برنامج الصدمة هو برنامج اجتماعي يقوم بتصوير مشهد من الممكن أن يحدث في الحياة العادية، ليرصد بعدها ردود أفعال الناس في المكان تجاهه، يقوم البرنامج بالتنقل بين خمسة بلاد عربية مختلفة، ليرصد اختلاف ردود أفعال العرب تجاه قضية اجتماعية معينة، مثل إهانة المرأة في مكان عام أو السرقة أو التحرش وغيره من القضايا الاجتماعية التي تُقلق المجتمع العربي الآن.
إلا أن البرنامج لمس الثقافة العربية بشكل كبير ولم يسلّط الضوء على المشاكل فحسب، بل رصد ردود الأفعال تجاهها والذي يكون جزءًا أساسيًا من تفاقم المشكلة في المجتمع وانتقالها بين الأجيال، وضّح البرنامج بعضًا من ردود الأفعال الصادمة تجاه مشاهد معينة تحدث في الحياة العادية، ولكنه سجّل أيضًا تقدُمًا ملحوظًا في رفض العديد من السلبيات في الثقافة العربية عندما يتم رفض بعض المشاهد المسيئة للآداب العامة أو للإنسانية، والذي تمّ تسجيله بنسبة كبيرة في جيل الشباب.
إهانة المرأة في مكان عام
كانت حلقة إهانة المراة في مكان عام من أهم الحلقات التي قدمها برنامج الصدمة، حيث قام بتصوير مشهدًا تمثيليًا لزوج يضرب زوجته في مكان عام في أربع دول عربية مختلفة وهي مصر والإمارات والعراق ولبنان، وأوضح البرنامج رفض إجماعي من قِبل العرب على إهانة المرأة في مكان عام، إلا أنه أوضّح أيضًا غياب ثقافة الاتصال بالشرطة حين رؤية زوج يضرب زوجته في مكان عام، رغم أنه يعد نوعًا من أنواع الاعتداء الجسدي الذي يُعاقب عليه القانون، إلا أنه لم يقم أي شخص من مشاهدي المشهد في البلاد المختلفة بتبليغ الشرطة وكأن للزوج حق إلهي في الاعتداء على زوجته بشكل لا يعاقب عليه القانون في البلاد العربية.
تباينت ردود الأفعال بين البلاد المختلفة، فبالنسبة لمصر تدخل حاضرو المشهد بقوة كما تدخل العاملون في المكان لمنع الزوج من ضرب زوجته، حيث قال أحدهم حين تم سؤاله عن سبب تدخله الحاد مع الزوج بأن هذا ما يتربى عليه المصريون، وهو مساعدة الأنثى إذا ما كانت في حاجة إلى مساعدة، كما وصف أحدهم الزوج بأنه معدوم الرجولة بسبب سماحه لنفسه بضرب زوجته وإهانتها أمام الناس.
أما في العراق، فتأخر العراقيون كثيرًا قبل أن يأخذ أحدهم موقف، فتفرج الكل في صمت على الرغم من نظراتهم المستنكرة للموقف، وتجاهلوا صراخ الزوج على زوجته في استنكار، ولم يتدخل أحد إلا عندما بدأ الزوج في ضرب زوجته، حيث منعه بعض من الرجال واتهموه بانعدام الرجولة والشرف بسبب ضربه لزوجته في مكان عام، لم تتدخل الكثير من النساء في الموقف إلا أنهن تدخلن حينما تم فصل الرجل عن المرأة بحركة مقصودة من البرنامج لرصد ردود أفعال الناس، حيث يتدخل البعض محدثُا الزوج أو الزوجة على انفراد لتهدئة الوضع.
تماثل الوضع في الإمارات كما كان في مصر، حيث تدخل العديد من رواد المكان بحدة لمنع الزوج من إهانة زوجته أمام الناس، وقالوا له افعل ما شئت في بيتك ولكن لا تهنها أمام الناس.
أما في لبنان فكان رد الفعل مختلفًا تمامًا، فبعد تجاهل البعض لمشهد ضرب الزوجة وتفضيلهم عدم التدخل، تدخلت إحدى السيدات في رد عنيف حيث قامت بضرب الزوج بنفسها ونعته بالحيوان وأنه هو من يستحق الإهانة وليس المرأة، ولم يتم فصلها عنه إلا بعد تدخل أعضاء البرنامج لإخبارها بأن ما حدث كان مشهد تمثيلي بعد أن مدحها الحاضرون على رد فعلها الإيجابي.
ضرب الطفل في مكان عام
مشهد إهانة الطفل في مصر
سجّل البرنامج مشهدًا تمثيليًا لأم تضرب ابنتها وتهينها في مكان عام بسبب تأخرها الدراسي، وكانت الصدمة هنا حين لوحظ قبول مجتمعي في مصر لتلك الطريقة في العقاب، بل وتفاعلت العديد من الأمهات مع الأم مشجعين لما تفعله، حيث قالت إحداهن لها استمري على ذلك فهذا ما أفعله أنا مع أولادي وهي الطريقة المُثلى للعقاب، كما قام البعض بتبرير ذلك للفتاة قائلين بأن هذا ما تستحقيه، يجب عليكِ الدراسة بجد للحصول على رضا أمك عليك، ليأتي شخص في النهاية ليهدئ من روع الفتاة بعد أن بدأت في البكاء مستنكرًا تصرف الأم قائلأ لها بأن القهر لن يفيد بل سيُدمر الطفلة نفسيًا وستخاف من العقاب أكثر من حبها للنجاح نفسه.
تشابه تصرف الشخص الأخير مع تصرف العامة في البلاد المختلفة، ففي الإمارات رفض الأغلبية تصرف الأم بحدة، وطلبوا أمن المطعم من إخراجها، كما كان الموقف مماثلًا في لبنان حيث تدخل الكل فورًا لتهدئة الأم محاولين أن يشرحوا لها أن تصرفها خاطئ وأنه يدمر ثقة الطفل بنفسه، حيث إنهم تربوا بنفس الطريقة والتي لا يمكن تطبيقها مجددًا على الجيل الحالي.
أما في العراق فكان التدخل متأخرًا كما لوحظ في المواقف السابقة، إلا أنه تم منع الأم من ضرب طفلها عدة مرات، كما حادثتها إحدى الأمهات قائلة بأن الطريقة المثلى هي الحنان على أولادك وحينها سيحبون فعل ما تأمرينهم به وليس العكس، وإن أرادت العقاب فعليها أن تحرمهم من شيء يحبوه وليس قهرهم أمام الناس، وأما الذين لم يحبذوا التدخل آثروا مغادرة المكان عن رؤية ذلك المشهد.
السرقة
اختار البرنامج موضوع سرقة الكفيف لإظهار ردة فعل الناس تجاه الأمانة، على الرغم من انتشار مشكلة السرقة في مصر، إلا أنه عندما تمّ تصوير ذلك المشهد التمثيلي في أحد شوارع القاهرة جاءت ردة الفعل معاكسة تمامًا للصورة النمطية عن السرقة المنتشرة بين الشعب المصري، حيث رفض المجتمع سرقة الكفيف بحجة عدم رؤيته للسارق وأمسكوا بالسارق وأجبروه على إعادة ما سرقه من الرجل الكفيف، حتى تدخل البعض أحيانًا بالعراك بالأيدي.
أما في الإمارات فكانت ردة الفعل إيجابية ليس فقط من قِبل الإماراتيين أنفسهم، بل من الأجانب الموجودين في الإمارات، فكان الرد حادًا من قبل شابين مصريين تجاه سرقة الرجل الكفيف وأجبروا السارقة على إعادة الأموال، كما فعل بعض من الأجانب كذلك وطلبوا تدخل الأمن في الموضوع.
وكان المشهد مماثلًا في لبنان بنفس ردة الفعل الحادة من قبل المجتمع حتى عندما غيّر طاقم البرنامج الفتاة بشاب لم تتغير ردة الفعل.
أما في العراق، فسكت الأغلبية على الأمر في البداية وتركوا السارق يرحل بالأموال بدون حتى إخبار الكفيف، إلا أن البعض تجاوب في النهاية ورفضوا ذلك الفعل وأوقفوا السارق وأجبروه على إعادة الأموال.
السخرية من ذوي الاحتياجات الخاصة وقصار القامة
يعاني المجتمع العربي من قضية السخرية بين طبقات المجتمع المختلفة، سواء بين الغني أو الفقير، أو مع كل من يعاني من إعاقة أو تغيير في الخلقة، صور البرنامج ذلك مع ذوي الاحتياجات الخاصة وقصار القامة، لوحظ قبول اجتماعي لضم ذوي الاحتياجات الخاصة في العمل مع المجتمع، حيث رفض الأغلبية في كل البلاد سخرية بعضًا من الناس من عمل المصاب بمتلازمة داون في الأماكن العامة واعترضوا على ذلك بشدة.
أما بالنسبة لقصار القامة فكانت السعودية من أكثر البلاد سلبية تجاه ذلك، حيث قام الممثلون بما فيهم قصير القامة (القزم) بتمثيل مشهد مضايقة لقصير القامة، وإجباره على أخذ صورة معهم وحمله بالإجبار ومضايقته، وكان الرد تجاهل تام من كل رواد المحل التجاري ولم يتدخل أحد رغم صراخ الرجل وقوله حسبي الله ونعم الوكيل أكثر من مرة وبصوت عالٍ، بل وضحك البعض على ما يحدث للرجل واستمتع به وكأنه مشهد كوميدي.
تناول البرنامج العديد من القضايا المهمة في الثقافة العربية منذ القدم والتي تؤرق المجتمع العربي حاليًا، حيث تناول موضوع التحرش في البلاد العربية وإهانة الخادمين في بلاد الخليج، وعقوق الأبناء للوالدين أو إهانة الأهل لأبنائهم وغيرها من القضايا الكثيرة التي يحاول المجتمع العربي وبخاصة الجيل الجديد منه تغييرها ووضع حد لها، إما بعدم تطبيقها على أنفسهم وعلى أولادهم في المستقبل، أو بحث الناس على الحد منها إما بالحُسنى أو بالقوة.