انتهى المنتدى الاقتصادي الدولي في سان بطرسبورغ في روسيا بنسخته الـ 20 أمس السبت 18 يونيو/ حزيران بعدما انطلق بشعار “على عتبة واقع اقتصادي جديد”، حيث ضم المنتدى الذي دام لثلاثة أيام نخبة من الخبراء والعاملين في مجال ريادة الأعمال على مستوى العالم، يُطلق على المؤتمر الذي يعقد سنويًا منذ العام 1997 “منتدى دافوس الروسي” بفضل حجمه ومستوى المشاركين فيه.
ومن أبرز المشاركين هذا العام من الوجوه السياسية رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر الذي شارك على الرغم من العقوبات التي تفرضها أوروبا على روسيا، حيث أعلن قبيل انعقاد المنتدى إيضاح الرؤية لآفاق التعاون بين روسيا والاتحاد الأوروبي، ورئيس الوزراء الإيطالي وبان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة ووزير النفط الفنزويلي والأمين العام لمنظمة السياحة العالمية.
منذ تأسيسه في العام 1997 يقدم المنتدى نفسه على أنه منصة تتم خلالها مناقشة المواضيع الكبرى التي ترسم ملامح الغد لروسيا ومناقشة المشاكل العالمية السياسية والاقتصادية البارزة على مستوى العالم، وقد ناقش المنتدى لهذا العام الأزمة السورية والأوكرانية وسبل إيجاد حلول لها.
عشرة آلاف مشارك
يؤمن المنتدى فرصة ثمينة في عالم الاقتصاد والأعمال يلتقي فيه قادة القوى الاقتصادية لمناقشة القضايا الاقتصادية الرئيسية التي تواجه روسيا والأسواق الناشئة والعالم، كما يعد المنتدى منصة لجذب الاستثمارات الأجنبية لمختلف القطاعات الاقتصادية الروسية، حيث حضر ممثلين عن صناديق استثمار تتحكم بأكثر من 10 ترليونات دولار حسب ما صرح به مدير صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي، وشارك فيه مستثمرون كبار من أوروبا والولايات المتحدة والإمارات والسعودية وإيران، وكانت حصيلة عدد المشاركين في المنتدى لهذا العام نحو 10 آلاف شخص.
حصيلة المنتدى هذا العام
حصيلة المنتدى للعام الماضي 2015 من عقود واتفاقيات ومذكرات تفاهم بلغت قيمتها 4.5 مليارات دولار، بينما شهد الرقم لهذا العام ارتفاعًا ملحوظًا في قيمة العقود والاتفاقيات حيث بلغ عدد الاتفاقيات الموقعة في المنتدى 332 اتفاقية وبقيمة 1.024 ترليون روبل أي ما يعادل 15.5 مليار دولار.
ومن ضمن تلك الاتفاقيات عقود وصفقات أبرمتها روسيا مع إيطاليا التي حضر عنها رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسيي، حيث وقع الجانبان عقودًا بقيمة 1.3 مليار دولار في قطاعات البناء والطاقة وتكنولوجيا الكهرباء والبنية التحتية وتمويل المشاريع، وأعلن رئيس الوزراء الإيطالي أن هذه الاتفاقيات تفتح الطريق لاتفاقيات أخرى تتراوح قيمتها بين 4 إلى 5 مليارات يورو.
ومن بين تلك الاتفاقيات مشروع مشترك بين شركة “فينكانتيري” الإيطالية لبناء السفن وشركة “روس نفط” الروسية، إلى جانب إبرام شركتي “ساييم” الإيطالية و”نوفاتيك” الروسية للخدمات النفطية شراكة استراتيجية للعمل معًا في مشاريع للغاز الطبيعي المسال.
وشهد اليوم الأول تعاونًا مشتركًا بين شركتي الطاقة “غاز بروم” الروسية و”رويال داتش شل” الهولندية البريطانية بشأن مشروع للغاز الطبيعي المسال في منطقة بحر البلطيق وهذا المشروع سيعمل على تنويع أعمال شركة “غاز بروم” في مجال مبيعات الغاز المسال وتعزيز محفظة الشركة المالية في قطاع الغاز المسال.
كما وقعت شركة “روستيخ” من الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة وعدد من صناديق الاستثمار الشرق أوسطية اتفاقية لبيع 25% من أسهم شركة روسيا للطائرات المروحية لهذه الصناديق وبلغت قيمة الصفقة 600 مليون دولار.
كما أعلنت شركة “روس نفط” كبرى شركات النفط الروسية عن إنشاء مؤسسة مشتركة مع شركة بريتش بتروليوم البريطانية سيتم في إطارها استثمار 300 مليون دولار في التنقيب الجيولوجي عن النفط.
المشاركة العربية في المنتدى
شهد المؤتمر في هذا العام حضورًا عربيًا من الإمارات والسعودية والبحرين ومصر ممثلة بوزراء ومستثمرين لتلقف الفرص الاستثمارية في المنتدى، فحضر الشيخ سلمان بن خليفة مستشار رئيس الوزراء البحريني ممثلاً عن البحرين وأكد على توسيع أطر التعاون مع جمهورية روسيا الاتحادية في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وخلال لقائه مع رئيسة البنك المركزي الروسي شدد على اهتمام البحرين بالعمل على تفعيل الاتفاقات الثنائية التي تربط البلدين بما يدفع الميزان التجاري بينهما إلى مستويات متقدمة.
ومثل طارق قابيل وزير التجارة والصناعة الوفد المصري المشارك في المنتدى وألقى كلمة تناولت أهم الإصلاحات الاقتصادية التي أجرتها الحكومة المصرية خصوصًا في مجال تحسين مناخ الاستثمار وعرض أهم الفرص المتاحة أمام المستثمرين خاصة في ظل المشروعات القومية الكبرى التي تستهدف الحكومة تنفيذها خلال المرحلة المقبلة، فضلاً عن استعراض العلاقات الاقتصادية الوطيدة التي تربط مصر بروسيا والجهود لتنمية هذا التعاون خلا ل المرحلة الحالية.
وعقد الوزير عدة لقاءات على هامش أعمال المنتدى وشملت إجراء مباحثات ثنائية مع عدد من وزارء الحكومة الروسية من ضمنهم وزير الصناعة والتجارة ووزير التنمية الاقتصادية، وعقد مباحثات بشأن اتفاق التجارة الحرة بين مصر ودول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي يضم إلى جانب روسيا بلاروسيا وأرمينيا وكازاخستان.
الواضح في هذا المؤتمر حجم العقود والصفقات المعقودة وعدد المشاركين ومستواهم وهي نقطة بارزة في نسخة المنتدى لهذا العام ويدل على تمكن روسيا من لفت أنظار المستثمرين الأجانب للاستثمار في روسيا وجعل مؤتمر سان بطرسبرغ الاقتصادي منصة لمناقشة الأزمات الاقتصادية على مستوى العالم لا تقل أهميتها عن منصة منتدى دافوس الذي يعقد سنويًا في سويسرا.