في الساعات القليلة التي سبقت إعدام عبد القادر مولا، والتي تأجل فيها قرار التنفيذ عدة مرات، كتب أحد المثقفين الأتراك: “وهناك مانديلا آخر بالنسبة لنا، أرجو أن لا يكون قد أُعدم وأنتم تقرأون هذه السطور، إنه عبد القادر مولا البنغالي”، مضيفا: “ما واجهته الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر، يُطبق اليوم على الجماعة الإسلامية في بنغلاديش، كما يحدث اليوم في مصر أيضًا، مولا قد يكون أُعدم أو على وشك الإعدام.. نذرف الدموع، وندعو ونبتهل لأجل هؤلاء، فهم يموتون مرة ليعيشوا أبدًا”.
وغير عابئة بالاتصالات الدولية التي كان آخرها من رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، والذي حذر رئيسة الوزراء البنغالية الشيخة حسينة من خطورة تنفيذ هذا الحكم ومن أنه سيعود بالبلاد إلى حالة الفوضى والاحتقان والأعمال الدموية، نفذت السلطات في بنغلادش، حكم الإعدام شنقا بحق مساعد الأمين العام لحزب الجماعة الإسلامية “عبد القادر ملا”.
وتعليقا منه على تنفيذ حكم الإعدام على عبد القادر مولا، قال الأمين العام لحزب الجماعة الإسلامية الباكستانية، لياقت بلوتش، لوكالة الأناضول: “بهذا الإعدام أُعدمت العدالة والإنصاف”، مضيفا: “التهم المنسوبة لملا لا أساس لها، لكننا كمسلمين نؤمن بأن الموت في يد الله تعالى، ولقد من الله على أخي بالشهادة”، مؤكدا أن الجماعة ستنظم عددا من التظاهرات اليوم الجمعة للتنديد بذلك الحكم، بعد أداء صلاة الغائب على روح ملا.
ويعتبر ملا أحد أهم خمسة قادة إسلاميين أصدرت “محكمة الجرائم الدولية في بنغلاديش” أحكاما بإعدامهم، متهمة إياهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال صراع الانفصال عن باكستان سنة 1971، والذي يقدر عدد من قتل فيه بنحو ثلاثة ملايين شخص، حيث انقسم البنغاليون إلى قسمين، قسم رافض للانفصال ومدعوم من باكستان، وهم الإسلاميون، وقسم آخر داعم للانفصال ومدعوم من الهند، وقاده آن ذاك الشيخ مجيب الرحمن، والد رئيسة الوزراء الحالية، الشيخة حسينة واجد.
ومن جانبه قال مارتن نسيركي، الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة، لوكالة الأناضول أن “الأمم المتحدة ضد تنفيذ عقوبة الإعدام”، مضيفا: “لقد ابلغنا هذا الرأي للسلطات البنغالية في وقائع مختلفة كان آخرها قبل إعدام ملا”، موضحا أن بان كي مون تحدث، قبل يوم من إعدام ملا، مع الرئيس البنغالي ورئيس حكومته.
وبدورها، حذرت ماري هارف، الناطقة باسم الخارجية الأميركية، مما يمكن أن تشهده بنغلاديش بعد تنفيذ عقوبة الإعدام بحق عبد القادر ملا، مشيرة إلى أن بلادها طالبت “كافة الأطراف بالاحتكام إلى العقل والبعد عن العنف”، موضحة أنهم ناشدوا مرارا وتكرارا المسؤولين البنغال، بضرورة إجراء المحاكمات بشكل يتسم بالحرية والشفافية، ووفق المعايير الدولية.
وتقع جمهورية بنجلاديش الشعبية في جنوب شرق قارة آسيا، حيث تحدها الهند من كل الجهات ما عدا جهة أقصى الجنوب الشرقي، والتي تحدها منها بورما (ميانمار)، وانفصلت عن باكستان في سنة 1971، وعاشت بعدها سنوات من المجاعات والكوارث الطبيعية، كما انتشر في أنحائها الفقر والاضطرابات السياسية وعاشت عددا من الانقلابات العسكرية والانقلابات المضادة، وبدأت تعيش استقرارا نسبيا في سنة 1991 بعد دخولها في عملية انتقال ديمقراطي.
وتتشكل الساحة السياسية البنغالية، من حزبين رئيسيين، هما عصبة أوامي البنجلاديشية، والذي تقوده الشيخة حسينة ممثلة عن التيارات اليسارية والعلمانية، والثاني هو الحزب الوطني البنجلاديشي، والذي تقوده خالدة ضياء والتي وحلفاؤها من الأحزاب الإسلامية، مثل الجماعة الإسلامية البنجلاديشية وجماعة أويكا جوتا الإسلامية، وفي 29 ديسمبر من عام 2008، حصلت عصبة أوامي ومعها الشيخة حسينة على 230 مقعدًا من بين 300 مقعد في البرلمان.