تتجه الحكومة الجزائرية، غدًا، إلى قطع شبكة الإنترنت عن البلاد، تزامنًا مع انطلاق الدورة الثانية للامتحانات العامة الجزئية “البكالوريا”، بهدف الحد من حالات الغش وتسريب أسئلة امتحانات البكالوريا كما حصل في دورة مايو المنصرم.
وشهدت الدورة الأولى للبكالوريا التي جرت في الـ 29 من مايو الماضي، تسريب أسئلة الامتحانات لعدد من المواد، الأمر الذي حتم صدور أوامر وزارية بإعادة جزئية للمواضيع التي عرفت تسريبًا.
وتنظم غدًا الأحد الدورة الثانية لامتحانات شهادة البكالوريا التي ستعاد بشكل جزئي (38 بالمئة من أصل 818 ألف مترشح سيعيدونه) بالنسبة لبعض الشعب ومجموعة من المواد (العلوم الطبيعية، الرياضيات، الفيزياء، اللغة الفرنسية…) التي تم تسريب أسئلة امتحاناتها، في دورة مايو الماضي.
وأشارت مصادر إعلامية إلى أن قطع شبكة الإنترنت إن تم فيعود إلى عدم فاعلية تعطيل مواقع التواصل الاجتماعي فقط في الحد من تسريب الامتحانات، وكانت وزارة التعليم وبمساعدة وزارة الاتصالات، قد عمدت إلى تعطيل الدخول على مواقع التواصل الاجتماعي وإيقاف خدمة تقنية الجيل الثالث خلال أيام الامتحانات التي جرت نهاية الشهر الماضي، وذلك من الساعة الثامنة صباحًا إلى الخامسة مساءً لمدة خمسة أيام، لكن ذلك لم يمنع حالات الغش.
وشدّدت وزارة التربية، في تحذيراتها للطلبة المعنيين بالدورة المكررة لبكالوريا 2016، من استعمال مختلف الوسائل الإلكترونية الذكية التي تستغل في الغش، كما تم التحذير أيضًا من استعمال أوراق إجابة أو مسودات غير تلك المسلمة في المركز، فضلاً عن منع إدخال كتب أو كراسات أو مطبوعات.
وأشارت صحف محلية، إلى أن السلطات المحلية أوكلت مهمة تسيير وإدارة ملف الامتحانات إلى قوات الجيش، على أن تطبع الأسئلة في مطابعه الخاصة وألا تغادر المطابع إلا ساعات قليلة قبل الامتحانات، تحت حراسة أمنية مشددة، مع تضيق حلقة أولئك الذين يمكنهم الوصول إلى الأسئلة لتفادي تسريبها.
وذكرت صحيفة “النهار” الجزائرية أن الاستدعاءات الموجّهة لأكثر من 500 ألف مترشح معني بالدورة المكررة لبكالوريا 2016، تضمنت إلى جانب التحذيرات الكتابية من محاولات الغش والعقوبات التي قد تترتب عليها، والتي قد تصل إلى 10 سنوات إقصاء، صورًا مشطوبة بعلامة “X” بلون أحمر لأربعة أجهزة إلكترونية ذكية تتمثل في جهاز الحاسوب اللوحي (تابلات)، وهاتف نقال من الحجم الكبير وآخر من الحجم الصغير وجهاز للتشويش قرب الصور للتأكيد على أن مصالح الأمن ستشوش على هذا النوع من الأجهزة طيلة أيام الامتحان التي ستمتد من 19 يونيو وإلى غاية الـ 23 منه.
وأثبتت أولى نتائج التحقيقات التي فتحتها أجهزة الأمن عقب “فضيحة التسريبات” تورط كوادر من الديوان الوطني للمسابقات والامتحانات وأساتذة، وتمكّنت التحقيقات الأمنية من تحديد هوية مئات المعنيين بفضيحة تسريبات الامتحان في 30 محافظة جزائرية أبرزها العاصمة، كما تم حجز معدات وتجهيزات إلكترونية جرى استخدامها في تصوير وتسريب مواضيع الامتحانات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى التعرف على بعض صفحات الـ “فيسبوك” المتورطة في تسريب امتحانات البكالوريا، وضبط ما يقارب عن 150 حسابًا على الـ “فيسبوك” قاموا بنشر الامتحانات، بعضها متمركزة في الخارج.
رئيس الحكومة الجزائري عبد المالك سلال اعتبر أن ما حدث خلال امتحان البكالوريا مساسًا بالأمن القومي، المراد منه هو زعزعة استقرار الجزائر، بدورها اعتبرت نورية بن غبريط وزيرة التربية والتعليم الجزائرية أن “العمل على تسريب مواضيع مثل هذا الامتحان، محاولة لتخريب البلد”، مضيفة “دون المساس بمجريات التحقيق واستباق الأحداث فيما يخص نتائج التحريات التي تقوم بها مصالح الأمن المختصة يمكننا الجزم أن الاشخاص الذين يقفون وراء هذا العمل الإجرامي كانوا يريدون ضرب بلدنا في أهم ما يكسب وهو نظام التربية والتعليم”.
نورية بن غبريط، وزيرة التربية والتعليم
من جانب آخر، طالب نواب بالبرلمان الجزائري بإقالة وزيرة التربية نورية بن غبريط، من منصبها بسبب الفضيحة التي هزت أركان الدولة حسب وصفهم ،وقال النواب في عريضة لهم وجهت للرئيس عبد العزيز بوتفليقة إن “ضرب مصداقية البكالوريا، دق آخر مسمار في نعش المنظومة التربوية من خلال تسريب غير مسبوق لمواضيع هذا الامتحان المهم والمصيري، الذي مس جميع شعب البكالوريا دون استثناء، وصار الامتحان متداولاً بين التلاميذ في كل الأوقات كالواجبات المنزلية، مما شكل صدمة حقيقية للتلاميذ وأوليائهم يصعب محو آثارها”، ودعا النواب، الوزيرة إلى “التحلي بالشجاعة الواجبة بإعلان استقالتها برفقة كل من له صلة بتنظيم وتسيير هذا الامتحان، ونطالب رئيس الجمهورية بإقالتها إن لم تفعل ذلك طواعية”.
حادثة تسريبات امتحان البكالوريا بهذا الشكل، ليست الأولى التي تشهدها الجزائر، حيث تمت إعادته عام 1992 إثر حصول تسريب، ما دفع وزير التربية آنذاك علي بن محمد إلى الاستقالة.
لم تكن الجزائر البلد العربي الوحيد الذي يحصل فيه تسريب لامتحانات الثانوية العامة، فقد شاركتها في الأمر الشقيقة مصر، حيث قررت وزارة التربية المصرية إعادة امتحان مادة التربية الدينية يوم 29 يونيو بعد تسريبه وإحالة 12 من العاملين فيها إلى النيابة العامة التي أمرت بحبسهم 15 يومًا على ذمة التحقيق على خلفية تسريب امتحان التربية الدينية للثانوية العامة قبل ساعة من إجرائه.
وألقت النيابة العامة القبض على أربعة أشخاص من مديري صفحات على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ساهمت في نشر الامتحانات المسربة مع إجاباتها النموذجية.