درجت العادة أن تكون المشاريع العملاقة والإبداعية في الدول الغنية كدول الخليج العربي لما لتلك المشاريع من تكلفة مالية ضخمة ولتوافر البيئة الاقتصادية المناسبة التي تسمح بإقامة هكذا مشاريع، سوى أن مشروع “قلب العالم” في السودان المخطط تنفيذه بداية من الشهر المقبل لينتهي في العام 2038 سيضع السودان على قائمة الدول التي تنفذ مشاريعًا عملاقة، وسيعطي البلاد دفعة في الاستثمارات الأجنبية من خلال فتح باب دخول رأس المال الأجنبي للاستثمار في كافة المجالات الاقتصادية.
مشروع قلب العالم في السودان
تقع جزيرة مقرسم في ولاية البحر الأحمر في شمال شرق السودان تبعد 200 كيلومتر عن مدينة جدة السعودية و280 كيلومترًا عن مرسى علم المصرية ونحو ألف كيلومتر عن الخرطوم عاصمة السودان، في العام 2013 قررت المحكمة الإدارية في السودان إعادة منحها للمستثمر السعودي أحمد عبد الله الحصيني – صاحب مجموعة الحصيني السعودية للاستثمار – لتصبح الجزيرة ملكًا له لإقامة مشروع قلب العالم عليها، حيث وضع الرئيس عمر البشير حجر الأساس للمشروع في ديسمبر/ كانون الأول عام 2012 وقد انطلقت الاستعدادات الإدارية للمشروع كما أعلنها مدير المشروع سامي محمد محمود.
وسيكون المشروع مصدرًا هامًا لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى السودان ولفت الأنظار إلى البلاد التي تزخر بالثروات الطبيعية والبشرية، ومن المتوقع أن يسهم المشروع في رفع معدلات النمو وتخفيض معدلات البطالة ورفع درجة التشغيل العام في المجتمع لما سيخلقه من فرص وظيفية خلال مراحل إنشاء المشروع.
ويشمل المشروع مدنًا صناعية وسياحية متخصصة ومطارات وموانئ دولية وسكنًا عقاريًا وتعليميًا ومراكز مالية ومكاتبًا وقنوات فضائية وإعلامية وفنادقًا ومدنًا رياضية وأسواقًا تجارية، وتتميز منطقة المشروع بالهدوء وتقع في نهاية المنطقة المدارية أي بالقرب من مدار السرطان ما يجعل فترة الدفء تمتد لفترة أطول بما يزيد من توقعات طول فترة الذورة السياحية في كانون الأول وكانون الثاني وشباط.
ويستوعب المشروع نحو 5 آلاف مستثمر حول العالم بحسب الشركة المنفذة وتقدمت حتى الآن 75 شركة من السعودية وعُمان للدول في استثمارات المشروع وسيتم إنشاء بنك خاص للمشروع خلال الفترة المقبلة كما أشار إليه مدير المشروع ويبلغ تكلفة المشروع 20 مليار دولار.
تبلغ تكلفة مشروع قلب العالم 20 مليار دولار
ستحتضن الجزيرة عند انتهائها على أكثر من 150 ألف مقيم لتغدو وجهة الأعمال والتجارة لحوالي 120 ألف موظف وسترحب بأكثر من 90 ألف زائر شهريًا، ومساحة المشروع لا تتوفر في أي مشروع ترفيهي آخر مما يجعله جاذبًا للمستثمرين مع ما تحويه من واجهات بحرية كبيرة يصل طولها إلى قرابة 121 ألف قدم ومن المقرر أن يحوي المشروع أعلى برج في العالم باسم برج الحصيني بارتفاع 1750 مترًا على شكل سنبلة ذرة عملاقة وسيحوي أيضًا أكبر نافورة في العالم، وأحدث ميناء في الشرق الأوسط وأكبر مناطق المارينا التي تتسع لأكثر من 2400 قارب وأرصفة بحرية تستوعب قرابة 700 يخت، ومطار يحتوي على خدمات الطائرات وصيانتها وتشغيلها.
متى ينتهي المشروع؟
يبدأ المشروع بإنشاء مدينة رائدة يبدأ العمل بها في منتصف يوليو/ تموز القادم ويفتتح في ديسمبر من هذا العام ومن منتصف العام القادم 2017 وحتى العام 2020 تبدأ مرحلة بناء البنية التحتية للمشروع من كهرباء وطرق وميناء بعمق 8 أمتار ويستقبل باخرة بحمولة ألف طن، كما سيتم بناء محطة لتحلية المياه ومحطة للكهرباء تعمل بالطاقة المتجددة.
وتأتي المرحلة الثانية من العام 2020 وحتى العام 2024 وفيها تنفذ مدينة الماسة والمطار بنسبة 75% والميناء بنسبة 50% بينما تتبعها مرحلة تمتد من العام 2024 وحتى 2038 العام الذي من المقرر فيه الانتهاء من المشروع حيث سيتم في هذه المرحلة بناء مدينة الإنتاج الإعلامي والمال والفيلات والمرافق السياحية.
سيتم الانتهاء من مشروع قلب العالم في العام 2038
السودان انضمت لنادي المشاريع العملاقة
إذن ليست الإمارات وحدها فقط من تنفذ مشاريع عملاقة وأبراج بأشكال هندسية خلاقة، فالسودان بمشروع قلب العالم تكون قد دخلت على خط الإبداع الهندسي على الماء بإنشاء جزرًا اصطناعية وبناء مدن تريفيهية على جزر طبيعية باستثمارات ضخمة تشمل مطارات وموانئ وفنادق ومنتجعات وأحياء للمال والأعمال وأعلى برج في العالم وأكبر نافورة وأميز شكل بناء.
فالإمارات وقطر والبحرين ودول عديدة حول العالم بنت جزرًا اصطناعية وأقامت عليها مدنًا ترفيهية استطاعت من خلالها أن تحجز لنفسها مكانًا في الإبداع الهندسي، كما في جزر النخيل المصممة من قبل شركة النخيل الإماراتية في إمارة دبي وجزر العالم التي تظهر تصميم مصغر لشكل قارات العالم، وجزيرة لؤلؤة قطر على مساحة شاسعة تبلغ 4 ملايين مترمربع وهي أول جزيرة في قطر يتم السماح للأجانب بامتلاك المباني فيها، وجزر الأمواج الاصطناعية في البحرين للأغراض السكنية.
وبهذا المشروع العملاق قد يبدأ رأس المال الاستثماري في المشاريع العملاقة بالتحول من دول الخليج العربي إلى السودان، فتخطف الأضواء من الدول الخيجية وتبدأ مرحلة اقتصدية في السودان دشنها مشروع “قلب العالم”.