جو كوكس هي واحدة من أبرز نواب البرلمان البريطاني لعام 2015، وُلدت وتربت في مقاطعة يوركشاير في شمال شرق إنجلترا لأسرة متوسطة لأم تعمل كسيكرتيرة في إحدى المدارس، وأب يعمل في مصنع لمعجون الأسنان، فازت جو بمقعد لها في كامبيردج بعد أن درست في مدرسة عادية، وقد أشارت لذلك في حديث لها مؤخرًا مع الصحيفة المحلية لمقاطتها يوركشاير بوست بأنها لم تعتقد أبدًا أنها ستكون سياسية، لقد قضت إجازاتها دومًا في جمع معجون الأسنان وتغليفه مساعدًة لوالدها، لم تعتقد أن كامبيردج ستغيرها كثيرًا، حيث قالت أن منظورالحياة بالنسبة لها تغيّر كليًا في كامبيردج، فهناك يلزم عليك أن تراقب طريقة حديثك مع الآخرين، و من هم في دوائر علاقتك، وكذلك أهميتهم في المجتمع، هناك يهمهم جدًا أين وُلدت، ومن تعرف ومن لا تعرف، وكيف تتحدث، وهي لم تكن أبدًا ذلك الإنسان المهم، الذي يعرف كل أؤلئك اصحاب المكانة الاجتماعية الرفيعة أو المشهورين بين دوائر معارفها، لم تعرف أيضًا كيف تتعلم أن تتحدث مثلهم، لذلك كانت كامبيردج بمثابة نقطة تحول في حياتها و أساس تحوّلها من مراهقة صغيرة إلى نائبة برلمان عظيمة.
قبل أن تبدأ كوكس مشوارها السياسي، عملت في منظمات حقوق الانسان في البلاد النامية، فكانت ناشطة مخلصة في مؤسسة ” أوكسفام” وهي مؤسسة حقوقية تعمل في أكثر من 94 دولة من الدول النامية، حيث ذهبت بنفسها إلى أفغانستان والسودان والعديد من الدول الإفريقية ، وشاركت في برامج اعادة التأهيال الخاصة بالنساء ضحايا الاغتصاب المتكرر في دارفور، كما شهدت بنفسها تسليح الأطفال في أوغندا وقتلهم أفرادًا من عائلتهم، كما ذهبت إلى أفغانستان وقابلت شيوخًا أفغان وتحدثت معهم عن مشاكلهم واحتياجاتهم، وقالت في أحد التصاريح لها حول رحلتها في أفغانستان بأن الشيء الوحيد الذي تعلمته أنه عندما تهمل مشكلة ولا تبحث لها عن حل، تزداد سوءًا بدرجة أكبر مما كانت عليه.
جو كوكس المناضلة القوية تجاه الأزمة السورية
عُرفت جو بموقفها الواضح تجاه الأزمة السورية، حيث ألقت في العديد من المرات خطابات قوية موجهة للحكومة البريطانية تحثهم فيها على توضيح موقفهم من الأزمة السورية، وتطلب منهم المزيد من التحرك الدولي باسم الحكومة البريطانية لمساعدة المرضى والجرحى بعد القصف المستمر على مستشفيات حلب، كما طلبت من الحكومة البريطانية تغيير موقفها في قضية استقبال اللاجئين داخل الحدود البريطانية وانقاذ الأطفال السوريين من الحياة المروعة التي يعيشوها في بلادهم.
سوريا هي اختبار جيلنا، هي مسؤوليتنا، صراعها أجبر أكثر من نصف سكانها على الرحيل، ولا زال رد المجتمع الدولي مثارا للأسف والشفقة
طلبت جو كوكس في الشهر الماضي طلبًا عاجلًا من الحكومة البريطانية بالتدخل لوقف قصف حلب موجهة أسئلتها لرئيس الوزراء بأنه لماذا لا يجد نفسه مسئولًا عن التدخل الفوري لحماية المدنين ضحايا الحرب الأهلية في سوريا، ولماذا لا يرسل طائرات للمعونة لسد جوع الأطفال اليتامى هناك، ولماذا لا يحاول استقبال الأطقال اللاجئين داخل الحدود البريطانية، فقد حان الوقت لأن تتراجع بريطانيا عن رفضها استقبال الأطفال السوريين، ثم أنهت خطابها القوي في ذلك الوقت قائلة: بأن كل ما يحتاجه الشر للإنتصار، هو عجز الرجال الصالحين عن فعل أي شيء لوقفه.
امتعنت النائبة جو كوكس عن التصوريت لصالح الجيش البريطاني من التدخل العسكري الجوي لبريطانيا في سوريا، وقالت أنها لا تعارض المبدأ ولكن تعارض الميكانيكية، ولا تجد ذلك حلًا لمساعدة الجرحى والمرضى والأطفال اليتامى والجوعى هناك، وأن الحل الأمثل هو وقف العنف والحرب واستقبال الأطفال في بريطانيا وإدراجهم ضمن برامج إعادة التأهيل لما بعد الصدمة.
رغم عمل جو كوكس في الحملة الإنتخابية لأوباما في عام 2008، وموقفها الواضح بإعجابها بالرئيس أوباما، إلا أنها انتقدته هو ورئيس الوزراء البريطاني كاميرون بشدة إثر موقفهم تجاه الأزمة السورية ووصفهما لها بالقضية الصعبة جدًا، وهو الأمر الذي لم يغير شيئًا من استمرار الحرب في سوريا، بل تفاقم الوضع حتى وصل إلى التطرف الإرهابي بظهور تنظيم الدولة الإسلامية، والتي ضيقت الخناق على أزمة اللاجئين السوريين الموجودين بأوروبا بحسب رأيها.
حديث جو كوكس في البرلمان البريطاني عن الأزمة السورية
جو كوكس الناشطة الحقوقية والنسوية
عملت كوكس من قبل كمستشارة لسارة براون زوجة رئيس حزب العمال ورئيس الوزراء الأسبق لبريطانيا، حيث عملت في حملاتها من أجل صحة المرأة والطفل، كما عُرفت كوكس بكونها ناشطة تدافع عن النسوية، حيث نظمت العديد من الحملات التي كان هدفها ضم أكبر عدد من النساء داخل البرلمان البريطاني، حيث قامت بإجراء التدريبات الخاصة بالعمل السياسي لهن وتبرّعت لشبكة النساء في العمل الاجتماعي والسياسي في بريطانيا، حيث صدر تصريح من تلك المجموعات بعد وفاة جو كوكس يقول بأنهم كانوا من المحظوظين لمقابلتها والعمل معها والتعلم على يديها، وسيحاولوا أن تظل ذكراها حية بينهم.
كوكس الأم والزوجة
كوكس هي أم لطفلين صغيرين، تعيش مع زوجها في لندن في منزل كان في الأصل قارب قبل أن تحوّله هي وزوجها إلى منزل وصفه الأصدقاء بأنه غريب الأطوار بشكل جذاب، حيث كان من المتوقع أن تحتفل فيه مع أصدقائها قي عيد ميلادها الذي كان من المفترض أن تتم فيه الثانية والأربعين يوم الأربعاء القادم.
مقتل النائبة البريطانية في شوارع لندن
هاجم كوكس متعصب مسلح أطلق النار عليها عدة مرات كما طعنها كذلك عدة مرات قائًلا لها بريطانيا تأتي أولًا أكثر من مرة، ليصيبها إصابات عميقة في مختلف أنحاء جسدها لم تستطع أن تقاومها لتموت في المشفى بعد مدة قصيرة من إطلاق النار عليها.
قالت جو كوكس في إحدى خطاباتها أن ما تعلمته من سفرها حول العالم وتحدثها مع مختلف الأمم أن ما يجمعنا على الرغم من اختلافاتنا أكثر بكثير مما يفرقنا، بالفعل هناك خط ضعيف بين الوحشية والتحضر، إلا أنه إذا أصابت البربرية والوحشية والتعصب أهل السلام وداعمي الحرية ومحبي الاختلاف بين الأمم، فإن الحزن هذه المرة يكون عميقًا للغاية.