تستمع الجماهير التونسية من عشاق الطرب والموسيقى والفنون طوال 23 يومًا في شهر رمضان الكريم، بـ 17 عرضًا من بينها 5 عروض لتنشيط الساحات والشوارع في مدينة تونس، إضافة إلى عرضين من الخارج، ضمن فعاليات مهرجان المدينة.
الفنان التونسي لطفي بوشناق أحيا مساء أمس الجمعة أولى حفلات مهرجان المدينة في دورته الرابعة والثلاثين بقصر المؤتمرات بالعاصمة تونس، بعيدًا عن المدينة العتيقة والمسرح البلدي في قلب العاصمة تونس بسبب أشغال الصيانة التي يشهدها هذا الفضاء، الفنان التونسي أطرب جمهوره ومحبيه بأجمل أغانيه، ممتعًا الجمهور الذي تجاوب معه طيلة ساعات الحفل، وشهد الحفل الأول لمهرجان المدينة حضور عدد من الشخصيات الفنية والإعلامية والسياسية، بالإضافة إلى جمهور كبير.
وتتواصل هذه التظاهرة الثقافية التي تنظم في كل سنة تزامنًا مع السهرات الرمضانية وتشرف عليها بلدية العاصمة ووزارة الثقافة والمحافظة على التراث، من 10 يونيو إلى 2 يوليو القادم.
بوشناق، راوح خلال مسيرته الفنية بين الأغنية الحديثة والموروث الشعبي التونسي، وقدم المألوف التونسي والابتهالات الدينية ولم يتغافل عن القضايا العالمية والعربية فغنى عن ساراييفو وعن العراق وأطفال الحجارة وعن ثورة سوريا، مزج في أغانيه بين العاطفي والسياسي وبين الموسيقى الأصيلة والاجتهادات المجددة.
خلال هذه السنة برمج القائمون على المهرجان 17 عرضًا منها عروض لتنشيط الساحات والشوارع في مدينة تونس على غرار عروض السيرك في ساحة الحلفاوين داخل مدينة تونس العتيقة وصولاً إلى بطحاء “باب سويقة”، و”خرجة سيدي الحاري وسيدي بوسعيد” و”الإصطمبالي” (نمط موسيقي يصحبه رقص يميز منطقة شمال إفريقيا) وعرض “الحضرة” لفاضل الجزيري، إضافة إلى عروض من الخارج منها عرض سلاطين الطرب من سوريا وفرقة الطرب من باريس وعرض في موسيقى “الصلصا” لمجموعة “صلصا أفين كاهو” الكوبية.
وتريح حفلات مهرجان المدينة، التونسيين، بعض الوقت من هم السياسة وتجاذباتها، في هذا الشأن يقول صابر – أحد الشباب الذين دأبوا على حضور حفلات المهرجان – “هذه السنة المهرجان يتزامن مع سباق تشكيل حكومة جديدة في البلاد، كل الأخبار تتحدث عنها ولا حديث إلا عن الوزراء المحتملين، مهرجان المدينة فرصة لتغذية الروح وإعادة النشاط للجسد”.
وتابع “أفضّل حضور حفلات المهرجان والاستمتاع بالفن والطرب على الجلوس في البيت والمقاهي وسماع الأخبار السياسية، سهرات المهرجان تعيد الحنين لأيام وذكريات خلت في تونس، بعيدًا عما يعيشه الشعب اليوم من مخاوف وأزمات سياسيّة”.
ويطلق اسم “المدينة العتيقة”، أو “البلاد العربي”، على الجزء العتيق بتونس العاصمة، والذي يرجع تأسيسه إلى عام 698م، حول جامع الزيتونة، وصُنفت منذ عام 1979 ضمن لائحة مواقع التراث العالمي لليونسكو.
خلال شهر رمضان تتحول أزقة “المدينة العتيقة” الضيقة التي تحتضن حفلات المهرجان، إلى مدينة ليلية تزدهر فيها الحركة، بعد أن اعتادت المحلات والمقاهي فيها على غلق أبوابها في وقتِ مبّكر، حتى إنه قد يصعب على المارة تجاوز تلك الأزقة الضيقة في أوقات متأخرةِ من الليل.
بدورها قالت خولة السويسي :“مهرجان المدينة ككل شهر رمضان وخصوصًا الأسبوع الأول، نخرج بعد أذان المغرب للترفيه”، وأضافت” رغم التعب فإنك لا ترى إلا الابتسامة والسرور تعلو محيا الوجوه”.
ويؤكد تونسيون، محافظة مهرجان المدينة على توجّهاته وخصوصياته الفنّية التي انطلق بها منذ نحو أكثر من ثلاثة عقود، إذ بقي وفيًا للموسيقى الروحية والصوفية والطربيّة، رغم انفتاحه على أنواع موسيقية أخرى مثل المألوف (شعر وموشّحات ومقامات موسيقية ورثتها بلدان شمال إفريقيا عن الأندلس وطوّرتها) والهيب هوب والبلوز وتعبيرات ثقافية أخرى، ويصنّف متابعون مهرجان المدينة كثاني أهم تظاهرة موسيقية وغنائية في تونس بعد مهرجان قرطاج الدولي.