قالت مجلة الإيكونوميست البريطانية إن جماعة الإخوان المسلمين، أكبر الجماعات الإسلامية في مصر، تمزق نفسها بالصراعات الداخلية بين قياداتها وأعضائها على الزعامة وتحديد الأولويات، وأنها إذا كانت تواجه تحديات السجن والمطاردة فهي أيضا تواجه “تنافس الاشقاء” الذي يهدد بتمزيقها بينهم.
ونوهت لإن “الخلاف يرمز إلى صراع عميق داخل الجماعة بشأن قيادتها وأولوياتها”.
وتساءل تقرير المجلة اليوم السبت 18 يونيو عمن يمكن الاتصال به في حالة الرغبة في التحدث إلى أحد في جماعة الإخوان؟ مشيرة إلى أن معظم قادتها في السجن، وكثير منهم حكم عليه بالإعدام، وآخرين يختبئون من نظام السيسي، الذي أطاح في 2013 بالحكومة التي كان يقودها الإخوان، وحظر الجماعة بسبب مزاعم الإرهاب، كما فر مئات آخرون من اضطهاد السيسي لدول أكثر تعاطفا مثل تركيا وقطر.
وحذرت “الإيكونوميست” من أن “جماعة الإخوان تمزق نفسها بعد 88 عاما من النشاط الديني والسياسي والاجتماعي، الذي كان مصدر إلهام لتشكيل جماعات مماثلة في أنحاء المنطقة.”
وقالت المجلة إنه “ما يزيد صعوبة الأمور أن الجماعة لا تتفق على من يتحدث باسمها هذه الأيام”، فبعض قادة الجماعة أقالوا محمد منتصر، وهو اسم مستعار للمتحدث المشاكس باسم الجماعة، أواخر العام الماضي، وبالمقابل رفض قادة آخرون هذه الخطوة، معتبرين أنها تخالف الاجراءات المتبعة.
وأشارت إلى أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر تواجه ظروفا صعبة وغير مسبوقة، فأنصار الجماعة لا يدرون من القائد، ومن الذي يحركها في الوقت الذي يقبع غالبية قادتها القدامى وراء القضبان.
وعلى حين وجهت للجماعة في عهدي الحكام السلطويين السابقين جمال عبد الناصر وأنور السادات اتهامات للجماعة ومؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا، باللجوء للعنف في بعض الاحيان؛ إلا أن تاريخها الطويل، بحسب الايكونوميست، يميل الي النهج السلمي.
خلافات ما بعد الانقلاب
ومع ثورة يناير 2011 ضد حسني مبارك، ظهرت خلافات داخل الجماعة حيث ظل قادة الإخوان بعيدين عن الانظار، فيما شارك العديد من أعضاءها في الاحتجاجات، ثم ظهر الانقسام مرة أخرى بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي.
والآن لجأ عدد من أعضاء مكتب الإرشاد، منهم محمود عزت القائم بأعمال المرشد ومحمود حسين الأمين العام، والذين يطلق عليهم “الحرس القديم”، لإعطاء الأولوية للحفاظ على بقاء الجماعة ودعوا إلى اتباع نهج تدريجي في تغيير الدولة.
ولكن الكثير من أعضاء الجماعة، يريدون اتخاذ موقف تصادمي بدرجة أكبر، ويمثلهم هؤلاء القادة الجدد مثل أحمد عبد الرحمن، الذي يرأس مكتبا للإخوان في اسطنبول، ومحمد كمال في مصر، اللذين علق الحرس القديم عضويتهما في مكتب الإرشاد.
ويقول التقرير البريطاني إن بعض أعضاء جماعة الاخوان “تحولوا للعنف عقب الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي المنتمي للجماعة، لكن الحرس القديم عارض علنا مثل هذا التحرك، وألمح إلى أن منافسيه لا يعارضون ذلك (أي يرفضون أيضا العنف”.
ونقلت المجلة عن القيادي بالجماعة عمرو دراج الذي يعيش حاليا في اسطنبول ويساند الجانب الأكثر ميلا للتصادم إن موقف الحرس القديم “خاطئ تماما”.
ورأي “دراج” أن “ركود” الجماعة تحت قيادة الحرس القديم يمثل قوة تدفع الشبان نحو العنف، ويتهم آخرون الحرس القديم بالتفاوض مع النظام، وهي تهمة ينفونها.
ليس صراع أجيال
وذكر التقرير أن القادة الجدد للجماعة يقولون إنهم يريدون إصلاح العملية المركزية لصنع القرار، وتمكين المرأة والشباب، لكن الانقسام في الجماعة ليس بالضبط صراع أجيال، فالكثير من أعضاء الجماعة فاض بهم الكيل من الجانبين اللذين يتبادلان الاتهامات علنا.
فقد وجه بعض اعضاء الجماعة اتهامات إلى محمود حسين بالحصول على رشا من الحكومة التركية، واتهموا اخرين باستغلال دماء شهداء الجماعة لحشد التأييد.
ونقلت المجلة عن “عبدالرحمن عياش” العضو السابق بالجماعة قوله إن “ما يردده كلا الطرفين مثير للاستقطاب .. لا توجد فرصة للمصالحة”.
انقسامهم يسعد السيسي
وتقول الإيكونوميست إن الانقسام بين صفوف الإخوان قد يسعد السيسي الذي يبدو عازما على سحق الجماعة، لكنها نقلت عن أعضاء في الجماعة قولهم “إن تصرفات السيسي تدفع الناس نحو التطرف”.
وأشارت إلى أنه مع احتدام النقاش الداخلي بشأن العنف العام الماضي، كتب محمود غزلان المنتمي للحرس القديم ردا قويا بعنوان “قوتنا في سلميتنا”، وبعد أيام، اعتقل إلى جانب أحد علماء الازهر من الجماعة أعلن استنكاره للعنف كذلك، وهو الدكتور عبدالرحمن البر الذي يوصف بأنه مفتي الجماعة.
ويواجه الاثنان حكما محتملا بالإعدام، لهذا يتساءل أعضاء الجماعة داخل مصر، بحسب المجلة، “عما إن كانت هناك اي طريقة أخرى للتصدي لمثل هذا النظام العنيف”.
المصدر: إيكونوميست – تقرير: إيوان 24