حققت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا مكاسب كبيرة في معاركها لاستعادة السيطرة على وسط مدينة سرت الساحلية من أيدي مسلحي تنظيم “الدولة الإسلامية”، بعد شهر من اندلاعها.
وقصف الطيران التابع للمجلس الرئاسي مواقع للتنظيم في سرت وأبرزها قاعة “واغادوغو” المركز الرئيس للتنظيم ومقري الأمن الداخلي والجامعة التي يتحصن فيها مسلحوه، إضافة لعدد من المباني الخاصة التي يتخذ من أسطحها قناصة التنظيم مواقع لهم. بالتزامن مع ذلك أطلقت القوات البحرية صواريخ على مناطق عدة في المدينة من بينها الميناء الذي يسيطر عليه مسلحو التنظيم.
القوات التابعة للمجلس الرئاسي أكّدت سيطرتها على كامل ساحل مدينة سرت بواسطة البحرية التابعة لها، فيما واصل مقاتلوها على الأرض تقدمهم باتجاه وسط المدينة بعد السيطرة على كامل منطقة بوهادي جنوبا والغربيات وصولاً إلى جزيرة “الزعفران” على مقربة من وسط المدينة بــ5 كيلومترات.
وواجهت القوات البرية التي وصلت إلى مشارف المناطق السكنية للمدينة، رصاص القناصة والألغام التي زرعها التنظيم في شوارع المدينة مما أدى إلى إبطاء تقدمها. فيما سيطر مقاتلو حرس المنشآت النفطية الموالي للمجلس الرئاسي، في وقت سابق، على منطقة “هراوة الساحلية” (70 كيلومترا شرق سرت)، من المحورين الجنوبي والشرقي، وذلك بعد اشتباكات عنيفة مع مسلحي التنظيم الذين انسحبوا شرقا إلى ما بعد وادي الحنيوة، الذي يبعد نحو 25 كيلومترا غرب هراوة.
يأتي ذلك في وقت تواصل فيه القوات العسكرية التي شكلها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، منذ أكثر من شهر، شن عملية عسكرية أطلقت عليها اسم “البنيان المرصوص” ضد تنظيم “داعش” في سرت.
وبدأت قوات الجيش الموالي لحكومة الوفاق، في12 مايو الماضي، شنّ عملية عسكرية أطلقت عليها اسم “البنيان المرصوص”، لتحرير مدينة سرت والمناطق المحيطة بها من تنظيم داعش، بعد أن شنّ هجمات على البلدات الواقعة غرب المدينة الساحلية.
تنفيذ العملية، جاء بأوامر من “غرفة العمليات العسكرية”، التي شكلها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، المتواجد في العاصمة طرابلس، والمنبثق عن اتفاق المصالحة الليبي الموقّع في مدينة الصخيرات المغربية، في 17 ديسمبر 2015 .
وأعلنت القوات الموالية للحكومة الليبية سيطرتها على بعض النقاط الاستراتيجية على أطراف سرت، من بينها قاعدة القرضابية الجوية ومحطة كهربائية وعدد من المعسكرات (تاقرفت والجالط والساعدي) ، وممر دائري استخدمه التنظيم سابقا لتعليق جثث أعدائه بعد إعدامهم. و قتل خلال هذه المعارك العشرات و أصيب المئات. وقتل أمس وأول أمس ما يزيد عن 19 شخصا، وأصيب ما يقارب 100 من قوات الرئاسي.وقال المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني إن نقيب المحامين في ليبيا ووزير الشهداء والجرحى الأسبق عبد الرحمن الكيسة، قتل أثناء اشتباكات بين قوات موالية للحكومة ومسلحي تنظيم “داعش”.
وأحكمت قوات عملية البنيان المرصوص التابعة لمجلس رئاسة الحكومة وكتائبُ الثوار الداعمة لها سيطرتها على جميع الضواحي الغربية والجنوبية وأحكمت إغلاق جميع مداخل المدينة. وتدور حاليا حرب شوارع حول المقار الإدارية المتبقية داخل المدينة، كمقر الجامعة والإذاعة ومزرعة البحوث وغيرها. ويشكل عناصر القناصة التابعين للتنظيم “داعش” عائقا أمام تقدم قوات البنيان المرصوص في الاشتباكات داخل المدينة.
وتسيطر “داعش” على مدينة سرت(450 كلم شرق طرابلس) منذ مايو من العام الماضي، وذلك بعد انسحاب الكتيبة 166 التابعة لقوات فجر ليبيا و المكلفة من المؤتمر الوطني العام المنعقد في طرابلس بتأمين المدينة. من جانبها قالت وزارة الدفاع الأمريكية، أمس الخميس، إن”التقدم الذي أحرزته القوات الحكومية الليبية ضد الإرهابيين “مشجع”، بعد دخولها الخميس إلى مدينة سرت معقل تنظيم “داعش” شرق طرابلس.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، بيتر كوك، خلال مؤتمر صحافي: “نحن نراقب الوضع عن كثب وما نراه يشجعنا”. وأشار كوك إلى أن “التقدم في سرت يشير إلى أن حكومة الوحدة الوطنية تتقدم على غرار القوات التي تدعمها”. في مقابل ذلك حذرت الولايات المتحدة الأمريكية، مواطنيها ،أمس الخميس، من السفر إلى ليبيا، داعية إياهم إلى مغادرتها “فوراً” بسبب تدهور الأوضاع هناك.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان: “تحذر وزارة الخارجية المواطنين الأمريكيين من كل أنواع السفر إلى ليبيا وتنصح الموجودين حالياً في ليبيا بمغادرتها فورا”. وأضافت “الوضع الأمني في ليبيا لا يمكن التنبؤ به وغير مستقر، حيث تواصل المجاميع الإرهابية في التخطيط لهجمات إرهابية ضد المصالح الأمريكية”.
ولفت البيان إلى “عدم قدرة الحكومة الليبية على السيطرة على الكثير من مناطق البلاد ومحدودية أو انعدام قدرات الشرطة وأجهزة الأمن على الاستجابة للطوارئ أو طلب المساعدة، إضافة إلى ارتفاع معدلات الجرائم بما في ذلك مخاطر الخطف، ومطالبة عدد من الجماعات بمهاجمة المواطنين الأمريكيين ومصالح الولايات المتحدة في ليبيا”.
وتشكلت حكومة الوفاق الوطني في ليبيا لتحل محل الحكومتين المتنافستين (شرق وغرب البلاد) اللتين تنازعتا السلطة منذ2014. وتسعى الحكومة منذ وصولها إلى طرابلس لدمج عدد من الفصائل المسلحة الرئيسية في ليبيا في جيش موحد رغم ما تواجهه من مقاومة من قادة عسكريين شرقي البلاد على رأسهم اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يرفض الاعتراف بحكومة الوفاق.