تواصل قوات البنيان المرصوص التابعة لحكومة الوفاق الوطني الليبية تضيق الخناق على عناصر تنظيم داعش في مدينة سرت، في الوقت الذي وافق فيه مجلس الأمن الدولي بالإجماع أمس الثلاثاء على قرار يجيز تفتيش السفن في عرض البحر قبالة سواحل ليبيا بالقوة بحثًا عن أسلحة مهربة في حملة تهدف للتصدي لعمليات تهريب الأسلحة إلى هذا البلد.
وواصل الطيران الحربي التابع لقوات “البنيان المرصوص” طلعاته الجوية، في وقت تواصل سرية الهندسة العسكرية عملها في تأمين وتمشيط المناطق المسيطر عليها من الألغام وبقايا المتفجرات.
من جهتها تصدت قوات “البنيان المرصوص” فجر اليوم لهجوم جديد من قبل تنظيم الدولة حاول خلاله استعادة السيطرة على الميناء، وتخوض القوات الحكومية منذ نهاية الأسبوع الماضي حرب شوارع مع عناصر تنظيم داعش الذين يتحصنون في المنازل ويستخدمون القناصة والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة.
وأحكمت القوات الموالية للـ “الرئاسي” سيطرتها على جميع الضواحي الغربية والجنوبية لمدينة سرت الساحلية وأحكمت إغلاق جميع مداخل المدينة، فيما سيطرت على ميناء مدينة سرت وعلى بعض النقاط الاستراتيجية على أطراف سرت، من بينها قاعدة القرضابية الجوية ومحطة كهربائية وعدد من المعسكرات (تاقرفت والجالط والساعدي)، وممر دائري استخدمه التنظيم سابقًا لتعليق جثث أعدائه بعد إعدامهم.
من جانب آخر يستعد المركز الإعلامي التابع لقوات “البنيان المرصوص” لإطلاق البث التجريبي “راديو البنيان” في مدينة سرت وجوارها يهتم بمخاطبة القوات في الميدان وإيصال أصواتهم، والرد على شائعات وأكاذيب وتضليل عناصر تنظيم داعش، حسب غرفة العمليات.
وبدأت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني، في 12 مايو الماضي، شنّ عملية عسكرية أطلقت عليها اسم “البنيان المرصوص”، لتحرير مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) والمناطق المحيطة بها من تنظيم داعش، بعد سنة من سيطرة التنظيم على المدينة إثر انسحاب الكتيبة 166 التابعة لقوات فجر ليبيا والمكلفة من المؤتمر الوطني العام المنعقد في طرابلس بتأمين المدينة.
وتقع مدينة وسط ليبيا تقريبًا، بين المنطقة الشرقية التي تتبع لنفوذ الفريق المتقاعد خليفة حفتر، الذي يرفض حكومة الوفاق، وبين المنطقة الغربية لليبيا، الواقعة تحت نفوذ حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج المدعومة أمميًا.
على صعيد متصل دعا رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج الليبيين إلى دعم قوات حكومته في معركتها لاستعادة مدينة سرت من أيدي تنظيم الدولة الإسلامية، وقال السراج أمس الثلاثاء في خطاب متلفز: “نبارك انتصارات أبنائنا في جبهات القتال (…) في معركة تحرير سرت وتطهيرها من تنظيم داعش”، وأضاف أن “ما يحدث من إنجازات على هذه الجبهات يستحق أن يكون نموذجًا لمشروع وطني لمحاربة الإرهاب”، داعيًا الليبيين إلى أن يلتفوا حول هذا المشروع الوطني لمحاربة تنظيم الدولة.
ويعود ظهور تنظيم داعش في ليبيا إلى منتصف سنة 2013 في درنة شرق البلاد، ثم انتقل بعدها إلى بنغازي فصبراتة غرب البلاد وأخيرًا في سرت ليتخذ منها معقلاً رئيسيًا في البلاد، معلنًا سيطرته التامة عليها مطلع عام 2015، وضم لها مناطق مجاورة، وتتحدث تقارير غير رسمية عن وجود ما بين 5 آلاف إلى 6 آلاف مقاتل لتنظيم الدولة في ليبيا.
“الأمن” سيجيز عملية بحرية لمراقبة حظر الأسلحة
أجاز مجلس الأمن الدولي بالإجماع، مساء أمس، لكافة أعضائه، تنفيذ حظر السلاح المفروض على ليبيا، لمدة عام واحد يبدأ اعتبارًا من تاريخه أمس، ورفض المجلس – في استجابة لتوصيات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون – رفع الحظر الدولي المفروض على صادرات الأسلحة والعتاد إلى ليبيا منذ 2011.
ويسمح القرار الذي طرحته باريس ولندن وحمل الرقم (2292)، للدول الأعضاء بالعمل من أجل “ضمان التنفيذ الصارم لحظر الأسلحة المفروض على ليبيا”.
وسبق لمبعوث الأمم المتحدة لليبيا مارتن كوبلر أن صرح في مجلس الأمن الأسبوع الماضي بأن ليبيا تسبح في بحر من الأسلحة بوجود عشرين مليون قطعة سلاح في البلد الذي يسكنه 6 ملايين نسمة.
وأشار إلى أن تلك الأسلحة “لا تهبط من السماء، لكنها تأتي من خلال شحنات غير قانونية من البحر والبر”، مؤكدًا في الوقت نفسه أن هذه الأسلحة تؤجج الصراع ويجب وقف هذه الشحنات إذا كان ثمة أمل في إحلال السلام بليبيا.
وقال سفير بريطانيا في الأمم المتحدة ماثيو رايكروفت، معلقًا على قرار التصويت “يمكّننا القرار من اعتراض السفن في أعالي البحار قبالة ساحل ليبيا عندما نعتقد أن على متنها أسلحة متجهة إلى ليبيا أو قادمة منها”، وأضاف رايكروفت، في تصريحات نقلتها إذاعة الأمم المتحدة على موقعها الإلكتروني، “القرار يمكّننا كذلك من القيام بعمليات التفتيش والمصادرة والتخلص من الأسلحة وتحويل مسار السفن إلى ميناء مناسب لتيسير عملية التخلص من السلاح”.
في سنة 2011 أصدر مجلس الأمن قرارًا حمل رقم 1970 لعام 2011 بحظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، وأهاب بجميع الدول الأعضاء تفتيش السفن المتجهة إلى ليبيا، ومصادرة كل ما يحظر توريده وإتلافه.
ويسمح القرار الجديد للدول الأعضاء في الأمم المتحدة بصفتها أو عبر منظمات إقليمية بتنفيذ حظر السلاح المفروض على ليبيا و”تفتيش من دون أي تأخير غير مبرر، في المياه المقابلة للسواحل الليبية، السفن المتوجهة أو الخارجة من ليبيا التي توجد أسباب توجب الاعتقاد بأنها تحمل أسلحة أو مواد عسكرية إلى ليبيا أو منها”، وذلك بالتشاور مع حكومة الوفاق الوطني وخلال فترة زمنية مدتها عام واحد تبدأ اعتبارًا من الثلاثاء.
وسيوسع القرار المهمة المعروفة بـ “عملية صوفيا” لمكافحة تهريب المهاجرين في مياه المتوسط، لتشمل مراقبة حظر الأسلحة على ليبيا لدعم حكومة الوفاق الوطني الليبية التي تجد صعوبة في ترسيخ سيطرتها على ليبيا.
وتشكلت حكومة الوفاق الوطني في ليبيا لتحل محل الحكومتين المتنافستين (شرق وغرب البلاد) اللتين تنازعتا السلطة منذ 2014، وتسعى الحكومة منذ وصولها إلى طرابلس لدمج عدد من الفصائل المسلحة الرئيسية في ليبيا في جيش موحد رغم ما تواجهه من مقاومة من قادة عسكريين شرقي البلاد على رأسهم اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يرفض الاعتراف بحكومة الوفاق.