عندما تكثر الأحاديث عن رحالة العصر الحديث، ستجد بأنهم يتنافسون في الوصول إلى أبعد نقطة في العالم، أو إلى لف العالم في أسرع وقت، أو إلى الوصول إلى أكبر عدد من البلاد لم يصل إليه رحالة من قبل، أو حتى التنافس على الوسيلة التي يتخذها كل منهم في الترحال حول العالم، البعض يفضله سيرًا على الأقدام، والآخرون يفضلونه عبر البحار أو عن طريق الطيران، إلا أن الهدف يظل واحدًا، وهو تحقيق حلم الملايين، وهو الترحال حول العالم، إلا أن هذه المرة انتهت رحلة ذلك الرحالة بشكل مختلف مع “مايكل رابرت” الذي زار 60 دولة خلال أربع سنوات فقط، ففي النهاية اختلفت أفكاره واعتقاداته وحتى إيمانه، ليجد “رابرت” الإسلام نهاية تتوج تلك الرحلة حول العالم.
أثار شغف الشاب الهولندي ذي الـ 29 عامًا بالترحال، اهتمام الكثيرين، فبعد بدايته لتلك الرحلة منذ أربعة سنوات بدأ في إرسال البطاقات البريدية لأفراد عائلته وأصدقائه من كل مكان يزوره حول العالم، وهو ما أثار حب عائلته للأمر وبدأوا في طلب تلك البطاقات بأنفسهم منه، كما لم يقف الأمر عند عائلته وأصدقائه فحسب، بل أثار الأمر اهتمام العديد من المتبرعين، ممن أرادوا أن يتم رابرت رحلته حول العالم من أجل الحصول على المزيد من تلك الصور والبطاقات البريدية من مختلف الأماكن التي يزورها بنفسه، وقاموا بالتبرع ماليًا دعمًا لدوام رحلته حول العالم.
بدأت الرحلة تختلف كليًا بالنسبة لرابرت عندما زار بعضًا من البلاد الإسلامية، منها تركيا وماليزيا وإندونيسيا، لم يكن رابرت مسلمًا حينما بدأ رحلته حول العالم، إلا أنه وبعد مكوثه مدة طويلة مع مسلمي إندونيسيا وماليزيا بدأ يزيد فضوله عن الإسلام، وصار الأمر محوريًا بالنسبة له عندما تم استضافته من قبل عائلات مسلمة في إندونيسيا، حيث لم يمكث رابرت قط في الفنادق أثناء تجواله في ماليزيا وإندونيسيا وفضل المكوث مع أصحاب البلد للتقرّب أكثر من ثقافتهم، وقد أدهشه عدم طلب أي منهم أن يكون مسلمًا طوال فترة مكوثه معهم، فقد أذهلوه بطريقة معيشتهم المسالمة التي لم يكن يتخيلها من قبل عن المسلمين.
حينها بدأ فضوله حول الإسلام، ففي حديث له قال بأنه كان يسأل نفسه، ماذا يقرأ المسلمون في القرآن الكريم، وماذا يفعلون في المساجد، وكيف يحتفلون بأعيادهم المقدسة، وهذا ما دفعه للتعرف أكثر عن الإسلام وعن القراءة المستمرة عنه، فذهب لتلقي بعد الدروس والمحاضرات في المساجد في كوالالامبور، وقد أعجبه احترام الشيوخ والمعلمين له لعدم رغبته في أن يكون مسلمًا على الفور، فقد أراد أن يتعرف على مبادئ وتعاليم الإسلام أولًا قبل أن يكون مسلمًا بالفعل، وبعد أن تلقى عدة دروس لعدة أسابيع، وقرأ الكثير عن القرآن الكريم، قرر رابرت أن إيمانه بالإسلام هو من أسلم القرارات التي يتخذها في هذا الوقت من حياته الآن، ومن ثم تنتهي رحلته حول العالم بكونه مسلمًا جديدًا.
في حديث لرابرت حول تجربته كمسلم جديد قال بأنه لم يواجه أية مشاكل مع أهله حول أمر تحوّله من المسيحية إلى الإسلام، فيقول بأنهم في هولندا يعيشون حياة غير عنصرية على الإطلاق، وليس هناك تمييز ضد أي عرق أو لون أو جنس أو دين، لذا كان من الطبيعي أن يسانده أهله ويحترموا قراراه مادام قد أخذه بناءً على رغبته الخاصة.
يقول رابر في حديثه عن تجربة سفره، بأنه لم يتعلم أن يتقبل ثقافات الآخرين إلا عندما تعرف عليها وتعايش معها بنفسه، فهو زار بنفسه 60 دولة حول العالم، ورغم اختلاف الألوان والثقافات واللغات بينهم، إلا أنه وجد العديد من التشابه بين الناس رغم اختلافاتهم الظاهرية، فوجد أنه من السهل جدًا أن تجد الثقافات المختلفة العديد من النقط المشتركة، وحينها فقط يمكننا أن نتعايش بسلام معًا، وأن نتعرف على بعضنا بطريقة أفضل، فبعد قراءته في القرآن، ألهمته تلك الآية التي تؤكد على كلامه السابق وهي {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، يقول رابرت أنه لا يفضل قول أن هناك سورة أو آية مفضلة من القرآن، فهو يعلم أن كل شخص يفضل آية معينة طبقًا لموقف معين في حياته تطابقت معه تلك الآية، وهذا ما حدث معه، فتلك الآية تفسر هدفه في الحياة منذ بداية رحلته وحتى تحوّله إلى مسلم جديد.
يستخدم رابرت صفحته على الفيسبوك بعنوان Starring You للتواصل مع معجبيه حول العالم، حيث يمكن أن ترسل عنوانك له وسيقوم بإرسال بطاقة بريدية من المكان الذي يتواجد فيه مُحملة بعبارات عن خبرته الشخصية في ذلك المكان، بالإضافة إلى مشاركته خبراته كمسلم جديد مع متابعينه، والتي تكون مسلية للغاية بحسب قوله، يقول رابرت في حديث له بأن على الرغم من تقدم عصر التكنولوجيا الآن، إلا أنه مازال متأكدًا أن هناك من سيسعد للغاية إذا تلقى بطاقة بريدية آتية خصيصًا له من ركن بعيد في العالم، وهو ما يود رابرت أن يفعله لك إذا ما تواصلت معه شخصيًا على صفحته على الفيس بوك.