاية”، لكنه تابع مؤكدًا بأن المرشحة الرئاسية لن تعتبر نصرها نهائيًا ومُسلّمًا به قبل الانتخابات التمهيدية اليوم.
ظهرت الأخبار التي حول انتزاع كلينتون لعتبة الأصوات المطلوبة خلال اجتماع لها أُقيم في ولاية كاليفورنيا، وذلك أثناء إلقاء وزيرة الخارجية السابقة لخطاب مباشر خلال تجمع انتخابي أساسي ما قبل أخير، ومن الجدير بالذكر بأنه حتى لو كانت كلينتون تدرك مسبقًا بأنها بلغت العدد السحري للمندوبين المطلوبين، إلا أنها لم تصرّح بذلك بشكل مباشر على خشبة المسرح، واكتفت بالقول: “وفقًا للأنباء، نحن على شفا لحظة تاريخية”.
لكن مع ذلك، فإن خطابها كان يحمل طعم الانتصار في لهجته، فأمام الحشد المؤلف من نحو 1000 شخصًا في كلية مدينة لونغ بيتش، قالت كلينتون: “لا يزال أمامنا عمل كثير لنقوم به، سنحارب جاهدين لاغتنام كل صوت، خاصة هنا في كاليفورنيا”.
من تجمع كلينتون الانتخابي الأخير في لونغ بيتش بكاليفورنيا.
يبدو بأن كلينتون قد استطاعت جمع ما لا يقل عن عشرات التعهدات من كبار المندوبين في الحزب الديمقراطي في وقت متأخر يوم الاثنين، وذلك بعد أن استطاعت رفع عدد أصوات المندوبين التي حصلت عليها إلى 2360 مندوبًا خلال تصويتات عطلة نهاية الأسبوع في جزر فيرجن وبورتوريكو.
وتعليقاً على ذلك، ألمحت كلينتون بأنها تتوقع اكتساح العقبة “التاريخية” من خلال اغتنامها لأول ترشيح أنثوي من منصة حزب سياسي أمريكي كبير مساء اليوم الثلاثاء، بعد أن بدأ توارد النتائج من المسابقات الديمقراطية التي جرت ضمن ست ولايات.
يبدو من المرجح للغاية أن تستطيع كلينتون الظفر بغالبية أصوات المندوبين اليوم الثلاثاء، وحتى لو تبين ضعف أداء المرشحة الرئاسية خلال الجولات المقبلة، فإن احتفاظها بأصوات 1812 مندوبًا حاليًا يتركها أدنى من المعدل المطلوب بـ214 صوتًا فقط، من أصل حوالي 700 مندوبًا سيتم وضع أصواتهم على المحك اليوم.
بالنسبة لكلينتون، لم يكن توقيت إذاعة خبر اغتنام ترشيح الحزب الديمقراطي مثاليًا، لأن مرشحة الحزب الديمقراطي الأوفر حظًا كانت تخطط لتأجيل إعلان فوزها بترشيح الحزب، حيث كان من المتوقع على نطاق واسع بأنها ستعلن النصر في كامل سباق الترشيح بعد التصويت في ولاية كاليفورنيا، نيو جيرسي، مونتانا، داكوتا الشمالية، داكوتا الجنوبية ونيو مكسيكو، الولايات التي تتضمن أصوات 700 مندوبًا بمجموعها.
في سياق متصل، من المتوقع أن يؤيد أوباما، الذي لا يزال يمتلك تأثيرًا كبيرًا في صفوف الحزب الديمقراطي، كلينتون في الأيام المقبلة، حيث تشير التقارير إلى إعداد خطط بديلة لإقناع ساندرز بالتنحي من سباق الحزب الديمقراطي ليسمح لكلينتون بالتركيز على حملة الانتخابات العامة ضد ترامب.
ومن الجدير بالذكر، بأن كلينتون ذاتها أطلقت أقوى إشارة حتى الآن لدفع ساندرز للتنازل عن السباق في وقت سابق من يوم الاثنين، عندما قارنت الوضع الحالي بشكل مباشر مع قرارها الذي اتخذته في عام 2008 بالتنازل لأوباما عن سباق الترشيح، حيث صرّحت قائلة: “غدًا يصادف ذكرى مرور ثماني سنوات من انسحابي وتأييدي للسيناتور حينئذ أوباما، لقد كنت أعتقد بأن هذا هو الأمر الصحيح الذي ينبغي القيام به، حيث تبدو الاختلافات الطويلة ما بيني وبين أوباما باهتة بالمقارنة مع الخلافات التي نحوزها تجاه الجمهوريين”.
كلينتون تتحدث في كومبتون بكاليفورنيا حول انسحابها من سباق الترشيح الديمقراطي في عام 2008 لصالح أوباما.
لطالما اُعتبرت كلينتون المرشحة الأوفر حظًا في السباق الرئاسي، ولكن يبدو بأن حملة ساندرز بدأت تشكل تهديدًا خطيرًا لها من خلال اعتماده على الدعم الشعبي المتوازي مع جهوده المبذولة لجمع التبرعات من الجهات المانحة الصغيرة، ومن خلال علاقاته القوية في ولاية أيوا وفوزه الساحق في نيو هامبشاير، بدا لوهلة بأن ساندرز يشكّل تهديدًا حقيقيًا لانتزاع الترشيح من وزيرة الخارجية السابقة، ولكن، بعد الخسارة الضيقة التي تلقاها في ولاية نيفادا، تليها الهزيمة الكبرى في ولاية كارولينا الجنوبية، لم يتمكن سيناتور ولاية فيرمونت من اللحاق مرة أخرى بمنافسته كلينتون.
ولكن مع ذلك، لم تستطع كلينتون إطفاء جذوة حملة ساندرز الثورية، حيث استطاع عضو مجلس الشيوخ من ولاية فيرمونت قلب خسائره في سباقات يوم الثلاثاء الكبير في 1 مارس من خلال فوزه بتجمع بعد آخر من خلال التنظيم الدقيق للحملة التي يقودها الناشط المخضرم بريندان سامرز، وبقيت نتيجة سباق الترشيح الحزبي متأرجحة حتى اليوم، حيث استطاع ساندرز كسب ما يكفي من الأصوات للاستمرار في حملته، ولكن تزامن ذلك مع توسع الفجوة بينه وبين كلينتون في أصوات المندوبين.
تزامن انتشار أخبار ظفر كلينتون بسباق الحزب الديمقراطي مع تحضير ساندرز لتجمع كبير أمام جسر البوابة الذهبية في سان فرانسيسكو، وحينها بدت خيبة الأمل واضحة على وجوه مؤيدي ساندرز الذين وصلوا لحضور اجتماع حاشد بمناسبة تصعيد حملته الانتخابية، ليكتشفوا بأن حملة مرشحهم قد انتهت على أرض الواقع.
ولكن من جهة أخرى، لا يزال الكثير من أنصار ساندرز يصرّون على أن السباق لم ينته بعد، مؤكدين على ضرورة خوض مرشحهم للمؤتمر الحزبي في يوليو على أمل إقناع كبار المندوبين بتحويل أصواتهم إليه، كما انتقد العديد منهم فكرة نشر أخبار انتصار كلينتون من منصات وكالات الأنباء، ملمحين إلى احتمالات التآمر والتواطؤ.
“أعتقد بأن وسائل الإعلام تقوم بكافة ما في وسعها لإيقاف بيرني، ومن خلال نشرها لأخبار فوز هيلاري اليوم، عملت على ثني الناخبين عن التصويت غدًا”، قالت ميشيل ألين، 45 عامًا، أحد مؤيدي ساندرز، وتابعت: “الأمر لم ينتهِ بعد، سنتجه إلى التصويت، وأعتقد بأن على بيرني ألا يستسلم حتى خوض المؤتمر الحزبي”.