الفلوجة: عينٌ على التقدّم وأخرى على المحاصرين

على أكثر من جبهة، تتواصل المعارك بين القوات العراقية ومسلحي تنظيم داعش الذي بات الخناق يضيق عليه شيئًا فشيء وبدأ بالانكماش نحو عمق الفلوجة بعد خسارته مناطق جديدة في أطراف المدينة لصالح تلك القوات.
فمنطقتا الفلاحات والصبيحات القريبتين من قاعدة الحبانية الجوية غربي الفلوجة، شهدتا انسحابًا سريعًا لعناصر داعش بعد تقدم قوة مشتركة من الجيش والحشد العشائري بغطاء جوي من التحالف الدولي والطيران العراقي، والتي تمكنت من رفع العلم العراقي فوق مبانيها في وقت قياسي، وباشرت بإجلاء العوائل منها إلى أماكن آمنة.
إن المحور الجنوبي يبقى هو الأكثر حدة واشتعالاً، وهناك لا صوت يعلو فوق صوت الاشتباكات العنيفة والقصف الجوي منذ أيام عدة، مع تقدم للقوات المشتركة، تقدم اعترف وزير الدفاع خالد العبيدي الذي زار محيط الفلوجة يوم أول أمس، بأنه بطيء “بسبب وجود المدنيين”
ورغم التقدم الملحوظ في المحور الغربي، إلا أن المحور الجنوبي يبقى هو الأكثر حدة واشتعالاً، وهناك لا صوت يعلو فوق صوت الاشتباكات العنيفة والقصف الجوي منذ أيام عدة، مع تقدم للقوات المشتركة، تقدم اعترف وزير الدفاع خالد العبيدي الذي زار محيط الفلوجة يوم أول أمس، بأنه بطيء “بسبب وجود المدنيين”، إلا أن محللين يعزون بطء التقدم في هذا المحور إلى شدة المقاومة التي تلاقيها هذه القوات بالإضافة إلى العبوات الناسفة والمنازل المفخخة، كون حي الشهداء خاليًا من المدنيين.
فعلى ضفة نهر الفرات الغربية تمكنت قوة من الجيش والحشد العشائري من تحرير منطقة (البو هوى) بالكامل وأزالت العبوات الناسفة من طرقاتها، فيما أكملت قوة من جهاز مكافحة الإرهاب وشرطة الأنبار على الضفة الأخرى تطهير حي الشهداء الثانية ووصلت إلى (شارع أربعين) الذي يفصل هذا الحي عن حي الشهداء الأولى، وفي ذات الوقت وجهت طائرات التحالف ضربات مكثفة على حي نزال والحي الصناعي، مع تأكيدات على مواصلة التقدم صوب مركز المدينة.
أما على الصعيد الإنساني فصور المعاناة متعددة، منها “الدموية” ومنها “المأساوية”، فعدد كبير من العوائل التي تمكنت من الهرب من قبضة داعش، خصوصًا في منطقة الصقلاوية شمال شرقي الفلوجة، وجدت نفسها بيد الميشيات التي ارتكبت بحقها أبشع صور التعذيب فضلاً عن عمليات خطف وإعدامات بالجملة، وفق شهادات الناجين وتأكيدات مسؤولين محليين بالإضافة إلى صور سرّبها عناصر في هذه المليشيات.
الصور والفيديوهات التي سُرّبت كانت أكبر من أن يُنكرها أحد، فكان أول المقرِّين بها هو رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي لكنه أكد أنها “فردية” وأمر بإحالة المتورطين إلى القضاء، كما أوعز وزير الدفاع بفتح تحقيق حول ما أُثير.
القسم الآخر من النازحين كانوا أكثر حظًا في النجاة من بطش المليشيات، لكنهم وجدوا أنفسهم في مخيمات أقيمت على عجل ينقصها كل شيء تقريبًا، فهي تفتقر إلى المتطلبات الأساسية للإقامة فضلاً عن النقص الحاد في إمدادات الغذاء والدواء وحليب الأطفال والمياه المعقمة، وهو الأمر الذي جعل الحكومة العراقية محل انتقادات حادة، لعدم قيامها بترتيبات حقيقية رغم علمها بأن حركة نزوح كبيرة جدًا ستنطلق مع انطلاق المعركة، فهبّت عشائر منطقة عامرية الفلوجة لسد ما تستطيع سده من هذا النقص.
وتجدر الإشارة إلى أن الإشادة التي حظي بها التقدم على الأرض لم تمنع من إبداء الكثيرين قلقهم على حياة عشرات الآلاف من المدنيين القابعين تحت الجوع والنيران داخل المدينة، وليس لهم إلى الخروج سبيلاً، بسبب رفض التنظيم السماح بمغادرتهم، وهم أكبر معوقات حسم المعركة سريعًا وفق تأكيد القادة العسكريين الذين دعوا من لا يستطيع الفرار منهم، إلى لزوم منازلهم.