تتصاعد الأزمة بين الإمارات والسعودية منذ اتفاق جنيف الذي عقدته القوى الكبرى مع إيران وخرجت منه المملكة العربية السعودية خالية الوفاض.
فقد وجد مسؤولو المملكة أنفسهم في موقف حرج للغاية بعدما فشل رئيس استخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان في عمله على توطيد دور المملكة في المنطقة عبر سلسلة من الأعمال القذرة التي شملت دعم الانقلاب العسكري في مصر، ودعم أجنحة داخل المعارضة السورية السياسية مقابل أجنحة إسلامية أو حتى عن طريق دعم أطراف في المعارضة المسلحة مقابل أخرى.
العائلة المالكة في السعودية أدركت أن بندر وضع المملكة في طرف وحيد مقابل معظم حلفائها الأقوياء، فالولايات المتحدة تعيش ربيعها الخاص في طهران، أما روسيا فتعود للتمسك أكثر وأكثر بالأسد بعدما استقر الوضع للإيرانيين، في مصر ما زال الانقلاب يترنح ويستنزف من الخزينة الخليجية ما لن تقوى دول الخليج على احتماله طويلا، كما أن الإمارات التي ما فتئت تمالئ السعودية حتى وجدت فرصة حقيقية في الاقتراب من الجارة الأقوى “إيران”، ليذهب وزير خارجيتها إلى طهران مُقدما التبريكات بحلول الربيع الفارسي.
بل إن الناطق بلسان الجيش الأمريكي أعلن يوم الأحد 8 ديسمبر أن طائرات إيرانية وصلت إلى الجزر التي تحتلها إيران من الإمارات، لكنه رفض التحدث عن رد الفعل الأمريكي على هذه التحركات العسكرية الإيرانية في الخليج. هذه الطائرات من نوع سوخوي ٢٥ تمثل العمود الفقري العملياتي للذراع الجوي لحرس الثورة.
حقيقة أن دولة الإمارات لم تقدم احتجاجا على نقل الطائرات المقاتلة إلى جزيرة أبوموسى مع اسمرار المفاوضات مع إيران حول مستقبل الجزر يظهر عزمها على التوصل إلى تفاهم مع إيران، ليس فقط على تقسيم السيطرة على الجزر وإنما الاشتراك في استغلال كميات الغاز الضخمة الموجودة في البحر من حولها.
بالإضافة إلى ذلك، سربت مصادر لبنانية في الفترة الأخيرة أن مسؤولين إماراتيين أجروا اتصالات مع النظام السوري، حيث أكدوا أن بلادهم غير مسؤولة عما تفعله السعودية في سوريا، وأنها تختلف معه جذريا في حل الأزمة.
المصادر الإسرائيلية في الخليج تشير إلى التقارب السريع في العلاقات بين إيران والإمارات وتؤكد -حسب موقع ديبكا- أن الدولتين قريبتان من التوصل إلى اتفاق حول إعادة الجزر الثلاثة التي تحتفظ بها إيران في الخليج.
بل إن المصادر الإماراتية نفسها تؤكد ذلك، الأكاديمي الإماراتي عبدالخالق عبدالله، المقرب بشدة من الأسرة الحاكمة في الإمارات، بدأ في الكتابة على تويتر لتسفيه الدور السعودي في سوريا وتلميع إيران، الكثيرون يعتقدون أن عبدالله لا يُعبر عن نفسه عندما يتحدث كذلك.
الثورة السورية في مازق والدبلوماسية الخليجية تجاه سوريا في مأزق اكبر والسياسة #السعودية في سوريا بقيادة الامير بندر بن سلطان على وشك الافلاس
— Abdulkhaleq Abdulla (@Abdulkhaleq_UAE) December 13, 2013
@AbuLambhTanwery الدعم السعودي والخليجي للمعارضة السورية لم يحقق نتائجه، والمعارضة مفككة وبعكس ما هو متوقع برزت القاعدة والغلاة في سوريا
— Abdulkhaleq Abdulla (@Abdulkhaleq_UAE) December 13, 2013
كانت العلاقات الخليجية الايرانية تتجه من سيء لأسوأ حتى عهد قريب وبقدرة قادر فجأة اصبحت العلاقات بين ايران ودول الخليج تتجه من حسن الى أحسن
— Abdulkhaleq Abdulla (@Abdulkhaleq_UAE) December 12, 2013
القاعدة وبقية الغلاة هم كارثة الكوارث وهم بلاء وابتلاء على الامة واينما حلوا حل معهم العنف وجاء الخراب. هم اهل دمار وليسوا بأهل عمار وبناء.
— Abdulkhaleq Abdulla (@Abdulkhaleq_UAE) December 13, 2013
عقد الخليج الذي كانت السعودية ممسكة بطرفيه انفرط تماما، فبالإضافة إلى طرف الإمارات، يُعتبر عدم مجيء سلطان سلطنة عُمان قابوس والذي يُعد أحد القنوات الهامة بين أوباما وروحاني إلى اجتماع مجلس التعاون الخليجي بمثابة إشارة واضحة على أن قابوس قرر منع السعودية من التفرد باتخاذ القرار.
ويمكن ملاحظة الارتباط الشديد بين قرار عُمان بالوقوف ضد إقامة اتحاد بين دول مجلس التعاون، وبين علاقة مسقط بطهران، الأمر الذي لاحظه العديد من المغردين على تويتر
إيران تمنح عمان مزايا إقتصادية ضخمة
بينما السعودية تعرض على عمان إحتلالها
من ستختار؟#عمان_ضد_الاتحاد_الخليجي #bahrain— فاطمة البحرانية (@fatiamalbhraani) December 9, 2013
https://twitter.com/Ox4Gen/statuses/410007541804851200
وكانت مسقط قد استضافت المباحثات الأميركية الإيرانية التي سبقت التوقيع على اتفاق جنيف بين إيران ودول مجموعة 5+1، في حين رفضت السعودية الاتفاق بالأساس.
التقارب العُماني الإماراتي الإيراني يُثبت أن الأمور لم تعد في أيدي المملكة، وأول انعكاس لذلك التقارب سيكون في سوريا، القضية الأهم بالنسبة لطهران، والتي يبدو أن السعودية قد تخسرها قريبا مثلما خسرت بقية القضايا التي استلم مقاليدها بندر بن سلطان.