دائما ما تشير التقارير الإعلاميّة العربية الغربية إلى الجماعات المسلّحة في إفريقيا وتكتفي فقط بذكر بعض الجماعات الجهاديّة الّتي تبرزها في أغلب الحالات كجماعات إرهابيّة، في حين تتحاشى الحديث عن الميليشيات الأخرى المسلّحة الّتي لا تربطها بالإسلام أيّ صلة بل تكون في أغلب الأحيان مسيحيّة تنادي بجملة من المطالب. وتنادي بعض الجماعات المسلحة شمالي مالي وفي ليبيا والسودان وإفريقيا الوسطى ومنطقة البحيرات الكبرى بالحكم الذاتي.
في هذا التقرير نرصد أبرز الميليشيات غير الإسلاميّة المسلّحة في القارة الإفريقية.
مليشيا “أنتي بالاكا” المسيحية
شكلت مليشيا “أنتي بالاكا” المسيحية بعد الانقلاب الذي نفذته حركة سيليكا عام 2013 والّتي أطاحت من خلاله بالرئيس السابق فرانسوا بوزيزي ونصبت بدلا منه ميشيل جوتوديا ليكون أول رئيس مسلم لأفريقيا الوسطى، لكنه لم يستمر في الحكم سوى عشرة أشهر، حيث اضطر إلى الاستقالة في 10 يناير 2014 بعدما عجز عن احتواء أعمال العنف والفوضى التي أصبحت تعم البلاد، ثم خلفته كاترين سمبا بنزا، وانطلقت ميليشيات “الأنتي بالاكا” من مهاجمة مسلحي حركة سيليكا إلى مهاجمة المدنيين عامة.
وتعد “أنتي بالاكا” المسيحية أو “المناهضون للسواطير” كما يطلقون على أنفسهم بعد، هي مجموعات متطرفة ترتكب المجازر ضد المسلمين وتحقد عليهم، هدفها المعلن إخراج المسلمين من دولتهم ومحاربتهم.
وبسبب الإشتباكات التي اندلعت نتيجة أعمال العنف التي تشهدها البلاد، قتل الآلاف خلال الأعوام الماضية، ومن جهتها، تقول المنظمات الدولية إن النزاع في أفريقيا الوسطى شرد مئات الآلاف، ووصفت وكالة الأمم المتحدة لللاجئين الحالة في أفريقيا الوسطى بأنها “كارثة إنسانية وصلت إلى مستوى لا يمكن وصفه”.
وبحسب تقرير سابق لصحيفة لوموند الفرنسية نشرته في شهر أبريل 2015، فإنّ مليشيات الأنتي بالاكا، المتكونة في أغلبها من مقاتلين مسيحيين، مارست كل أنواع الجرائم في القرى المنتشرة بشمال إفريقيا الوسطى، على بعد 300 كيلومتر من العاصمة بانغي، ضد المسلمين الرحّل الذين يتم استعبادهم بشكل متواصل، “ففي سنة 2014 استعادت أنتي بالاكا السيطرة على بانغي، واضطر المدنيون المسلمون للهروب، وحاول أغلبهم العبور نحو الكاميرون وتشاد، ولكن بعضهم فشل في ذلك“.
جيش الرب بأوغندا
تعد حركة الرب للمقاومة مجموعة عسكرية تعمل في شمال أوغندا وجنوب السودان لإسقاط حكومة أوغندا، ويذكر أن قصة إنشاءها تمت بسبب حلم “أليس أوما” أو “لاكونيا” المرأة التي اعتقدت أن الروح المقدسة أبلغتها بضرورة الإطاحة بالحكومة الأوغندية، وبدأ منذ ذلك الوقت الخوض في قتال مسلح.
تأسست حركة الرب في 1986 وتولى جوزيف كوني رئاسة التنظيم، وتعد هذه الحركة من أكثر المجموعات المتمردة في أفريقيا، ويرجع ذلك لوحشية جرائمها المرتكبة والتي تركزت في شمال أوغندا، قبل توجهها إلى شمال شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية وكذلك إلى أفريقيا الوسطى وجنوب السودان.
وبدأ مقاتلو جيش الرب في التوحش الدموي داخل أفريقيا، عام 1994 عندما تلقت دعمًا من حكومة السودان التي كانت تسعى للثأر من كمبالا لدعمها متمردي جنوب السودان قبل انفصال الجنوب عن الخرطوم عام 2011، لكن حكومة السودان سحبت دعمها لجيش الرب، ونفت في إبريل 2012 تقديم أي دعم لقائد هذه الحركة، وذلك ردًا على اتهام أوغندا للسودان بتقديم السلاح والزي العسكري لجوزيف كوني، وفقا لما نشره موقع هيئة الإذاعة البريطانية الـ”بي بي سي”.
وأعلن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في 2011 عن إرساله إلى 100 جندي لأوغندا للمشاركة في محاربة جيش الرب، بجانب الإتحاد الأفريقي الذي أعلن في 2012 عن نشره لخمسة آلاف جندي للبحث عن زعيم جيش الرب “جوزيف كوني”، المتهم هو وجيشه بقتل حوالي 100 ألف شخص وخطف 60 ألف طفل وتسببوا في نزوح مليونين ونصف شخص خلال الـ 27 عاما الأخيرة، وفقا لما ذكرته الأمم المتحدة في تقريرها لعام 2013.
الحركة الشعبية لتحرير السودان
تعد الحركة الشعبية الجناج العسكري لحزب سياسي سوداني والجيش الشعبي لتحرير السودان، وقد أنشئت الحركة لتحرير السودان عام 1983 وكانت في البداية حركة تمرد قامت في جنوب السودان أغلبها من المسيحيين إلى أن اتخذت شكل حزب سياسي.
وتأسست الحركة عقب إعلان الرئيس السوداني الأسبق، جعفر نميري، إلغاء اتفاقية “أديس أبابا”في 1983 التي أنهت 17 عاما من القتال بالجنوب، فأوفد نميري العقيد جون قرنق الضابط بالجيش السوداني آنذاك للتفاوض مع الكتيبة المتمردة، لكن قرنق وبدلا من إخماد التمرد تحالف مع المتمردين وأنشأ الحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبي ذراعها المسلح.
وعقب إعلان العقيد السوداني إنشاء الحركة، أوضح بأن الحركة تدعو إلى إعادة صياغة الدستور وقوانين الحكم لتفكيك قبضة المركز الإقليمي، وتعرضت الحركة الشعبية لانشقاقات عديدة في صفوفها، مما أدى إلى تشكيل عدة فصائل في جنوب السودان لمواجهتها، وعقب سقوط الاتحاد السوفيتي، تغيرت مفردات الكتائب العسكرية المسلحة، وإقامة علاقات وثيقة مع أوربا والولايات المتحدة.
وقد كانت النبرة اليسارية واضحة في خطاب الحركة في بداياتها، لكن بعد سقوط الإتحاد السوفييتي سرعان ما غيرت مفردات خطابها لتقيم بعد ذلك علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة وأوروبا الغربية.
وتعرضت الحركة الشعبية لتحرير السودان لانشقاقات عديدة في صفوفها، وتشكلت عدة فصائل جنوبية منافسة لها، ورغم ذلك ظلت تقاتل الحكومات المتعاقبة في الخرطوم، إذ لم يقنعها سقوط نظام نميري بإلقاء السلاح، ولا تشكيل حكومة انتقالية بقيادة المشير سوار الذهب ولا قيام حكومة ليبرالية تعددية بقيادة الصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني.
وفي الوقت الذي واصل فيه الطرفان قتالهم كانت هناك جولات متعددة من المباحثات بين الحركة وحكومة الخرطوم في العديد من العواصم الإفريقية، ولكن كان يغلب على هذه الجولات الفشل، واستمر الحال كذلك إلى أن توصل الطرفان أخيرا إلى نقاط اتفاق بينهما ظهرت في مشاكوس.
ثم مفاوضات نيفاشا التي فصلت الترتيبات الأمنية والعسكرية في الفترة الانتقالية التي تسبق الاستفتاء على تقرير المصير.
جيش نظام الهوتو المعروف بأنتيرا هاموي
كشف تقرير عرضه مركز الجزيرة للدراسات عن الجماعات المسلحة فى إفريقيا أن العديد من دول إفريقيا تعانى من استشراء التطرف والعنف ولا يمكن بأي حال تجاوز مجزرة رواندا عام 1994، كأكبر إبادة جماعية فى إفريقيا حدثت فى القرن العشرين، نفذتها جماعة جيش نظام الهوتو المعروف بأنتيرا هاموي والتي قتلت ثمانمائة ألف فرد من التوتسي، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
الجبهة المتحدة الثورية فى سيراليون
الجبهة المتحدة الثورية فى سيراليون، وهي جماعة مسلحة سعت للسيطرة على مناطق إنتاج الألماس، وأدخلت البلاد فى حرب أهلية استمرت 11 عاما وأودت بحياة ما يزيد على خمسين ألفا خلال السنة الأولى وحدها، وكان نشاطها يقوم على ممارسة الابتزاز لتوفير حاجتها المالية، ثم لجأت إلى الأساليب الإجرامية والإرهابية وحرب العصابات لمحاربة الحكومة وبث الذعر بين الجماهير، وتوسع نشاطها وامتد إلى ليبيريا وغينيا