هل أصبح الاقتصاد الإيراني جاهزًا للانطلاق؟

تشهد إيران في فترة ما بعد رفع العقوبات فورة في الاقتصاد تحاول فيها رفع معدلات النمو في البلاد وخفض معدلات التضخم الجامحة وتقليص الاقتراض الذي نفرّ الأموال الأجنبية والمستثمرين من الاستثمار في البلاد خلال السنوات الماضية في أعقاب العقوبات الأممية التي فرضت على الاقتصاد الإيراني للحد من برنامجها النووي.
فللمرة الأولى منذ ربع قرن ينخفض معدل التضخم إلى خانة واحدة ليتحقق ما وعد به الرئيس حسن روحاني بخفض معدلات التضخم وتكاليف الاقتراض التي تعرقل عملية النمو في البلاد، حيث انخفض معدل التضخم السنوي إلى 9.5% من 10.2% حسب التاريخ المعمول به في إيران والمنتهي في 20 يونيو/ حزيران كما نقلته الوكالة الرسمية الإيرانية عن نائب الرئيس الإيراني محمد باقر نوبخت أمس الثلاثاء 21 يونيو/ حزيران، كما خفضت البنوك التجارية العالمة في إيران والبنوك المدارة من قبل الدولة سعر الفائدة على الودائع لمدة عام واحد إلى 15% من 18%.
الحد من التضخم أول أهداف الحكومة الإيرانية
يهدف البنك المركزي الإيراني والحكومة منذ استلامها في العام 2013 للتخفيف من التضخم العالي بعد استلامها تركة ثقيلة وصل فيها معدل التضخم إلى 40%، ووفق البرنامج الذي وضعته الحكومة لخفضه فإنه من المقرر في العام 2017 خفض معدلات التضخم إلى أقل من 10%، فرفع العقوبات مهد الطريق أمام الحكومة للتحرك بمرونة أكثر في خفض معدلات التضخم وحفزّ النمو الاقتصادي بشكل أسرع حسب نائب محافظ البنك المركزي الإيراني للشؤون الاقتصادية.
وبحسب محافظ البنك المركزي الإيراني ولي الله سيف فإن إيران لم يكن لديها تضخم من خانة واحدة منذ 25 عامًا وتوقع أن تتحقق أهداف المركزي والحكومة في خفض معدل التضخم إلى مستويات أقل في أشهر الصيف وسيتبعه هبوط في معدل الفائدة بشكل دراماتيكي.
وتوقع العديد من المحللين أن توقعات النمو الاقتصادي تعتمد على مدى تخفيف العقوبات في العام 2016، وفعلا مع عودة المستثمرين ورفع العقوبات شهد مطلع العام 2016 بوادر تحسن في الاقتصاد الإيراني.
العقوبات الأممية التي فرضت على إيران بسبب برنامجها النووي قلصت من مبيعات النفط بشكل كبير وانخفض على إثرها إنتاج إيران من النفط الخام من 4 مليون برميل يوميًا إلى مليون ونصف برميل يوميًا، فضغط هذا بشكل كبير على الاقتصاد وأدى إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي وتحقق ركود عام في الاقتصاد وقفز معدل التضخم ليصل إلى 40% حتى جاءت حكومة روحاني بعد العام 2013 واستطاعت تحقيق نجاحات أولية في كبح لجام الأسعار بعد التوصل إلى الاتفاق النووي التاريخي مع الدول الكبرى.
فمنذ توقيع الاتفاق النووي والذي تضمن إزالة القيود التجارية والمالية عن إيران مقابل تحديد النشاطات النووية التي تقوم بها، ارتفعت صادرات إيران النفطية إلى مستويات قريبة مما كانت عليه قبل العقوبات، واستطاعت الحكومة جذب استثمارات أجنبية وتوقيع العديد من الاتفاقيات التجارية القاضية برفع التبادل التجاري مع الدول، وقامت الحكومة منذ مطلع العام الحالي بعدة صفقات كبيرة لعل أبرزها ما كشف عنه وزير الطرق وبناء المدن الإيراني منذ أيام من أن بلاده توصلت إلى اتفاق لشراء طائرات من شركة بوينغ الأمريكية قد تضاهي طلبية شراء إيرباص الأوروبية، حيث كانت شركة إيران للطيران اتفقت في يناير/ كانون الثاني لشراء 118 طائرة إيرباص بقيمة 27 مليار دولار.
وتهدف الحكومة في النهاية أن تكون معدلات التضخم والفائدة ضمن الحدود المعقولة، فالطبيعي أن تكون معدلات الفائدة أعلى من معدلات التضخم ب 1-2% وهو ما تسعى الحكومة لتحقيقه بشكل جدي.
وتعد معدلات الفائدة والتضخم المنخفضة حافزًا كبيرًا للمستثمر وجاذبًا لرأس المال الأجنبي للاستثمار في إيران التي تكافح للحصول على تمويل بظروف وشروط معقولة، لذا وفي ظل ما تحققه من انخفاضات في معدلات التضخم والفائدة فإنها تسير باتجاه تحقيق أهدافها المنشودة.