تناولت افتتاحية صحيفة نيويورك تايمز أمس الأربعاء أزمة التطهير العرقي الذي يواجهه مسلمي الروهينغا في ميانمار، وقالت الصحيفة الأمريكية الأشهر أن المشاعر المعادية للمسلمين في ميانمار تهدد بعرقلة التقدم الذي خطته البلاد نحو الديمقراطية منذ أن تنحى المجلس العسكري الحاكم عن السلطة في ٢٠١١. في يونيو/ حزيران الماضي، وفي ولاية راكان حدث هجوم دموي على الأقلية المسلمة (مسلمي الروهينغا) أدى إلى مقتل المئات وفرار عشرات الآلاف من منازلهم.
في أكتوبر من هذا العام، هاجم الغوغاء والعصابات المسلحة المسلمين في حالة من الهياج الشديد الذي وصل لقتل جدة عمرها ٩٤ عاما من بين مئات الضحايا الآخرين.
أعداد الضحايا من الجانب البوذي كانت أقل كثيرا من ذلك أثناء رد الأقلية المسلمة. مئات الآلاف من المسلمين هربوا من ميانمار ذات الأغلبية البوذية، باحثين عن اللجوء في دول إسلامية مثل بنغلادش وماليزيا، بعضهم قُبلوا كلاجئين وآلاف آخرين أُجبروا على العودة إلى مخيمات داخل ميانمار حيث لا يمكن اعتبارهم أكثر من مسجونين افتراضيين، وحيث مُنعت المنظمات الحقوقية ونشطاء حقوق الإنسان من الدخول إلى تلك المعسكرات.
مجموعة من الرهبان البوذيين الراديكاليين المعروفين باسم 969 وزعيمهم آشين ويراثو هم المسؤولون بشكل أساسي عن إذكاء الهيستيريا المعادية للمسلمين. ولكن الحكومة في ميانمار متواطئة وتقع تحت طائلة المسؤولية كذلك، فعلى الرغم من الالتزام المعلن بحماية حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية وسيادة القانون; لم تتخذ الحكومة أي إجراء حقيقي لمعالجة العنف أو وقف خطاب الكراهية.
في شهر مايو الماضي تم إعادة قانون يحد الروهينغا المسلمين من إنجاب أكثر من طفلين، وهو انتهاك مباشر لحقوق الإنسان الأساسية.
وكانت زعيمة المعارضة في ميانمار، داو أونغ سان سو تشي، والمتوقع أن تترشح للانتخابات الرئاسية لعام ٢٠١٥ في بلادها، التزمت الصمت بشكل مأساوي. بل على العكس، لقد دعمت الحكومة عبر رفضها تقريرا لهيومان رايتس ووتش نُشر في إبريل/ نيسان الماضي يقول بأن المحنة التي يتعرض لها الروهينغا تصل إلى درجة التطهير العرقي الذي تدعمه الدولة.
الأمم المتحدة مررت قرارا في ٢١ نوفمبر / تشرين الأول يدعو ميانمار لمنح الجنسية لمسلمي آراكان الذين ترفض حكومة بلادهم منحهم إياها بموجب قانون صدر في ١٩٨٢، حكومة ميانمار رفضت القرار.
وكانت قد نشرت الصحيفة في يوليو/تموز الماضي تقريرا مطولا لمراسلتها من بنغلاديش عن أوضاع مسلمي الروهنغا في ميانمار وما يتعرضون له من قتل وتشريد يرقى إلى “التطهير العرقي” وقالت إنه ورغم مضي ميانمار خطوات في طريق الديمقراطية فإن أوضاع المسلمين تدهورت أكثر.
ففي قرى ولاية أراكان قرب الحدود مع بنغلاديش بدأت في يونيو/حزيران الماضي مذبحة ضد السكان المسلمين الذين يُعرفون بالروهينغا.
وفي منتصف يونيو/حزيران الماضي وباسم وقف العنف أعلنت الحكومة حالة الطوارئ، لكنها استخدمت قوات أمن حدودها لحرق المنازل وقتل الرجال وإجلاء الروهنغا من قراهم.
الصحيفة ختمت افتتاحيتها أمس بدعوة الرئيس إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان ضد الروهينغا ومحاسبة المسؤولين والسماح للمنظمات الإنسانية والحقوقية بالوصول إلى معسكرات الاعتقال (أو اللجوء)، لكن المفارقة أن رئيس ميانمار ثاين سين ألمح في يوليو/ تموز إلى أن بلاده تستطيع إنهاء الأزمة “بطرد جميع الروهينغا المسلمين أو بإقناع الأمم المتحدة بإعادة توطينهم” في أماكن أخرى، وهو اقتراح رفضه أحد مسؤولي الأمم المتحدة على الفور.
وفي ميانمار (التي تُعرف كذلك باسم بورما) يزيد عدد السكان عن 55 مليون نسمة، لا تقل نسبة المسلمين فيه عن 15% من مجموع السكان، نصفُهم في إقليم أراكان – ذي الأغلبية المسلمة.