رجع الحديث عن ظاهرة التشيع في الجزائر إلى الواجهة بعد نشر السفارة العراقية هناك، بيان تدعو فيه شيعة الجزائر لزيارة المزارات الشيعية وتقديم تسهيلات استثنائية للراغبين في ذلك، وهو الأمر الذي قابله استدعاء الجزائر لسفير العراق احتجاجًا على هذا البيان.
يذكر أن السفارة العراقية في الجزائر قد أصدرت في الـ15 من يونيو الحالي بيانًا جاء فيه، بحسب ما نقلته وسائل إعلامية “تعلن سفارة جمهورية العراق في الجزائر للأشقاء الجزائريين من الشيعة أو الراغبين في التشيع عن إمكانية التقدم لغرض الحصول على سمة الدخول إلى الأراضي العراقية لأغراض الزيارات الدينية (مزارات الشيعة في النجف وكربلاء)، وقد فتحت السفارة العراقية في الجزائر بوابة إلكترونية ومكتب خاصين بمنح تأشيرات سفر لفائدة الجزائريين الراغبين في القيام بزيارات دينية إلى العراق، قبل أن تسارع إلى سحب البيان نتيجة الاستنكار الكبير الذي واجهه شعبيًا ورسميًا.
الرد الجزائري الرسمي لم يتأخر طويلًا، فقد قامت الحكومة الجزائرية باستدعاء السفير العراقي في بلادها عبد الرحمن حامد محمد الحسين، الذي تم اعتماده في 22 مارس 2016، بصفته سفيرًا مفوضًا فوق العادة لجمهورية العراق لدى الجمهورية الجزائرية، بهدف طلب إيضاحات حول هذه المساع العراقية التي تهدف إلى تشييع الجزائريين و بحث الخطوة العراقية “المريبة”، حسب تصريحات وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري محمد عيسى.
وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري أكّد ضرورة “التزام البعثات الدبلوماسية بالمهام المنوطة بعقيدة الجزائريين المضبوطة بروح الدستور ونصوص القانون”.
كما تحدث محمد عيسى، خلال لقائه مع أعضاء مجلس الأمة، عن توجه وزارته بالتنسيق مع وزارة العدل، نحو إنشاء “المرصد الوطني للانحراف الفكري والتشدد الديني”.
وسبق للوزير الجزائري، محمد عيسى، أن أعلن في 29 مايو الماضي، إنشاء جهاز تفتيش يتولى مكافحة الطائفية، ومعرفة مواقع حركات التشيع، وذلك بالتنسيق مع الأجهزة المختصة، متهمًا جهات أجنبية بما سماه “التشويش” على الجزائريين من خلال نشر الطائفية وتشجيع التشيع.
وكان زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر توجه برسالة إلى شيعة الجزائر في شهر نوفمبر من العام الماضي دعاهم فيها إلى عدم التقوقع والخوف من الثلة الضالة (في إشارة إلى السلفيين). وقال إن “شيعة الجزائر هم فئة مظلومة، وعليها ألا تخضع للمتشددين والتكفيريين“.كما أقدم مجهولون في العام الماضي على كتابة شعارات تشيد بالتشيّع وتدعو إليه على العديد من الجدران شرق الجزائر العاصمة.
الاستنكار والغضب الجزائري لما ورد في موقع السفارة العراقية لم يكن رسميًا فقط، فقد عرفت الجزائر على المستوى الشعبي موجة غضب واسعة النطاق حيث شن نشطاء ومدونون وجمعيات أهلية حملة وطنية وصلت إلى حد المطالبة بطرد السفير العراقي من الجزائر.
ويعتبر مراقبون أن التشيع في الجزائر نتيجة حتمية لغياب التأطير الديني وهشاشة المنظومة الدينية، ونتيجة لسياسة اللامبلاة و ثقافة فرض سياسة الأمر الواقع و الهروب إلى الأمام وبعد انتشار الفساد وكل أنواع الإنحطاط في المجتمع ما نتج عنه عدم وجود حصانة لمرجعية دينية حقيقية.
هذا ويعتبر “التشيع” في الجزائر، خطرًا يهدد السلم المدني والهوية الثقافية للبلاد وطريقًا لبث الفرقة والطائفية وسط المجتمع بحسب مؤسسات دينية جزائرية رسمية. من بينها وزارة الشؤون الدينية الجزائرية التي تشير إلى إن نسبة المذهب “المالكي” بالجزائر اليوم تفوق 98 %، متبوعًا بالمذهب “الإباضي”، الذي ينحصر وجوده حاليا في منطقة “غرداية” وبعض الجيوب في الجنوب والشمال, ثم المذهب “الحنفي”، في منطقة “المدية” و”البليدة”، وبعض المئات الذين يعتنقون المذهب “الشيعي” خاصة بـ “عين تومشنت، الواد”، إضافة الى بعض الطرق الصوفية السنيّة.