رغم الانتشار السريع لثقافة العمل الحُر في العالم العربي في الآونة الأخيرة، إلا أنها لا زالت لم تتطوّر وتنضج كما هو الحال في دول أخرى مثل أمريكا وأوروبا، حيث تؤلّف الكُتب وتُجرى أبحاث علمية وأكاديمية كثيرة في مجال “العمل الحُر”، في جامعة “لودفيكسهافين” تم بحث إحدى الإشكاليات التي يُعاني منها الكثير من أرباب العمل في سوق، وهي متى يكون تشغيل المستقلين أفضل للشركة؟ ومتى لا يكون؟ كما تم التركيز على المميزات التي قد يتحلى بها المستقل مقارنة بنظيره الموظف الثابت في الشركة بناء على مقابلات مع أكثر من 5000 رائد من رواد الأعمال في ألمانيا.
المستقل… ركن أساسي في الشركات
لم يعد المستقلون يلعبون دورًا هامشيًا كما كان الأمر في السابق، حيث كان تعيينهم غير وارد غالبًا إلا في الشركات الكبرى، وتشير الدراسة أن المستقلين اليوم هم عماد من الأعمدة التي تستند إليها مكاتب التوظيف حتى في الشركات “الوسطى” وأعدادهم آخذه بالازدياد.
ورغم الاعتقاد السائد بأن نسبة المستقلين في شركات تكنولوجيا المعلومات في ألمانيا حوالي 10% فقط، إلا أن الدراسة تشير أن نسبة المستقلين في مجال تكنولوجيا المعلومات في الشركات الألمانية التي اشتمل عليها البحث يصل إلى 20% من كادرها البشري.
كما أن 70% من المُشاركين في البحث توقّعوا أن نسبة المستقلين في المستقبل يُفترض أن تبقى كما هي أو ترتفع باستمرار.
المستقل أم الموظف الثابت؟
بالنسبة لأرباب الأعمل فإنهم يسعون دائمًا إلى تبنّي استراتيجية توظيف ناجعة كما يرى البروفيسور والباحث في مجال إدارة الكوادر البشرية في جامعة “لودفيكسهافين” التطبيقية، ماتيّاس هامان: “بالنسبة للشركات فإنها تُعنى دائمًا بالجدوى الاقتصادية”، ويضيف: “هذا يؤثر بشكل مباشر على الأساليب والاستراتيجيات التي تعتمدها الشركات في التوظيف”.
وتقوم الدراسة على نموذجين للمقارنة بين “إنتاجيّة” الموظفين والمستقلين وكذلك التكاليف المترتبة على توظيف كلاهما، وفي كلا النموذجين تم النظر بشكل أساسي للفترة التي تحتاج الشركة الموظف الجديد فيها.
وقد خلص الباحثون أن توظيف “المستقلين” في المشاريع التي تستغرق أقل من 8 شهور أفضل من توظيف موظف ثابت وذلك عند مقارنة الأرباح بالتكاليف، ومن الجدير بالذكر أن أحد النماذج الحسابية المعتمدة في البحث خلصت إلى أن الفترة قد تصل إلى 26 شهرًا، أما إن كانت فترة التشغيل ستزيد عن 26 شهرًا فتوظيف الموظف الثابت أفضل.
المستقل… أسرع إنتاجًا!
66% ممن شاركوا في البحث أشاروا إلى أن “المستقل” أسرع إنتاجًا من الموظف الثابت، وبحسب تقديرهم أكثر المشاركين، فإن المستقل في مجال تكنولوجيا المعلومات يستغرق شهرًا حتى يبدأ بالعمل بشكل “مُنتج”، وهو ما يعني أنه يُمكنه أداء المهمة الموكلة إليه دون الكثير من الأسئلة والاستفسارات، بينما الموظف الثابت يستغرق 3 أشهر حتى يصل لإنتاجيّة المستقل.
تُشير الباحثة رومانا ريب في تصريح لموقع “computerwoche.de” قائلة: “المستقل مُعتاد على العمل والتأقلم مع المهام الجديدة بشكل أسرع، ولهذا عندما نتحدث عن بدء الإنتاجيّة فإن السبق للمستقلين”.
هذا غير أن الكثير ممن شاركوا في البحث أشاروا إلى أن المستقلين يمتلكون مهارة في حل المشاكل إذا ما تمت مقارنتهم بالموظفين التقليديين، والذين لا يملكون نفس المهارات بل ويكونون أكثر ترددًا بسب المعرفة المتخصصة ومجال التطبيقات المحدود المتاح لهم.
ماذا عن التوظيف عن بعد عربيًا؟
في العالم العربي لا يُوجد إحصائيات رسمية لتعداد العاملين في مجال العمل الحُر، ولكن المُتابع للمواقع المهتمة، يجد تناميًا في ثقافة العمل الحر، وهو ما دعت إليها الأبحاث والكتب العربية القليلة التي تطرقت إلى العمل الحُر باعتباره خلاصًا من مشكلة البطالة ومشكلات اقتصادية أخرى يُعاني منها العالم العربي مثل كتاب “التوظيف عن بعد” لفاطمة حيشية، وقد جاء في موقع مستقل، وهو من أكبر مواقع المستقلين في العالم العربي: “إن عدد العاطلين عن العمل يصل إلى 20 مليون عربي، وأن فرص العمل الحر والوصول للإنترنت قد تشكل نافذة الأمل لجميع الشباب العربي لتحقيق طموحاته بالعمل وتحقيق دخل جيد يستطيع به التغلب على المشاكل التي فرضتها عليه الظروف”.