عنونت مجموعة الحملة السورية تقريرًا لها صدر يوم أمس الأربعاء بـ “التحيز: الأمم المتحدة تفقد نزاهتها واستقلالها وحيادها في سوريا”، مؤلف من 50 صفحة ووسم بشعار الأمم المتحدة ملطخًا باللون الأحمر كدلالة على دماء الشعب السوري الذي تنتهك حقوقه ليل نهار من قبل النظام السوري وعلى مرأى من العالم كله دون أن يحرك ساكنًا، والذي يموت جوعًا في المناطق المحاصرة منذ أعوام بسبب الحصار المطبق من قبل قوات النظام السوري الذي أدى لقطع الغذاء والدواء وسبل العيش.
ففي الوقت الذي يموت فيه الناس من الجوع والمرض بسبب قلة الغذاء والدواء في المناطق المحاصرة فإن حصصهم من المساعدات الإغاثية المقررة من الأمم المتحدة تذهب إلى مناطق تابعة لسيطرة النظام، ويرجع التقرير أن هذا الشيء يساهم في “إطالة أمد الصراع وموت المئات من المحاصرين بسبب التجويع والأمراض المرتبطة بسوء التغذية”.
التقرير حمل اتهامًا صريحًا من قبل الحملة السورية التي تضم 55 منظمة غير حكومية عاملة في المجال الإنساني والإغاثي ضد الأمم المتحدة بانحيازها لصالح النظام السوري من خلال المساعدات الإنسانية التي وجهت إلى مناطق خاضعة لسيطرة النظام بالنسبة الأعظم، علمًا أن المساعدات من المفترض أن تذهب للمناطق المنكوبة والمحاصرة التي تتعرض للحصار وللقصف الممنهج من قبل النظام السوري وحلفائه.
وتفيد التحاليل الواردة من منظمات الإغاثة السورية أن نسبة الـ 88% من الأغذية الموزعة في مناطق سيطرة النظام السوري بدمشق في أبريل/ نيسان الماضي كانت لضمان بقاء مكاتب الأمم المتحدة العاملة في دمشق، في حين أن المناطق المحاصرة لم يصلها من تلك المساعدات إلا ما نسبته 12% وهو شيء نزير جدًا مقارنة بالاحتياجات المطلوبة لتلك المناطق.
وبحسب الاحصائيات الواردة في التقرير فإن ما نسبته 96% من المساعدات الغذائية المسلمة إلى داخل البلاد تم توزيعها في مناطق سيطرة النظام بينما تم توزيع 4% فقط من تلك المساعدات في المناطق الخاضعة للمعارضة السورية.
وأردف التقرير أن منظمة الأمم المتحدة فشلت في تعريف المناطق المحاصرة وتصنيفها، حيث انتهكت عمليات الإغاثة الجارية في سوريا والتي تديرها الأمم المتحدة، المعايير الإنسانية للمنظمة الدولية، ففي العام 2015 أذعنت الأمم المتحدة بحسب التقرير لضغوط النظام السوري لشطب عبارة المناطق المحاصرة ووضعت بديلاً عنها عبارة المناطق صعبة الوصول، علمًا أن لكل من التعبيرين إجراءات مختلفة بحسب جداول الأمم المتحدة، وهو ما اعتبره التقرير أن مثل هذه الانتهاكات والرضوخ من قبل المنظمة لصالح النظام قد يجعلها طرفًا في النزاع السوري.
أوضح التقرير أن النظام السوري هدد الأمم المتحدة مرارًا بإغلاق مكاتبها في دمشق وسحب إذن العمل منها في سوريا وسحب تأشيرات موظفيها غير السوريين لمنعها من إدخال مساعدات إنسانية إلى بلدة محاصرة في درعا منذ عام 2011 فما كان من المنظمة إلا أن “أذعنت لطلب النظام وامتثلت لأوامره”.
وأشار التقرير أيضا أنه في أغسطس/ آب من العام الماضي وجه النظام السوري 99% من مساعدات الأمم المتحدة إلى مناطق سيطرته في دمشق وحصل الناس في المناطق المحاصرة على مساعدات غذائية من الأمم المتحدة بنسبة 1%.
وجاء في التقرير نسب وعدد الضحايا السوريين الذين قتلوا خلال السنوات الماضية منذ منتصف مارس 2011 حتى شهر مارس العام الجاري وتبين أن ما نسبته 94.7% من الضحايا قتلوا على يد قوات النظام السوري وعددهم 183 ألف و827 شخصًا.
دخول المساعدات للمرة الأولى إلى داريا ودوما
للمرة الأولى منذ عام 2014 دخلت قافلة مساعدات غذائية وطبية بإشراف الأمم المتحدة إلى مدينة دوما المحاصرة بالغوطة الشرقية في ريف دمشق، وتتألف القافلة من 39 شاحنة تحمل مواد غذائية أساسية وأدوية ومستلزمات طبية مختلفة، كما تبحث تسيير عيادات طبية متنقلة للمناطق المحاصرة.
إلا أن دخول القافلة لم يكن قرارًا محضًا من الأمم المتحدة، فمبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا ستيفان دي مستورا قال إن الحكومة السورية وافقت على دخول قوافل الأمم المتحدة البرية إلى 15 من 17 منطقة تحاصرها الحكومة في يونيو/ حزيران الجاري، أي أن الأمم المتحدة لا تزال مرغمة بموافقة الحكومة السورية التي تسيرها بالأجندة التي تريد.
وسبقها في الـ 10 من هذا الشهر دخول أول قافلة مساعدات إلى مدينة داريا المحاصرة منذ العام 2012 تحمل موادًا غذائية بإشراف الهلال الأحمر السوري بالتعاون مع الأمم المتحدة، ويذكر أنه يقطن في المدينة ما يقرب من 8 آلاف شخص يعانون من نقص في التغذية، علمًا أن المدينة تقع على بعد 10 كيلومترات جنوب غرب العاصمة.
وكانت الأمم المتحدة قد أقرت إسقاط المساعدات الغذائية للمحاصرين عبر الجو إلا أن هذا القرار عاد ليواجه صعوبات ومشاكل عديدة تتعلق بضرورة التنسيق مع النظام السوري، وفي أول تجربة لإنزال 20 طنًا من المساعدات الغذائية في مدينة دير الزور وقعت بالخطأ في مناطق تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، علمًا أن هناك ما يقرب من 200 ألف شخص من سكان مدينة دير الزور يعانون من الحصار والنقص الحاد في الغذاء.