ترجمة وتحرير: نون بوست
لا يتوقع أحد أن تتعرض المملكة العربية السعودية لغزو بالدبابات في أي وقت قريب، لكن السعودية قامت بعمل طلبية ضخمة من الصواريخ الأمريكية المضادة للدبابات ما جعل متابعي السعودية يحكون رؤوسهم متسائلين عما إذا كان لهذه الصفقة الضخمة علاقة بدعم الرياض للثوار السوريين.
الصفقة المقترحة والتي أبلغ بها البنتاغون (وزارة الدفاع)، الكونغرس (مجلس النواب) سابقا هذا الشهر ستزود الرياض بأكثر من ١٥ ألف صاروخ رايثون المضاد للدبابات بسعر يتعدى المليار دولار. وطبقا لتقرير التوازن العسكري الذي يصدره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فإن مخزون السعودية هذا العام يتجاوز ٤٠٠٠ صاروخ مضاد للدبابات. خلال العقد الماضي، أبلغ البنتاغون الكونغرس بصفقة واحدة تتعلق بذلك النوع من الأسلحة، حيث أرسلت الولايات المتحدة للسعودية ٥٠٠٠ صاروخ في ٢٠٠٩.
يقول محللون أن الصفقة ضخمة للغاية، فهي تحتوي على أحدث أنواع الصواريخ المضادة للدبابات. لكن المشكلة هنا، ما الخطر الذي يتهدد السعودية؟
هذا سؤال صعب. فالمواجهة العسكرية مع إيران، أعدى أعداء الرياض وأكثرهم خطرا، ستكون بالأساس معركة جوية، وبحرية في الخليج. السعودية حاربت خلال السنوات الماضية مع المتمردين شمالي اليمن، لكن هذه المجموعات لم تملك أكثر من عدة مدرعات، كما أن العراق التي شكلت خطرا سابقا على السعودية لم تعد كذلك الآن مع انشغالها بالوضع الداخلي ومخاطر الحرب في سوريا.
لكن السعودية لديها حليف واحد فقط يمكنه أن يحتاج تلك الصواريخ بشدة، الثوار السوريون. في الماضي كانت السعودية سعيدة بالقول أنها اشترت أسلحة من كرواتيا دعمت بها الثوار السوريين، كما أنها تدربهم الآن في الأردن.
تشارلز ليستر، المحلل البريطاني والخبير في شؤون الثورات المسلحة، يقول أن معظم الأسلحة التي حصل عليها الثوار السوريون كانت من نظام الأسد، كما أن هناك تأكيدات أن الثوار في شمال سوريا قد حصلوا بالفعل على أسلحة روسية مضادة للدبابات هذا الصيف.
السعوديون لا يستطيعون إرسال الصواريخ الأمريكية مباشرة للثوار في سوريا، فالقوانين الأمريكية تحظر ذلك بشدة، حيث لا يمكن لمستلمي السلاح الأمريكي أن يعطوه لطرف ثالث بدون موافقة مباشرة وواضحة من الولايات المتحدة، وهذه لا تضمنها السعودية. خاصة مع التأكيدات الأمريكية على مخاطر تزايد أعداد الإسلاميين المتشددين في سوريا، والذي تسبب في وقف “المساعدات غير الفتاكة” التي يرسلها الأمريكيون للجيش الحر أمس الخميس.
لم يُعلم وجود أسلحة أمريكية الصنع سوى صاروخ واحد في أيدي الثوار، وهو صاروخ قديم أرسلته أمريكا لإيران في زمن الشاه، ثم صدرته تلك بدورها إلى الأسد الذي استولى عليه منه الثوار.
المحللون يقولون أن الثوار السوريين سيستفيدون من الصفقة بشكل غير مباشر، فالسعودية ربما تشتري أسلحة من أماكن أخرى ترسلها إلى سوريا، وهي لذلك تشتري الأسلحة الأمريكية لتعوض النقص الذي سينتج في مخزونها.
وبغض النظر عما إذا كان الأمر كذلك أم لا، إلا أن تلك الصفقة بدون شك هي جزء من خطة التسلح السعوية الضخمة. طبقا لتقرير صدر في ٢٠١٢، الرياض وقعت اتفاقيات لشراء الأسلحة بسعر يتجاوز ٧٥ مليار دولار بين ٢٠٠٤ و ٢٠١١ فقط. كيف سيستخدم السعوديون كل هذا السلاح؟ لا أحد يعلم!
الأمر ليس متعلقا فقط بالسلاح المضاد للدبابات، لكنه أيضا بالطائرات التي تشتريها السعودية بدون امتلاكها الطيارين المؤهلين لقيادتها، لقد دفعت الرياض ٣٠ مليار دولار لهذا الغرض.
لكن شراء السلاح قد يكون هو الهدف نفسه! ففي الوقت الذي تتنافر فيه العلاقات السعودية الأمريكية على خلاف الاتفاق الغربي مع إيران، تبدو تلك هي طريقة السعودية في الحفاظ على علاقتها بالبنتاغون وواشنطن.