قبل شهور قليلة من انتهاء فترة رئاسته للمكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” المقررة نهاية العام الجاري، عاد الحديث عن خليفة خالد مشعل يدور مجددًا في الساحة الفلسطينية، بعد رفض مشعل القاطع لتولي فترة رئاسة جديدة، وطرح أسماء أخرى قيادية جاهزة لتولي ذات المنصب.
ومن خلال متابعة هذا الملف، فقد طُرح بنك كبير من الأسماء التي ستخلف مشعل في رئاسة المكتب السياسي، حتى إن الجانب الإسرائيلي شارك في ذلك حين وضع اسم الأسير المحرر، والذي تولى مفاوضات صفقة الجندي الإسرائيلي “جلعاد شاليط”، يحيي السنوار كمرشح قوي لتولي رئاسة المكتب السياسي لحماس.
خليفة الرجل القوي
القناة الإسرائيلية الثانية، كشفت في تقرير سابق لها، أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، المقيم حاليًا في قطر، سوف يترك منصبه قريبًا، في ظل تغييرات ستشهدها حكومة حركة حماس.
وبينت القناة، أن الرجل الذي حاولت إسرائيل تصفيته في الماضي، سيترك منصبه كزعيم لحركة حماس قريبًا في ظل استمرار التوتر العسكري بين الحركة وإسرائيل، موضحة أن تسليمه المنصب قد يكون في خلال بضعة شهور.
نقلت القناة عن مسؤولين في غزة، لم تسمهم، أن الحركة لن تسمح لمشعل بالاستمرار في منصبه، موضحة أنه تم الاستقرار تقريبًا على من سيكون خليفته، وبحسب القناة، فإنه من المرجح أن يكون خليفة مشعل على رأس الحركة، يحيي السنوار الذي تولى مفاوضات صفقة الجندي جلعاد شاليط.
في نفس الوقت، أكد موقع “نيوزويك” الأمريكي هذا الخبر، موضحًا أن زعيم حماس في المنفى سيترك منصبه نهاية العام الجاري، ولن يشارك في الانتخابات المقبلة لرئاسة الحركة.
رغم أن حركة “حماس” لم تتحدث عن أي أسماء لشخصيات قد تخلف مشعل، فإن التوقعات تتجه – وفق مراقبين – إلى أن يكون الخليفة المقبل من قطاع غزة، كونها مركز التأسيس والتجربة للحركة.
ويجدر الإشارة إلى أن نائبي رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية وموسى أبو مرزوق من قطاع غزة، وهو ما يؤكد ثقل مكانة القطاع لدى الحركة.
القيادي البارز في حركة حماس محمود الزهار، أكد أن انتخابات المكتب السياسي للحركة ستجري نهاية هذا العام، مضيفًا أنَّه استمع من الإخوة أثناء وجوده في العاصمة القطرية الدوحة أن مشعل حاليًا لن يرشح نفسه لرئاسة المكتب السياسي لفترة جديدة.
يشار أنه قد تم التمديد لـ “مشعل” أثناء الانتخابات الأخيرة التي جرت في المكتب السياسي لحماس إبان حكم الإخوان المسلمين في مصر فترة الرئيس السابق محمد مرسي، وأوضح الزهار أن الفيصل الوحيد المحدد لهذه القضية هو القرار الجماعي الشورى الذي سيتم الالتزام به، مشيرًا أنّه ضد عودة القرار إلى غزة والضفة والخارج.
وبحسب النظام الداخلي للحركة فإن أعضاء المكتب السياسي لا يترشحون للانتخابات، وإنما يتم اختيارهم من قبل قادة الحركة وتقديمهم إلى مجلس الشورى الذي يختار أعضاء المكتب السياسي.
شخصية متفق عليها
المحلل السياسي مصطفى الصواف، رأى أنه من الصعب معرفة من سيكون رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس فيما لو جرت انتخابات لهذا المنصب نهاية العام، مؤكدًا أن الصعوبة في معرفة الشخصية التي ستتولى زعامة حماس كون أن الانتخابات لا يوجد فيها مرشحون وتنافس، وفيها يتم انتخاب عدد محدد من أعضاء المكتب السياسي وهذا العدد هو من يختار رئيس المكتب ونائبه وبقية المناصب.
الصواف أشار إلى أنه لا توجد مشكلة في قيادات المكتب السياسي حول التجديد في شخصية رئيس المكتب السياسي.
من جهته توقع الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن يكون المرشح المقبل لرئاسة حماس من قطاع غزة كونها مركز الفعل والتجربة والتأسيس الأول لحركة حماس.
وقال عوكل: “حركة حماس هي حركة منظمة ومتماسكة ولديها صف قيادي واسع يجعل من الصعوبة اختيار خليفة واحد لمشعل”، مبينًا أن النظام الداخلي للحركة لا يسمح لمشعل الترشح مرة مقبلة، مضيفًا قطاع غزة يبقى ذا الكفة الأرجح لاختيار خليفة مشعل خصوصًا وأن نوابه الاثنين من غزة وهما إسماعيل هنية وموسى أبو مرزوق، نظرًا لأنها مركز التأسيس للحركة.
المحلل السياسي أشار إلى أنه لم يعد هناك فرقًا بين حماس الداخل والخارج لكليهما ويقع عليهما مضايقات من جميع الأطراف”.
وكان مشعل قد قرر سابقًا أن يتخلى عن منصبه نهاية ولايته الحالية، واحتفظ لنفسه أيضًا بالأسباب، لكنه أكد أن انتهاء الدور لا يعني مغادرة المكان، وأنه سيكون في أي مكان آخر.
اعتبارات أمنية خاصة
وهنا رجح الخبير في شؤون الحركات الإسلامية مصطفى إبراهيم، أن الرئيس المقبل للمكتب السياسي لحركة حماس لن يكون من داخل قطاع غزة أو الضفة الغربية لاعتبارات أمنية بحتة، وقال: “الانتخابات الداخلية لحركة حماس والتي تجري عادة بعيدًا عن وسائل الإعلام، ستقدم شخصية قيادية جديدة لرئاسة المكتب السياسي لحماس الذي يتولاه حاليًا خالد مشعل منذ 5 ولايات سابقة”.
وأوضح، أن النظام الانتخابي المعمول به في حماس ينص على تمديد ولاية رئيس المكتب السياسي للحركة مرتين متتاليتين، لذلك فإن مشعل سيغادر موقعه حتى لو تم الضغط عليه للبقاء فيه، مشيرًا إلى أن بعض الأنباء كانت قد تحدثت إبان الانتخابات السابقة التي جرت في مصر عن تعالي أصوات بعد الجهات في حماس للتمديد لمشعل، معتبرين ذلك مخالفة للوائح الداخلية للحركة.
الخبير في شؤون الحركات الإسلامية رأى أن من سيخلف مشعل لن يكون من داخل قطاع غزة أو الضفة الغربية، بسبب اعتبارات أمنية وداخلية للحركة المستهدفة من إسرائيل، موضحًا أن اختيار أي شخصية من الداخل قد يعرضه لخطر الاستهداف الحقيقي من قبل إسرائيل التي تسيطر بشكل تام على الأراضي الفلسطينية أمنيًا وعسكريًا.
وعلاة على ذلك، أضاف أن عدم اختيار رئاسة الحركة من داخل غزة أو الضفة ليس تقليلاً من شأنهم، على الرغم من الثقل الكبير الذي يوجد للحركة هناك، إلى جانب وجود شخصيات وازنة على شاكلة إسماعيل هنية ومحمود الزهار وخليل الحية وغيرهم، لكن يأتي في إطار الاعتبارات الأمنية التي تقوم بها الحركة للحفاظ على قياديها من الاستهداف الإسرائيلي الذي سيكون سهلًا للوصول إلى أكبر شخصية تقود الحركة الإسلامية في فلسطين.
وأشار إلى أن بقاء المنصب خارج الأراضي الفلسطينية كما جرت العادة منذ تأسيس المكتب السياسي، يعطي المرشح لرئاسة المكتب السياسي حرية تنقل كبيرة، إلى جانب احتياطات أمنية كثيرة، مؤكدًا أنه في حال تواجده في غزة أو الضفة قد يصطدم بوجود عقبات تنقله جراء إغلاق المعابر في غزة، أو الملاحقات الإسرائيلية في الضفة الغربية، حيث يتوجب على رئيس المكتب السياسي التنقل والحركة باستمرار لإنجاز الكثير من الملفات المنوطة بالحركة الإسلامية.
وحول أبرز الشخصيات المرشحة لتولي هذا المنصب، يعتقد إبراهيم، أن لدى حماس قيادات كثيرة سواء في الداخل أو الخارج، وهي من تختار وفق نظامها الداخلي، لكنه استدرك بوجود شخصيات مقبولة لدى جميع الأطراف على شاكلة موسى أبو مرزوق المنوط به قضايا وملفات عدة، وله حضور قوي عند الجميع.
الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، فند كذلك بعضًا من لوائح الانتخابات الداخلية لحماس، موضحًا أن الحركة تعتمد نظام الشورى والقرار الجماعي، كما أن اختيار رئيس المكتب السياسي لحماس لا يعتمد على ترشيح أي شخص نفسه لهذا المنصب، بل يجري ترشحه من قبل مجلس الشورى الذي يعقد جلسة انتخابات بعيدًا عن الإعلام، ودون معرفة مكان الانتخابات التي سيتم من خلالها تحديد هوية الرئيس الجديد.
وأوضح إبراهيم، أن رئيس المكتب السياسي الجديد لحماس، سيكون على كاهله العديد من الملفات الهامة والحاسمة، من بينها إنهاء الانقسام الفلسطيني، ودفع عجلة المصالحة الوطنية للأمام، إلى ترميم العلاقات المتردية مع مصر وكذلك مع بعض الدول العربية الأخرى، بالإضافة للعلاقات الأخرى مع دول الخليج وإيران وتحديدها بالشكل الذي يلقى قبولاً لدى العديد من الأطراف.