يعتبر الحبس الانفرادي عقوبة تأديبية داخل السجون المصرية توقع على السجين الذي يُخالف لوائح السجن الداخلية وتتمثل العقوبة في إيداع السجين بغرفة انفرادية لمدة محددة، بحسب تعريف قوانين تنظيم المؤسسات العقابية بجامعة الدول العربية.
يضع القانون المصري تنظيم لهذه العقوبة التأديبية، في القانون رقم 396 لسنه 1956، بتعديلاته التي شملها القرار الجمهوري في 2015، لكن لا يعلم كثيرون أن هذه العقوبة قد جرمت أمميًا بإعلان الأمم المتحدة في 2004، باعتباره أحد وسائل التعذيب ويجب تحريمها.
في السجون المصرية لا يستخدم الحبس الانفرادي كأدة تأديبية منظمة بالقانون في أضيق الحدود، بل يستخدم كأداة تنكيل لا سيما بالمعتقلين السياسيين الذين تعج بهم السجون المصرية، وهو ما أثار هذه القضية على الرأي العام في مصر.
الحبس الانفرادي عن قرب
الحبس الانفرادي، يتم فيه عزل السجين أو المعتقل عن الحجز الجماعي ويستتبع ذلك حرمانه من كافة المميزات والخدمات، وعزله في زنزانته ليلًا و نهارًا عن باقي المسجونين في غرفة انفرادية.
وبالرغم من أنها عقوبة بمدة محددة إلا أنها تستخدم للضغط على المعتقلين والتنكيل بهم بصورة أو بأخرى، حيث إن المادة 43 من تعديلات أحكام تنظيم السجون الذي صدر في أكتوبر 2015، نصت على أن مدة الحبس الانفرادي لا تزيد عن 30 يومًا، ورغم ذلك نجد أن بعض المعتقلين يشتكون من بقائهم لمدد تزيد عن الأشهر ومنهم من وصل لسنوات في هذا المكان المشبه من قبلهم بالـ “مقبرة”.
ومن شروط الحبس الانفرادي التي لا تطبق أن توقع العقوبات بعد إعلان المسجون بالفعل المنسوب إليه وسماع أقواله وتحقيق دفاعه، ويكون قرار مدير السجن أو مأموره بتوقيع العقوبة نهائيًا، بالإضافة إلى إلزام طبيب السجن بزيارة المحبوس انفراديًا مرة على الأقل يوميًا.
أوضاع السجناء السياسيين مع الانفرادي
الحبس الانفرادي يطال الجنائيين والسياسيين في السجون المصرية لكن من سلط الضوء على الانتهاكات بحق السجناء فيما يتعلق بالحبس الانفرادي كانوا غالبيتهم من السجناء السياسيين مؤخرًا، خاصة مع ازدياد عددهم في مصر منذ يوليو 2013.
ومن خلال هاشتاج “لا للحبس الانفرادي” دون نشطاء عن أحوال المحبوسين انفراديًا في السجون حيث يقضي السجين 22 ساعة بمفرده ممنوع من التعامل مع الأشخاص ويكون من حقه ساعتين فقط للتريض، ويكون أيضًا بمفرده.
القائمون على الحملة المضادة لانتهاكات الحبس الانفرادي ركزوا في بداية الأمر على المعتقلين من تيار سياسي بعينه يُطلق عليه تيار “النشطاء”، أبرزهم أحمد دومة الذي يعاني من الحبس الانفرادي منذ 3 سنوات، وكذلك يوسف شعبان منذ سنة وشهر، وعمرو علي 9 شهور انفرادي، وآخرهم المحامي مالك عدلي منذ ما يقرب من شهر تقريبًا.
إلا أن سرعان ما انتشرت الحملة لتتسع لسجناء جميع التيارات لا سيما التيارات الإسلامية أصحاب النصيب الأكبر من اعتقالات النظام، وبالتالي يقضي عدد كبير منهم سجنهم في الحبس الانفرادي.
أهالي هؤلاء المعتقلين أكدوا أنهم لجأوا لهذه الحملة بعد أن طفح الكيل بهم وسط تنديدات ومطالبات إما بـ” الإفراج عنهم” أو حتى تخفيف عقوبتهم، وأن يمارسوا حياتهم الطبيعية مع بقية زملائهم المحبوسين ووقف سياسة الإذلال النفسي بـ “الحبس الانفرادى”.
وقائع الحبس الانفرادي
وفى وقائع “الحبس الانفرادي” كانت هناك حكايات وروايات قالتها زوجات المحبوسين “انفراديًا” وأولهم نورهان حفظي، زوجة أحمد دومة، حيث قالت “أحمد داخل في 3 سنين حبس انفرادي، ساعتين تريض و22 ساعة في الزنزانة لوحده، من فترة لما بدأ يزهق بدأ يقدم طلبات زيادة ساعات التريض لـ4 وفقًا لنصوص لائحة حالات الحبس الانفرادي كان الرد في الأول ماشي هنشوف حاضر، بعد شوية مع تكرار المطالبات بشكل رسمي ومكتوب لرئيس المصلحة، بقى الكلام في مجمله من المصلحة كده كده جاية تجردلك الزنزانة مش قادرة أفهم إيه الخطر المحظور في زيادة التريض مع العلم بأن العنبر اللي فيه أحمد يعتبر فاضي”.
وأضافت حفظي “أعيادنا وإجازاتنا بتعدي على المعتقلين عذاب ومرار بيتقفل عليهم طول مدة الإجازة الرسمية وبيتمنعوا من خروج حتى التريض، تخيل لو كمان محبوس انفرادي لوحدك”.
وتابعت: “أنت مطالب تكلم نفسك طول مدة الإجازة يوم أو يومين أو تلاتة ومطالب تكلم نفسك 22 ساعة في اليوم ولك ساعتين تكلم فيهم المخبرين لحد ميعاد الزيارة كل 15 يومًا، في الزيارة هتتكلم مع أهلك ساعة وترجع تاني لنفس السيناريو”.
أما رنوة يوسف، زوجة المعتقل الصحفي يوسف شعبان، أكدت أنه مر العام الأول على حبسه بشكل انفرادي، مشيرة إلى أن هذا الحبس يعد نوعًا من أنواع التعذيب وأبشع تجربة من الممكن أن يمر بها أي إنسان، وأضافت رنوة، “أن يوسف ممنوع عنه الجوابات والورق والأقلام لأن السجن شايف خطه الوحش هو شفرة لحاجة مش مفهومة فقرر يمنعها من بابها، يوسف بيقعد في زنزانته الانفرادية 22 ساعة وبيطلع تريض ساعتين في اليوم بس وبرضه بيكون لوحده معظم الوقت”.
مئات القصص التي تتحدث عن الحبس الانفرادي ظهرت إلى النور بعد أن أطلقت حركة “الحرية للجدعان”، حملة فى 12 يونيو الماضى، دعت فيها للتدوين والكتابة والتوثيق حول حالات “الحبس الانفرادي” وآثاره على المعتقلين وأهاليهم، وأكدت “الحرية للجدعان” أن عدد من أهالي المحبوسين انفرادي سيتقدمون بشكاوى للنائب العام والبرلمان ضد حبس ذويهم انفراديًا.
وعلى إثر تلك الدعوة، بدأت العديد من حملات التضامن مع المحبوسين انفراديًا، بنشر عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، صورًا لهم وهم خلف قضبان، تضامنًا مع المحبوسين انفراديًا.