تتجهز الهند لتكون دولة عظمى تنافس الدول الكبيرة على قسمة الاقتصاد العالمي، فالصين لم تستطع تحقيق معدلات نمو عالية في السنتين الماضيتين كما جرت العادة، حيث جاءت التوقعات مخيبة للآمال بعد تسجيل معدل نمو بلغ 6.9% يعد الأكثر انخفاضًا منذ ربع قرن، أدى ذلك لاجتياح موجات رعب الأسواق المالية الصينية والعالمية تخوفًا من انكماش يصيب الاقتصاد الصيني ثاني أكبر اقتصاد في العالم ومن أكبر المستوردين للطاقة والعديد من المنتجات.
وضع الاقتصاد الصيني يشابه ما كان عليه الاقتصاد الأمريكي قبيل الأزمة المالية العالمية 2008، فأزمة الدين في الولايات المتحدة أدت لانهيار المصارف والبورصات، بينما يحيق بالاقتصاد الصيني أزمة دين مشابهة، حيث كشفت دراسات مؤخرًا حجم الخطر الذي يحيط بالاقتصاد الصيني بعد ارتفاع حجم الدين العام إلى 250% من حجم الناتج المحلي، وهو ما ينبئ بحدوث صدمة في حال قررت الحكومة الصينية معالجة حجم الدين ما سيؤدي لانخفاض معدلات النمو أكثر أو في حال أرغمت على تطبيق قوانين اقتصادية تتوافق مع الاقتصاد العالمي ما قد يؤدي إلى ارتفاع قيمة عملتها وبالتالي فقدان الميزة التنافسية التي تتمتع بها المنتجات الصينية.
ودللت الدراسات على أن حجم الفقاعة المتشكلة في أسواق الأسهم الصينية أصبح كبيرًا ويخشى من انفجارها في أي وقت، وقد حدث في منتصف العام الماضي انهيار كبير في أسواق الأسهم أدت لإغلاق البورصات ومنع الحكومة المستثمرين من البيع.
الهند القوة الصاعدة
نما الاقتصاد الهندي السنة الماضية 2015 بمعدل 7.50% وهوالأكبر عالميًا وأسرع من أداء الصين في نفس العام وتتوقع الحكومة الهندية تحقيق نمو 7.6% في العام الجاري، في الوقت الذي لا ترضي هذه المعدلات الحكومة والرأي العام بحسب ما صرح به وزير المالية الهندي في اجتماع صندوق النقد والبنك الدوليين في شهر أبريل/ نيسان الماضي، حيث صرح أنه على الهند تحقيق معدلات نمو أعلى.
الاقتصاد الهندي ضمن أكبر 20 اقتصادًا في العالم حسب منظمة التجارة الدولية، وعضو في مجموعة العشرين لأكبر اقتصاديات العالم، بالإضافة أنها عضو في مجموعة دول البريكس التي تضم بالإضافة للهند الصين والبرازيل وروسيا وجنوب إفريقيا.
يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي 2050 ترليون دولار بحسب البيانات الرسمية عام 2015 وغادر 137 مليون شخص الفقر بحلول العالم الماضي إذ بلغ عدد الفقراء 270 مليون فقيرًا متراجعًا من نحو 400 مليون في العام 2005.
وتعد الخدمات التكنولوجية والمعلوماتية واجهة الاقتصاد الهندي وصاحبة أعلى مشاركة في الاقتصاد؛ حيث بلغت صادرات الهند 465 مليار دولار منها 155 مليار في البرمجيات حسب بيانات العام 2015، وتبلغ مساهمة الزراعة 25% من الناتج المحلي الإجمالي الهندي، وتشارك قطاعات أخرى في الناتج مثل التعدين والبترول وصقل الألماس وصناعة الأفلام والمنسوجات والحرف اليدوية.
تبلغ نسبة الفقر في الهند 21.9%
الولايات المتحدة هي أكبر أسواق المنتجات الهندية حيث تبلغ صادرات الهند إلى الولايات المتحدة 42 مليار دولار ومن ثم الإمارات بقيمة 33 مليار وهونغ كونغ والصين بقيمتي 13 و12 مليار دولار على الترتيب، وتعد الصين أكبر المصدرين للهند بقرابة 60 مليار دولار ومن ثم السعودية بقرابة 28 مليار دولار معظمها نفط خام ومشتقات نفطية، حيث بلغت واردات الهند من الخام 116 مليار دولار من إجمالي واردات الصين البالغة 527 مليار دولار في العام 2015، كما تبلغ احتياطيات الهند من النقد الأجنبي نحو 400 مليار دولار.
إخراج الهند من برنامج المؤسسة الدولية للتنمية
أخرج البنك الدولي الهند من برنامج المؤسسة الدولية للتنمية التي تدعم الدول الفقيرة من خلال منح قروض منخفضة الفوائد وطويلة الأجل للحكومات الوطنية ويقدم الدعم لـ 77 دولة من أفقر بلدان العالم نصفها في إفريقيا.
ارتفع مستوى دخل الفرد في الهند في العام 2014 إلى نحو 1570 دولارًا سنويًا.
نهاية السنة المالية 2014 أقر برنامج المؤسسة الدولية للتنمية أن الهند لم تعد دولة فقيرة بما فيه الكفاية لتكون مستحقة للحصول على قروض من البنك الدولي، حيث حدد البنك الدولي العتبة المسموح بها لتلقي المساعدات على أساس نصيب الفرد من الدخل الإجمالي إذ تقف العتبة عند حدود 1215 دولارًا بينما تجاوز نصيب الفرد الإجمالي في الهند الحد المسموح به لدى البنك الدولي بعد بلوغه في العام 2014 نحو 1570 دولارًا.
كما أن أسواق المال الدولية مفتوحة أمام الهند للاقتراض كونها تستحق الائتمان، علمًا أن الهند تلقت مساعدات في السنة الماضية من المؤسسة الدولية للتنمية زهاء 3.2 مليار دولار لدعم المرحلة الانتقالية في البلاد، وتم تخصيص 11.5% من أصل 14.6 مليار دولار للهند، حيث اعتمدت سياسة البنك الدولي أن الهدف من الأموال التي لا تزال تعطى للهند هو ضمان سلاسة انتقالها من بلد يستفيد من المؤسسة الدولية للتنمية لمنع انخفاض مفاجئ في التمويل.
من المقرر أن ينتهي دعم المؤسسة الدولية للتنمية الانتقالي للهند بحلول عام 2017
وينتقد العديد من الخبراء سياسة البنك التي لا تزال تمنح القروض للهند حيث تستطيع الهند الوصول للمال الذي تريد من العديد من المؤسسات المالية الأخرى مثل البنك الدولي للإنشاء والتعمير والبنك الأسيوي للاستثمار في البنية التحتية وبنك التنمية لدول البريكس، بينما تخصص المبالغ التي تعطي للهند لصالح دول إفريقية تبلغ نسبة الفقر فيها 44%، ومن المقرر أن ينتهي دعم المؤسسة الدولية للتنمية الانتقالي للهند بحلول عام 2017.