يُقام اليوم حفل الافتتاح لفعاليات بطولة “يورو 2016” المقامة في فرنسا على أرضية ملعب فرنسا في ضاحية “سان دوني” التابعة للعاصمة الفرنسية، باريس، وستلعب بعدها مباشرة مباراة افتتاح البطولة بين فرنسا ورومانيا.
تعتبر بطولة “يورو 2016” ثاني أكبر بطولة في لعبة كرة القدم بعد كأس العالم، لا سيما أنها تشهد مشاركة نخبة من اللاعبين الذين يحظون بجماهيرية جارفة، فضلًا عما تمثله البطولة من أهمية على مستوى المنتخبات الوطنية المتنافسة على الفوز بكأس البطولة.
تأتي هذه البطولة التي رفضت فرنسا تأجيلها رغم التحديات الكبيرة الأمنية والسياسية التي تواجهها البلاد في هذه الأونة، حيث تصاعد خطر تنفيذ هجمات إرهابية على التجمعات، بالإضافة إلى استمرار الإضرابات الجماعية لعمال عدد من القطاعات الحيوية، والدعوة للتظاهر بالتزامن مع فعاليات اليوم الخامس للبطولة.
التحدي الأمني
يستعد أكثر من كثر من 90 ألف رجل أمن على الأرض الفرنسية، لتأمين كأس أمم أوروبا لكرة القدم، التي تنطلق اليوم الجمعة وعلى مدار شهر كامل، كان وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف قد أعلن أن أهداف هذه التشكيلات الأمنية سيكون على رأسها تأمين انسيابية دخول وخروج المشجعين للملاعب، وتشديد التفتيش عند نقاط الدخول، مؤكدًا أن قوات الشرطة والدرك سيكون مصرحًا لهم الدخول عند المدرجات إذا اقتضى الأمر لضمان الأمن العام.
تخشى فرنسا من كون التجمعات الجماهيرية التي تشهدها ملاعب كرة القدم عادة هي من الأهداف المحتملة لأي عمليات عنيفة، خاصة وأن فرنسا تعرضت لموجة من العمليات العنيفة التي كان آخرها اعتداءات باريس التي راح ضحيتها ما يزيد عن 130.
ومنذ ذلك الوقت أعلنت فرنسا حالة الطوارئ حتى نهاية شهر يوليو القادم، أي بعد انتهاء فعاليات البطولة، وحتى الانتهاء أيضًا من إصدار قانون جديد يتعلق بمكافحة الاٍرهاب والتطرف.
ويشار أيضًا إلى أن الداخلية الفرنسية قد أوضحت، أنه سيتم حشد 77 ألف فرد من الشرطة والدرك و13 ألف عنصر من الأمن الخاص، وذلك فضلًا عن الاستعانة بجزء من عملية “سانتينال” العسكرية “لمكافحة الإرهاب على الأراضي الفرنسية”، وألف متطوع من جمعيات الإغاثة من أجل المساهمة في فرض الأمن العام ومواجهة الأخطار الإرهابية.
وكذلك تستعين فرنسا لتأمين فاعليات بطولة أمم أوروبا، بوكالة تطبيق القانون الأوروبية “يوروبول” وبالشرطة الدولية “إنتربول”، وكذلك وافقت الحكومة الفرنسية، على تخصيص 650 مليون يورو لتلبية احتياجات الشرطة والدرك بحلول عام 2020، وذلك في ظل المهام الأمنية المتزايدة التي أعقبت هجمات باريس في العام الماضي.
الاضطرابات السياسية
بالإضافة للتحدي الأمني تبرز بعض الحركات الاحتجاجية العمالية التي قد تعيق السير لفعاليات البطولة التي تأتي وسط موجة غضب اجتماعية عارمة.
حيث تواجه فرنسا أزمة اقتصادية خلفت على إثرها احتجاجات اجتماعية، كانت أبرزها أزمة النفط التي أسفرت عن عجز في مخزون الوقود، وهو ما أدى إلى اصطفاف طوابير طويلة من السيارات تنتظر فرصة الحصول على الوقود في المحطات الفارغة.
هذا الأمر أحدث سلسلة من الإضرابات والوقفات الاحتجاجية التي أثرت على عمل الموانئ البحرية والمطارات وكذلك السكك الحديدية، بالإضافة إلى وقوع أعمال عنف بين المواطنين والشرطة في أنحاء متفرقة من فرنسا.
هذه الإضرابات والاحتجاجات التي يستمر عدد منها حتى الآن، أثرت سلبًا على قطاع السكك الحديدية، حيث لا تزال نسبة التشغيل في السكك الحديدية أقل بكثير من معدلاتها الطبيعية، حيث استمر إضراب الشركة الوطنية للسكك الحديدية – والذي بدأ في الاول من يونيو – مما تسبب في عدم انتظام حركة القطارات، ما أدى إلى ترك نحو 40% من القطارات الإقليمية خارج الخدمة.
وسط تعهدات من الاتحاد العام للعمل “سي.جي.تي” بتكثيف الضغوط قبل البطولة الأوروبية في المطالبة بسحب تعديلات قانون العمل التي أثارت الشارع في فرنسا بهذه الصورة تزامنًا مع تردي الأوضاع الاقتصادية.
يذكر أنه حتى تسعة أيام قبل انطلاق البطولة رفضت النقابات الفرنسية إنهاء إضرابها العام؛ معربة بذلك عن استيائها من التعديلات المثيرة للجدل التي أدخلت على قانون العمل. وإزاء تصريح الرئيس فرانسوا هولاند الذي تتراجع شعبيته بشدة بين الفرنسيين، بعد الإعلان عن نيته عدم التراجع، وبأنه مستمر في إنفاذ التعديلات.
الحكومة اليسارية الحالية طرحت مشروع قانون يهدف إلى تحرير قانون العمل، وتهدف هذه التعديلات من وجهة نظر الحكومة تحسين الوضع في مجال العمالة وتخفيض نسبة البطالة.
لكن ما أثار غضب القوى العمالية الفرنسية هو أن الجناح اليساري كان يتخذ في السابق موقفًا مضادًا لمثل هذه القوانين، لا سيما أنه في حال إقرار مشروع القانون، فسيكون من حق أرباب العمل زيادة مدة وردية العمل وإلغاء المبالغ الإضافية التي تدفع عن العمل الإضافي.
كما أن مشروع القانون الجديد يهدف إلى دعم التوظيف من خلال التخفيف مما يمسى بـ “الأمان الوظيفي” التي توفرها عقود العمل مع الشركات.
هذا المشروع بالصيغة الجديدة المطروحة لم يلق تأييدًا من طرف نواب البرلمان، لكن الحكومة الفرنسية لجأت إلى الاستعانة بطريقة دستورية أخرى تتعلق بالمادة 49.3 من الدستور الفرنسي، حيث تتيح للحكومة تمرير مشروع قانون لدواع طارئة.
وعليه بدأت النقابات فكرة الإضراب مستخدمة بطولة أوروبا لكرة القدم كأداة ضغط على الحكومة، وقد تتسبب هذه الإضرابات والاحتجاجات في شل حركة المواصلات العامة، إذا ما تكرر استئنافها على النحو الذي بدأ قبل أيام من انطلاق البطولة.
تواجه فرنسا إجراء جديدا من جانب نقابات الطيارين، وعدم انتظام حركة القطارات وتراكم القمامة في باريس، مع إضراب العاملين في مراكز معالجة النفايات عن العمل اليوم الخميس، عشية بطولة كأس أمم أوروبا يورو .2016
وعلى صعيد آخر كان من المتوقع أن تعلن الخطوط الجوية الفرنسية إضرابات بدءًا من مطلع الأسبوع، بعد انهيار المحادثات بين الإدارة واتحادات الطيارين، حيث حذرت النقابات الأسبوع من نيتها تنفيذ إضرابات جديدة في حال فشل المحادثات بشأن ظروف العمل وإعادة الهيكلة.
وقبل يوم واحد من البطولة أضربت مراكز معالجة النفايات في جميع أنحاء باريس أيضًا، ومنعت جمع القمامة ما أدى إلى تراكم أكوام القمامة على الأرصفة، وهو أمر يهدد المنظر العام للبطولة أمام المشجعين القادمين من جميع أنحاء القارة الأوروبية.
ومن جانبه، انتقد وزير الرياضة باتريك كانر الإضرابات، التي وصفها بأنها تكتيكات ” حرب عصابات” من جانب النقابات، مؤكدًا أن ذلك يفسد البطولة ويشوه صورة فرنسا”.