عاد التوتر في العلاقات المغربية – الموريتانية، في الفترة الأخيرة، إلى الواجهة، بعد رفض ملك المغرب محمد السادس استقبال وزير الخارجية الموريتاني، وورود أنباء عن اعتزام الملك عدم المشاركة في القمة العربية المزمع عقدها في الجارة الجنوبية، في وقت أقدمت فيه الحكومة الموريتانية على طرد عدد من العاملين بشركة اتصالات “موريتل” التي يملكها البلدان مناصفة.
ويرجع متابعون عودة التوتر الديبلوماسي بين المغرب وموريتانيا إلى العديد من الأسباب، أهمّها كيفية إدارة موريتانيا علاقتها مع جبهة البوليساريو والجزائر، ومبادرة موريتانيا باستضافة القمة العربية التي اعتذرت عن استضافتها المملكة المغربية.
ويؤكد البعض أن رفض المغرب استقبال المبعوث الموريتاني، يعود إلى الموقف المبدئي للمغرب من القمة العربية التي رفض استضافتها، بحجة أنها لن تكون مجدية، إضافة إلى تداعيات الحضور الرسمي الكبير لموريتانيا، في مراسم تشييع زعيم جبهة البوليساريو محمد عبد العزيز.
وقامت موريتانيا بإيفاد وفدًا رفيع المستوى إلى مخيمات تندوف لتقديم واجب العزاء في وفاة زعيم جبهة البوليساريو محمد عبد العزيز، إلى جانب إرسال برقية التعزية من رئيس موريتانيا إلى عائلة الزعيم الصحراوي الراحل، ووصفت الرسالة “زعيم جبهة البوليساريو محمد عبد العزيز المراكشي” برئيس الجمهورية، في وقت تعد فيه الرباط جبهة البوليساريو أكبر أعدائها في المنطقة.
على صعيد متصل، وفي مؤشر على التوتر الذي تعيشه العلاقة بين نواكشوط والرباط، أقدمت الحكومة الموريتانية على طرد عدد من العاملين بشركة اتصالات”موريتل” التي يملكها البلدان مناصفة، وبررت الشركة طرد العمال بأنهم يعملون في مواقع فنية حساسة ينبغي أن يشغلها مواطنون موريتانيون.
وفي تعليقه على الحادثة قال محمد الأمين ولد الشيخ الناطق الرسمي باسم الحكومة المورتانية “إن شركات الاتصال لديها أجهزة حساسة ويجب التأكد من أنه يتم استخدماها في الغرض الصحي”، ملفتًا إلى أن الموظفين الموريتانيين يجب أن تكون لهم أولوية في شغل المناصب الحساسة بهذه الشركات.
ونتيجة توتر العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، تعثر عمل اللجنة المشتركة بينهما، ويعود آخر اجتماع للجنة العليا المشتركة بين المغرب وموريتانيا إلى عام 2013، وقد احتضنته نواكشوط بإشراف من رئيس وزراء المغرب عبد الإله بنكيران ورئيس وزراء موريتانيا آنذاك مولاي ولد محمد لغظف.
وخفضت موريتانيا تمثليها الدبلوماسي منذ سنوات إلى أقصى درجة، حيث كان الرئيس محمد ولد عبد العزيز مع كل موجة تعيين للدبلوماسيين يقوم بتخفيض التمثيل الدبلوماسي لبلاده في الرباط، ويدير ملف السفارة المغربية هناك مستشار دبلوماسي قادم من الجزائر، وذلك بعد نقل القائم بالأعمال في السفارة الموريتانية سفيرًا في دولة مالي، فيما يرفض المغرب تغيير سفيره في موريتانيا عبد الرحمن بن عمر الذي يشترك مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في ذات الأصول القبلية، وتتهمه أطراف قوية في النظام الموريتاني بالانحياز إلى أطراف من المعارضة الموريتانية، أبرزها الرئيس السابق اعل ولد محمد فال، ورجل الأعمال المعارض محمد ولد بوعماتو.
ومن أسباب تواصل التوتر بين البلدين، احتضان المغرب لمعارضين موريتانيين على غرار رجل الأعمال المعارض المصطفى ولد الإمام الشافعي، الذي أصدرت موريتانيا مذكرة توقيف دولية بحقه، وطالبت الرباط مرارًا بتسليمه، وهو ما رفضه المغرب، كما يقيم في مدينة مراكش المغربية رجل الأعمال المعارض محمد ولد بوعماتو، الذي يتهمه ولد عبد العزيز بالسعي لإسقاط حكمه بالتنسيق مع الرئيس السابق أعل ولد محمد فال، الذي يقيم هو الآخر في المغرب.
ويعود توتر العلاقات بين البلدين إلى وقت حصول موريتانيا على استقلالها، ووقوف المغرب ضد هذا الاستقلال واعتبار موريتانيا جزءًا منه، حيث دعم المغرب وسلّح جيش التحرير الذي أنشأه السياسي الموريتاني أحمدو ولد حرمة، ونفّذ عدة عمليات عسكرية في موريتانيا.