استهدف انفجار المبنى الرئيسي لبنك لبنان والمهجر، في شارع فردان في قلب العاصمة اللبنانية بيروت. الانفجار نتج عن عبوة موضوعة في حوض زهور إلى جانب الجدار الملاصق لمبنى بنك لبنان والمهجر، وليس داخل المبنى، وقد قدرت زنتها بـ 15 كيلوغرامًا من المواد المتفجرة.
لا يمكن فصل هذا المشهد والاستهداف عن خبر خرج إلى وسائل الإعلام منذ 3 أيام، حينما قام بنك لبنان والمهجر، بتجميد أرصدة نحو 100 شخص تابعين لحزب الله، بناء على تعليمات من البنك المركزي اللبناني.
وبحسب وكالة رويترز للأنباء، شدد رئيس بنك لبنان، رياض سلامة، على أن تطبيق القانون الأمريكي المعروف بقانون “مكافحة تمويل حزب الله دوليًا”، لتحقيق الاستقرار للمصارف اللبنانية، وأضاف أن عدم تطبيقه يعني “انعزال النظام المصرفي اللبناني عن العالم”، لذا كانت خطوة تجميد أموال تابعة للحزب.
وردًا على ذلك أصدرت كتلة “الوفاء اللبنانية” التابعة لحزب الله، بيانًا أكدت فيه ما أسمته خيار المقاومة النقدية، وقالت: إن سياسة الابتزاز التي تعتمدها الإدارة الأمريكية مع دول تلتزم مواقف مناوئة لها، لن تنفع إطلاقًا في لي ذراع حزب الله، ووصفت الكتلة موقف مصرف لبنان الأخير بأنه جاء “ملتبسًا ومريبًا” بحسب بيانها، ويشي بانفلات السياسة النقدية من ضوابط السيادة الوطنية، معلنة رفضها لهذا “الموقف جملة وتفصيلًا”.
رسالة من حزب الله إلى البنك
عقب هذا السجال الإعلامي بين البنك والحزب حدث الانفجار مساء أمس الأحد الذي هز العاصمة اللبنانية بيروت، مستهدفًا أحد الممرات الفرعية لشارع فردان، خلف مقر لبنك لبنان والمهجر المعروف باسم (بنك بلوم)، المصنف كأفضل مصرف في لبنان لعام 2016.
الحادث أسفر عن إصابة شخصين، وقد فرضت قوات الأمن طوقًا حول موقع التفجير الذي استهدف منطقة تجارية معروفة بالعاصمة اللبنانية، فيما نفى وزير الداخلية، نهاد المشنوق، دخول التفجير ضمن تحذيرات أطلقتها السلطات في وقت سابق بشأن هجمات محتملة لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
مراقبون أكدوا أن المؤشرات الأولية تفيد بأن الانفجار يُعد رسالة أولية موجهة للمصرف الذي وقع قربه، وذلك على خلفية الجدل الدائر بشأن العقوبات الأميركية التي استهدفت حسابات لحزب الله.
هذا وتعقد جمعية المصارف التي تضم ممثلين عن البنوك اللبنانية اجتماعًا طارئًا مغلقًا على خلفية التفجير، على أن يصدر عنها بيان في وقت لاحق، بحسب مصدر في الجمعية لوكالة فرانس برس.
كما توقعت صحف لبنانية أنه ربما وقع الاختيار على بنك لبنان والمهجر لأنه الأكثر تشددًا في عملية تطبيق قانون العقوبات الأميركي ضد حزب الله، كمحاولة للإيقاع بين القطاع بمجمله والحزب الذي رفع حدة خطابه ضد المصارف في الأسبوعين الأخيرين.
في حين تحدثت بعض الصحف عن تهديدات نشرت في صحيفة “الأخبار” المقربة من حزب الله بعدما أوردت تقريرًا يتحدث عن المصارف التي اتخذت العقوبات “دون تسميتها”.
وفي سياق متصل، قال مدير عام بنك لبنان والمهجر، سعد الأزهري، إنه لا يحمل أي جهة مسؤولية الحادث، وأضاف “ننتظر التحقيقات، ولا نحمل أي طرف مسؤولية التفجير”.
أما سعد الحرير رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق وزعيم تيار المستقبل فقد أكد أن “تفجير بيروت عمل مخابراتي بامتياز يتخذ من تهديد المصارف منصة لتهديد الاستقرار”، وشدد على أن “القطاع المصرفي ضمانة أساسية للاقتصاد الوطني، ومسؤولية حمايته تقع على كل اللبنانيين”. ورأى الحريري أن التفجير “رسالة خطيرة تستدعي تحركًا عاجلًا من الحكومة والهيئات المعنية لمعالجة التداعيات”.
أما وزير الاقتصاد آلان حكيم فقد صرح لوسائل الإعلام بإن أهم رسالة في الانفجار هي في التوقيت، فهي “ليست رسالة إرهابية بل للقطاع المصرفي، وهذا شيء مؤسف، لكن لا رجوع عن الخطوات التي اتخذها مصرف لبنان، والمصارف اللبنانية، وعلى الأكيد، أن هناك أطرافا ينتهزون الفرصة التي نمر فيها لزيادة التشنج الموجود في البلد، ولا يُمكن أن نتهم أحدا، لكن واضح أن هناك من يزيد الشرخ بين المصارف وبعض الأطراف اللبنانيّة، وأنا أدين هذا الانفجار إدانة تامة”.
جدير بالذكر أن بنك لبنان والمهجر واحدًا من أكبر المصارف اللبنانية، ويرد اسمه إلى جانب ثلاثة مصارف لبنانية أخرى على قائمة فوربس لأقوى مئة مؤسسة في العالم العربي. والتزم المصرف منذ البداية بالتعميم الصادر عن المصرف المركزي في شهر مايو الماضي حول ضرورة تنفيذ مضمون القانون الأميركي الذي أقره الكونجرس في ديسمبر ويفرض عقوبات على المصارف التي تتعامل مع حزب الله.