“ألو… جدة ” كاميرا خفية تونسية، تبث في ليالي شهر رمضان في قناة تونسية خاصة، تستهدف السياسيين والإعلاميين لتضعهم في مواجهة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في اتصال مباشر (اتصال مقلد) من جدة لكشف مواقفهم وردود أفعالهم المختلفة، برنامج كشف العديد ونزع عنهم قناع الثورية في لحظات بسطوا خلالها جناح الذل للديكتاتور، غير أن العديد من التونسيين اعتبروا هذا البرنامج وإن كان في ظاهره فكاهيًا وترفيهيًا، فإنه غير بريء وأعد لقياس ردة فعل التونسيين تجاه فكرة رجوع بن علي وتوجيه الرأي العام هناك.
برنامج شغل الرأي العام التونسي ومواقع التواصل الاجتماعي، ليس لجماله أو خفته، بل للغاية التي بث من أجلها، فالعديد أكدوا أن الغاية منه التطبيع مع رموز النظام السابق وفي مقدمتهم المخلوع بن علي والتحضير لعودتهم لتونس.
الحلقة الأولى للبرنامج كان ضيفها النائب السابق في المجلس الوطني التأسيسي إبراهيم القصاص، القصاص كان في السابق يهاجم المخلوع بن علي، لكنه في هذه الحلقة بمجرد سماع صوته (المخلوع)، تفاجأ وقال لمقدم البرنامج إنه لا يجب أن نسيء الأدب مع الرئيس السابق ويجب أن نحفظ المقامات وننعته بالرئيس السابق زين العابدين بن على.
التونسي خلف صعدلي اعتبر هذا البرنامج لعبة خبيثة من صاحب القناة الخاصة التي تبثه وكتب تعليقًا في الصفحة الرسمية للقناة التي تبثه أسفل الإشهار الخاص بالبرنامج “ألو جدة”: “ليست مجرد حلقة رمضانية للترفيه والمتعة بقدر ماهي لعبة خبيثة لبن غربية ليظهر ولي نعمته بن علي في شكل الملاك الطاهر البريء، خسئتم وخسئت أعمالكم وإعلامكم”.
في نفس الصفحة كتب شخص اختار لنفسه اسم “أبو العلاء المعري”: “لهذا البرنامج ثلاثة أهداف على الأقل، اثنان واضحان قريبان وهدف بعيد المدى: الأول كشف المنافقين وتصفية الحسابات، والثاني تحقيق الشهرة واستعادة نشاط القناة وتحقيق الأرباح، والثالث خلق جو نفسي ملائم لطرح ملف بن علي، محاسبته وعودته بل والاعتذار له”.
وتتضمن الكاميرا الخفية “ألو جدة” حوارًا يدور بين أحد السياسيين وبن علي عبر اتصال هاتفي من جدة وكل ضيف يكشف عن علاقته الباطنية ببن علي وممن حضر في هذا البرنامج القيادي بحركة والقيادية في حزب التيار الديمقراطي سامية عبو وآخرين.
وكتبت صفحة تدعى “التصدي لقوى الردة والفساد”تنتقد البرنامج والقائمين عليه: “برنامج آلو جدة على قناة التاسعة هو برنامج يراد به خلق رأي عام لصالح بن علي وتطبيع معه في ذهنية التونسي، ولذلك هو برنامج في ظاهره إضحاك للمتفرج ولكن في باطنه ضحك على ذقون أنصار الثورة وجس لنبض التونسي الذي لا يمثله إلا لحاس أو قواد أو منافق! أظن أن هذا الأمر إذا ما تواصل سيتلوه مجيء للمخلوع فعلاً! بحجة أن كل الناس تسرق حتى بعد الثورة! إذن أصبحت السرقة في ذهن التونسي شيئًا عاديًا، فلِما ينفى زعبع على شيء يمارسه الجميع، هذا ما يريدون غرسه في أذهاننا والله أعلم”.
من جهتها شكك المشرفون على صفحة “ديما سكوب” بنوايا القائمين على البرنامج وغاياتهم منه وحذرت من البرنامج، وجاء في الصفحة “من البلاهة الاعتقاد أن ما يقدمه ذلك المريض النفسي هو مجرد برنامج عادي، إنه مخطط واضح مع أطراف وبعض الضيوف للتحضير للعودة الفعلية لبن علي بعد تبيضه – مع وجود ضيوف تلقائيين يعني أنهم حضروا للبرنامج دون علمهم بما يحضروا لهم -“.
على غرار العرائس التي قدمها في برنامج التاسعة مساءً والتي كانت تقدم على أنها مقاطع فكاهية لكن أهدافها كانت مدروسة وهي تشويه رموز الترويكا والترويج للباجي قايد السبسي حذاري، حذاري، إنه مخطط دنيء يحضر على نار هادئة”.
بدورها انتقدت الصحفية التونسية جهان الواتي البرنامج وشككت في نواياه والأجندات السياسية التي خلفه وكتبت في صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: “الكاميرا الخفية… والأجندات السياسية ألو جدة نموذجًا”.
البعض الآخر من التونسيين رأى في برنامج “ألو جدة” تهاويًا للأقنعة وتساقطًا للمبادئ والأخلاق وتناثرًا لها وكشفًا لحنين سياسيين للمخلوع وبكائهم على الأطلال.
في هذا الشأن كتبت التونسيةابتهال الوريمي تدوينة في صفحتها الخاصة على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك تنتقد فيها السياسيين الذين كشفوا عن أقنعتهم: “برنامج ألو جدة الذي يتظاهر فیه المذیع أن المخلوع على الهاتف یکشف معادن السیاسیین ویفضح الخونة والقوادة”.
ونشرت صفحة “شبكة رصد التونسية” صورة لأحد الإعلاميين الذين استضافهم البرنامج وأبدوا حنينهم لبن علي وأسفهم على رحيله، وعلق المشرف على الصفحة على هذه الصورة بـ “بدأت الأقنعة تسقط.. عرفتوا توا علاش المخلوع قعد 23 سنة على الكرسي وقبلوا بورقيبة 30 سنة؟؟؟ “هل عرفتم الآن لماذا بقي المخلوع بن علي في الحكم 23 سنة وقبله بورقيبة 30 سنة؟”.
الصادق الحداد اعتبر أن برنامج “ألو جدة” نجح في إسقاط الأقنعة وكشف مدعي الثورية والمخبرين زمن بن علي، مؤكدًا أن بن علي لم يكن ليحكم طوال هذه السنوات لولا هؤلاء الأشخاص الفاسدين حسب وصفه، الحداد كتب في صفحته الخاصة تدوينة جاء فيها “كنت على قناعة وازددت اقتناعًا أنه ما كان بمقدور الديكتاتور الهارب أن يحكمنا طوال المدة التي تسلط فيها على رقابنا لولا جيش المخبرين والمتمعشين والفاسدين والمفسدين… الثورجيون مدعو الثورية الذين صدعوا رؤوسنا بعد الثورة ويكادون يقنعوننا بأنهم من أسقط الديكتاتور وبأنهم كانوا يناضلون بطريقتهم سرعان ما بان زيف خطابهم وسقطت الأقنعة عن وجوههم القبيحة فإذا هم على نفس الولاء لولي النعمة وإذا هم يرتجفون خوفًا ممن صنعهم حتى وهو هناااااااااك بعيدًا”.