الهجوم الأخير الذي إستهدف جهة إستخباراتية أردنية يشير إلى وجود تآكل في الجدار الأمني للدولة التي دائما ما تعرف نفسها كواحدة من أكثر الدول أمنا واستقرارا بالشرق الأوسط.
وكان مسؤولون رسميون أردنيون قد صرحوا بأن الهجوم قد وقع في حوالي السابعة صباحا مستهدفا مكتب المخابرات العامة بالقرب من مخيم البقعة (شمال عمان) من قبل إرهابيين، ووقع الحادث على بعد حوالي 200 متر من حدود مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين على المشارف الشمالية لمدينة عمان.
ووفقا لروايات شهود العيان من سكان المنطقة، فإن 3 سيارات وصلت أمام المبنى الإستخباراتي ثم ترجل منها الإرهابيون ودخلوا إلى المبنى وفتحوا النار على الموظفين النائمين بالداخل.
وصف المتحدث الرسمي باسم الحكومة “محمد المومني” اختيار الإرهابيين لليوم الأول من رمضان لتنفيذ جريمتهم بأنه دليل واضح على الفكر المتطرف لهم.
ويعد الحادث أيضا دليل على التدهور الأمني الملحوظ بالأردن وخصوصا أن البلاد تخوض معارك وتحديات كثيرة، مثل الدين العام والبطالة ومشاكل التعليم والفقر والتي تنمو بطريقة يصعب التحكم فيها.
الهجمات الأخيرة أوضحت أن هناك بعض المجموعات قد استطاعوا بالفعل إختراق السياج الأمني الأردني.
يأتي هذا الحادث بعد 3 أشهر فقط من ذكرى حدوث أسوأ حادث إرهابي حدث بالأردن منذ أكثر من عقد من الزمن، وهو الحادث الذي إستغرق 11 ساعة من تبادل إطلاق النار مع عناصر من المتشددين – الدولة الإسلامية- و الذي أسفر عن مقتل ضابط أردني وسبعة من المسلحين.
وقد أسفرت المداهمات الأمنية التي حدثت في مدينة إربد من قبل الحكومة في شهر مارس كإجرائات احتياطية أمنية عن مقتل خلية إرهابية بالقرب من مخيم للاجئين الفلسطينين قبل أن يقوموا بتنفيذ خططهم الإرهابية.
ولكن الهجوم الذي حدث بالقرب من البقعة كان مختلفا لأنه يعد اختراقا أمنيا صارخا للأمن الأردني حيث أنه قد تم التخطيط له وتنفيذ العملية الإرهابية بالفعل من دون الكشف عنها من قبل الجانب المخابراتي الأردني مما أبرز نقاط الضعف في البنية الأمنية الأردنية.
وأوصل لنا الحادث رسالة مفادها أن العملية الإرهابية لم تحدث فقط بدون علم المخابرات الأردنية ولكنها حدثت على أعتاب المنشأت الأمنية نفسها.
وبعد إنشائه بخمسين عاما، يعد مخيم البقعة هو المخيم الفقير في المناطق الحضرية الأردنية، طبقا لوكالة فافو النرويجية فإن 32% من سكان المخيم يعيشون تحت خط الفقر طبقا لأرقام المم المتحدة، ويعد ثاني أعلى مخيم من حيث نسبة البطالة بالنسبة لمخيمات اللاجئين الفلسطينين بالأردن.
ومع أن المخيم الذي بإربد أصغر حجما إلا إن جميع المؤشرات ترصد نسب فقر وبطالة عالية ومؤشرات الصحة متدنية جدا.
هناك خلافات أكثر وضوحا مثل شعور المواطنين ذوي الأصول الفلسطينية الذين يسكنون المخيمات بالظلم لعدم تكافؤ الفرص بينهم وبين المواطنين الأردنيين في العمالة.
وكانت ردود فعل شهود العيان خير دليل على هذا الصدع، حيث قال صالح الزعبي – أردني يسكن بالقرب من مبنى الإستخبارات المستهدف- “إن الأشخاص الذين يعملون بالمخابرات هم أبناؤنا و أشقائنا و أصدقائنا، إنهم ليسوا غرباء”.
وأضاف “إن هذا الفعل الإجرامي الإرهابي الجبان لا يمكن أن يتقبله أي عربي أو أي إنسان على الإطلاق، ونحن جميعا نساند قوات الأمن في البحث عن الجناه لأن هذا هو واجبنا جميعا”.
بينما أخذ جاره “محمد العدوان” البالغ من العمر 36 عاما الهجوم الإرهابي الذي وقع للبلاد كهجوم عليه شخصيا.
وقال “إننا جميعا على إستعداد أن نكون شهداء فداء للمملكة الهاشمية وإن ما حدث لن يؤثر علينا”.
ولكن على بعد 200 متر أسفل الطريق، كان هناك مجموعة من الصبية الفلسطينين، جميعهم يظنوون أن الإرهابي جاء من المخيم الذي يعتبرونه وطنهم.
وعندما سألنهاهم أين يتوقعون أن يكون الجاني الآن صاح أحدهم “على الأرجح أنه الآن بالمخيم”.
المصدر: ميدل إيست آي