أعلنت الأمم المتحدة إدراج مكافحة ختان الإناث ضمن أولوياتها في خطتها 2016-2030، وتحديدًا الهدف الخامس الذي ينص على المساواة والتخلص من كل أشكال العنف القائم على التمييز الجنسي، حيث إن ختان الإناث مازال منتشرًا في 30 دولة حول العالم، من بينها مصر، والتي ارتفعت فيها النسبة إلى 75% من الفتيات في الريف المصري قد تعرضن إلى عملية ختان، بينما تنخفض في الحضر لتصل إلى 31% بحسب تقارير الأمم المتحدة الأخيرة.
فجرت ضحية عملية الختان التي توفت منذ أيام في محافظة السويس في مصر قضية تشويه الأعضاء التناسلية للإناث المستمر منذ القدم وحتى الآن في نسبة كبيرة من المجتمع المصري، وسلطت الضوء على المحاسبة القانونية لمرتكبي عملية الختان سواء كانوا أفرادًا عاديين أو أطباءً، من الممكن أن يسمع بعضكم اللفظ لأول مرة، ولا يعرف ما هو ختان الإناث وما أضراره ومضاعفاته، ولماذا عملية كعملية تشويه الأعضاء التناسلية من الممكن أن تكون مستمرة ومقبولة اجتماعيًا بهذا الشكل حتى الآن.
ختان الإناث هو الأمر غير المسموح للإناث التحدث فيه، ولا الاختيار فيه، وهو ما يجعله نوعًا من أنواع الاعتداء الجنسي على الأطفال أو القاصرات، حيث يتم الأمر في أي عمر للفتاة، وفي الأغلب يحدث عندما تبلغ، فيتم إقناع الفتاة بأنها عملية تحدث لجميع الفتيات في هذه السن، ويتم التلاعب بالموضوع وإخبارها بأنها ذاهبة للاستمتاع بوقتها مع بقية الفتيات، وذلك لأن العملية تتم بشكل جماعي في أغلب الأوقات، وذلك زعمًا بتقليل الألم النفسي على الفتاة، كما يتم في جو احتفالي، ليشعروا الفتاة بأن الأمر مقبول كليًا، بل وسيتم الاحتفال به.
تختلف العملية من دولة إلى دولة ومن ثقافة إلى ثقافة، فالختان له أنواع أربعة، يتم تقسيمها بحسب الأجزاء المبتورة ومقدار الأنسجة (بظر وأنسجة أخرى) التي يتم تشوييها أو التخلص منها، قسمت منظمة الصحة العالمية النوع الأول إلى نوعين فرعيين:
النوع الأول: ويتضمن إزالة غطاء البظر فقط وهذا النوع نادرًا ما يتم إجراؤه وحده، النوع الأكثر شيوعًا هو النوع الفرعي الثاني وهو يتضمن إزالة جزء أو كل البظر بالإضافة إلى القلفة.
النوع الثاني: ويتضمن إزالة كلية أو جزئية للبظر والشفرين الصغيرين مع أو بدون إزالة الشفرين الكبيرين.
النوع الثالث :هو مايعرف بالختان الفرعوني وهو أحد أسوأ أنواع الختان، حيث يتم فيه إزالة كل الأعضاء التناسلية الأنثوية الخارجية، وترك فتحة صغيرة (2-3 مم) لمرور البول والدم، الفتحة التي تترك يتم عملها بإدخال شيء ما في الجرح قبل أن يلتئم، وبعض المناطق تستخدم أدوات تقليدية كغصون الأشجار أو أحجار أو غيرها، أو قد يتم استخدام الخيوط الجراحية للخياطة.
النوع الرابع: هذا النوع يشمل طيفًا واسعًا من العمليات والأفعال التي تجرى للأعضاء التناسلية الأنثوية، عرفته منظمة الصحة العالمية بأنه جميع الإجراءات الأخرى الضارة للأعضاء التناسلية الأنثوية التي تجرى دون سبب طبي كالكي والوخز والشق والثقب والكشط وغيرها.
يمكن أن تتم العملية في غرفة منزل عادية، وبسكين المطبخ المُستعمل، كما أنها من الممكن أن تتم بالإجبار، وبتقييد الفتاة من كلتا يديها ورجليها منعًا لهروبها عند رؤيتها للعملية تحدث لفتيات مثلها أمام أعينها، قبل أن نذكر المضاعفات الجسدية والمخاطر المرضية المصاحبة لعملية ختان الإناث، يمكن أن نذكر الصدمة النفسية والأعراض النفسية التي تصاحب ضحية الختان بعد إجبارها على العملية.
يمكننا أن نعد ونحصي المضاعفات الجسدية الخطيرة لعملية ختان الإناث، إلا أن المعظم يغفل أثر الصدمة النفسية على الفتاة، والتي لا تنساها طوال حياتها، حتى ولو تمت العملية تحت أثر المخدر، فأصل العملية هو قطع جزء من جسد الفتاة، والذي تعتبره الفتاة وكأنه سلخ جزء من لحمها على يد طبيب أو على يد امرأة من الممكن أن تكون جارتها، ناهيك عن الألم الحاد المصاحب للنزيف، فبعض الفتيات تنزف حتى الموت، والبعض يموت فجأة، بدون سابق إنذار، من الخوف الشديد والفزع من الألم الذي تخيلته غير قابل للتحمل.
أما عن المضاعفات الجسدية، وهي كلها أعراض أجمعت عليها منظمة الصحة العالمية، فختان الإناث ليس له أي فوائد صحية، كما أنه له مضاعفات مباشرة ومضاعفات متأخرة، تعتمد تلك المضاعفات على عدة عوامل ومنها النوع الذي تم إجراؤه وطبيعة المكان الذي تم إجراء تلك العملية فيه، ومهارة الشخص الذي قام بذلك الإجراء، وما إذا استخدمت أدوات معقمة أم لا، وكذلك توفر المضادات الحيوية والخيوط الجراحية، وكيف تم عمل الفتحة في الختان الفرعوني، وهل تلك الفتحة كافية لعبور البول والدم.
المضاعفات المباشرة تتضمن النزيف المميت والاحتباس البولي الحاد وعدوى المسالك البولية وعدوى الجروح وتسمم الدم والتيتانوس وإمكانية انتقال الالتهاب الكبدي والإيدز، في حالة أن الأدوات المستخدمة لم تكن معقمة.
المضاعفات المتأخرة تختلف حسب نوع الإجراء الذي تم استخدامه لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، لكنها تتضمن ندوب وقد يؤدي ذلك إلى تضييق أو إغلاق أو تشكيل ناسور بين المسالك البولية والتناسلية، قد يحصل أضرار لمجرى البول وكذلك الالتهابات المتكررة للجهاز البولي وسلس البول وكذلك التهابات مهبلية والتهابات وألم في الحوض، آلام متكررة خلال الدورة الشهرية وألم أثناء الجماع وقد يؤدي ذلك إلى العقم، وكذلك قلة الإحساس بالمتعة والشهوة الجنسية أثناء الجماع.
ماذا عن القبول المجتمعي؟
شنّت الأمم المتحدة حملة اجتماعية للتوعية بمخاطر الختان مؤخرًا في قرى مصر حيث ترتفع نسبة الختان فيه إلى 75%، كما صوّرت فيها بعض الأسباب التي قد تدفع المجتمع إلى إجراء تلك العملية على فتياتهم حتى الآن ومنها الصور الآتية:
هذه عبارة شائعة وحقيقة طبية اخترعها المجتمع ليصدقها، وهي أن عملية الختان تقلل من الشهوة الجنسية لدى المرأة، وبالتالي لا تقع في علاقات خارج حدود الزواج، ولا تقوم بالزنا، الختان لا يقلل من الشهوة الجنسية، الختان يعدم الشهوة الجنسية عند المرأة وبالتالي سيؤثر سلبًا على علاقتها الزوجية حيث من الممكن أن تكون العلاقة الزوجية لها مصدر للألم فحسب.
الاعتقاد الشائع الآخر هو حماية للفتاة من شك زوجها فيها أو شك أهل زوجها فيها، نظرًا للاعتقاد السائد بأن الفتاة غير المختونة لا تتمتع بالعفة والطهارة كما الحال في الفتاة المختونة.
الاعتقاد الآخر بأنه إذا ما تمت العملية عند طبيب وبمخدر موضعي للفتاة فستمر العملية بسلام وبدون ألم، ولن يسبب لها مضاعفات مرضية أو جسدية كما الحال في العمليات التي تتم في المنازل وعلى أيدي الأهل أنفسهم، إلا أنه لا يمنع المضاعفات المتأخرة التي تحدث للفتاة بما يتعلق بالدورة الشهرية أو علاقتها الحميمية مع زوجها، بالإضافة إلى آلام مبرحة عند الولادة، أو العقم كما يحدث في العديد من الحالات.
الختان ليس إلا عادة قبلية قديمة الأزل، ومازالت متداولة اعتمادًا على مفاهيم طبية خاطئة، ومفاهيم مجتمعية من الممكن وصفها بالمريضة، يمكنك الآن سؤال ضحايا عملية الختان في احتمالية تكرارهم تلك العملية لفتياتهن في المستقبل، وستجد أن الإجابة ستكون بالرفض القاطع.