بالرغم من تجاوز ميزانيات الأفلام السينمائية العربية عشرات المليارات سنويًا، وما تحققه من عائد يفوق بكثير ما أنفق عليها، إضافة إلى البيئة العربية الخصبة، والتاريخ المنتعش بالأحداث المشوقة، والتي تصلح لأن تكون مادة خام لإنتاج مئات بل آلاف الأعمال السينمائية، إلا أن سرقة الأفلام الأجنبية ومحاولة “تعريب” الإنتاج السينمائي الغربي ونقله لشاشات العرض العربية، بات ظاهرة مقلقة لا بد من الوقوف حيالها ودراستها بتأمل وعناية.
“نون بوست” في هذا الطرح يسعى لإلقاء الضوء على أبرز الأفلام السينمائية العربية المسروقة من أعمال أجنبية والتي حققت نجاحًا غير مسبوق في حينها، في محاولة للإجابة عن السؤال الآتي: ما الهدف من وراء تلك السرقات بالرغم من خصوبة البيئة العربية؟ وهل تعد هذه السرقة تعبيرًا واضحًا عن الإفلاس الفني الإبداعي لدى الفنانين العرب أم تغريب ممنهج يأتي في إطار الغزو الثقافي الغربي للعقلية العربية؟
تعريب السينما
ظهر مفهوم “تعريب” أو “تمصير” السينما نهاية ثمانينات القرن الماضي، حيث مرحلة الانفتاح الفني على هووليود والسينما الأمريكية، وهو ما ظهر جليًا في الأعمال الفنية التي تم عرضها على شاشات السينما العربية في هذه الفترة، حتى باتت الأفلام السينمائية الأمريكية، والعلامات التجارية الخاصة بها، ظاهرة أبهرت الجميع حينها، حتى بتنا نرى الشاب في الشوارع يقلد “الكاو بوي” بزيه وملابسه المعروفة، فضلاً عن الإعلانات التي كانت تتصدر التلفاز والراديو والتي كانت في معظمها تعتمد على الشخصيات البطولية في الأعمال الأجنبية.
ونظرًا لغياب وسائل التواصل والاضطلاع حينها على الثقافات الأجنبية كان الاقتباس من هذه الأعمال، وإعادة إنتاجها بصورتها العربية أمرًا عاديًا وسهلاً وميسرًا ولا يمكن اكتشافه، بل ساهم في تحقيق طفرة كبيرة في الإنتاج السينمائي في هذه الفترة، إلى أن ظهرت التكنولوجيا الحديثة وتنوعت نوافذ المعرفة والاضطلاع ليصدم الجميع بهذا الكم الكبير والفاضح من السرقة الفنية للأفلام السينمائية الأجنبية، وتعريبها بصورة مخلة، والتي بلغت في بعض السنوات حوالي 40% من إجمالي المعروض الفني العربي.
ونستعرض هنا نماذج لمثل هذه الأعمال الفنية العربية التي حققت نجاحًا هائلاً وإيرادات غير مسبوقة، وتناولها النقاد حينها بأنها طفرة في مسيرة الفن العربي، إلى تم الكشف مؤخرًا أنها مسروقة من أفلام أجنبية.
1- الإمبراطور ×Scarface
Scarface: إنتاج 1983، بطولة النجم الأمريكي آل باتشينو، ويحكي عن قصة “طوني مونتاتا”، وكيف تحول من مهرب صغير للمخدرات لأحد أكبر تجار المخدرات في أمريكا.
آل باتشينو في Scarface
الإمبراطور: إنتاج 1990 فيلم يتناول حياة عامل عند أحد تجار المخدرات (زينهم) ثم تدرج ليصبح هو “إمبراطور” سوق تجارة المخدرات، الفيلم بطولة الراحل أحمد زكي، وإنتاج عام 1990.
أحمد زكي في الإمبراطور
2- التوربيني × Rain Man
Rain Man: إنتاج 1988، بطولة الممثل الأمريكي داستين هوفمان، ويحكي قصة رجل مصاب بالتوحد وشديد الذكاء وهناك صراع بينه وبين شقيقه الأكبر بسبب ميراث والده، وقد حصل على 4 جوائز أوسكار.
فيلم Rain Man
التوربيني: إنتاج 2007 بطولة الممثل المصري أحمد رزق وتدور أحداثه عن شقيقين أحدهما مصاب بالتوحد يلتقيان بعد سنوات طويلة ليدخلا في دائرة من الصراع على ميراث الوالد.
أحمد رزق في التوربيني
3- 1000 مبروك × Groundhog Day
Groundhog Day: إنتاج 1993، ويقوم الفيلم على نظرية “الحصار داخل اليوم نفسه”، حيث يصبح البطل رهينة يوم واحد، وقد تم اختياره ليضاف لقوائم السجل الوطني للأفلام الأمريكية.
فيلم Groundhog Day
1000مبروك: إنتاج 2006، بطولة أحمد حلمي الذي كان يعاني من حلم اليوم الواحد، حيث تمت محاصرة البطل في ذكريات نفس اليوم.
فيلم 1000 مبروك
4- جاءنا البيان التالي × I Love Trouble
I Love Trouble: إنتاج 1994، بطولة نيك نولت وجوليا روبرتس، وتدور أحداثه حول صحفي وصحفية يجتمعان رغم المنافسة في محاولة كشف تفاصيل مؤامرة، ويحاولان خلال عملهما مقاومة انجذاب كل منها للآخر.
فيلم I Love Trouble
جاءنا البيان التالي: إنتاج 2001، بطولة محمد هنيدي وحنان ترك، وتدور أحداثه أيضًا حول مذيعين يسعيان لكشف مؤامرة وفساد أحد رجال الأعمال.
فيلم جاءنا البيان التالي
5- الحاسة السابعة × What Women Want
What Women Want: إنتاج 2000، بطولة ميل جيبسون، وتدور أحداثه حول قدرة البطل على فهم عقول النساء والترويج لمنتجات التجميل التي تبيعها شركته من خلال استغلال قدراته العقلية.
فيلم What Women Want
الحاسة السابعة: إنتاج 2005، بطولة أحمد الفيشاوي، تدور أحداثه حول استغلال البطل قدرته على معرفة ما يدور في العقول لكي يستطيع هزيمة خصومة في الـ”كونغ فو”.
فيلم الحاسة السابعة
6- طير أنت × Bedazzled
Bedazzled: إنتاج 2000، بطولة برندان فريزن، وتدور أحداثه حول كيفية استغلال الرجل ذو القدرات الاجتماعية المحدودة السبع أمنيات التي يعرضها “العفريت” عليه لكي يصل لفتاة أحلامه.
فيلم Bedazzled
طير أنت: إنتاج 2000، بطولة أحمد مكي وماجد الكدواني، وتدور أحداثه حول استغلال البطل قدرات “العفريت” الذي يحقق له سبع أمنيات مع اختلاف نوعية الأمنيات عن الفيلم الأمريكي الأصلي.
فيلم طير أنت
7- حلاوة روح × Malena
Malena: إنتاج 2000، بطولة مونيكا بلوتشي، ويحكي قصة فتاة تركها زوجها وباتت مطمعًا لجيرانها، مما دفعها للهروب والعمل في أحد الملاهي.
فيلم Malena
حلاوة روح: إنتاج 2014، بطولة هيفاء وهبي، وتدور أحداثه بالتفصيل تطابقًا مع نسخته الأجنبية، حتى إن هناك تطابق في بوستر الفيلمين، إلا أن حلاوة روح قد تم مصادرته ومنعه من العرض.
فيلم حلاوة روح
8- الحرب العالمية الثالثة × Night at the Museum
Night at the Museum: إنتاج 2006 بطولة بن ستيلير، وقد عرض منه جزئين عامي 2006 و2009، ويروي قصة حارس المتحف الذي يفاجأ بعودة التماثيل المعروضة للحياة عندما يحل الليل، فيما يتحول الرعب الذي يشعر به في البداية إلى صداقة بينه وبينهم.
الحرب العالمية الثالثة، إنتاج 2014، بطولة الثلاثي أحمد فهمي وشيكو وهشام ماجد، وتدور أحداثه حول شاب وجد نفسه فجأة وسط متحف للشمع، يستيقظون جميعهم بالليل، في إطار كوميدي شبيه لنسخته الأجنبية.
9- صنع في مصر × Ted
Ted: إنتاج 2012، بطولة مارك والبيرج، وتدور أحداثه حول شاب يمتلك متجر لبيع لعب أطفال، وفجأة يتحول بطريقة كوميدية إلى “باندا” متحركة.
صنع في مصر: إنتاج 2014، بطولة أحمد حلمي، ويدور في إطار من الكوميديا من خلال شاب يمتلك محل لعب أطفال وليس لديه أي طموح لكنه يواجه معاناة من كثرة ثرثرة “باندا” يمتلكها في المحل ما يضطره لوقف شريحة “الكلام” لهذه الباندا، لكن أثناء ذلك ينقطع التيار الكهربائي ويتحول هو شخصيًا إلى باندا.
10- جوازة ميري × his Means War
His Means War: إنتاج 2012 بطولة توم هاردي وكريس بين وريس ويذرسبون، ويحكي قصة وقوع ضابطين في حب فتاة واحدة عن طريق الإنترنت.
جوازة ميري: إنتاج 2014 بطولة ياسمين عبدالعزيز، والذي يحكي قصة صديقان يعملان في جهاز أمني يكتشفان وقوعهما في حب نفس الفتاة فيما يتصارعان على الفوز بها في إطار كوميدي.
11- جيم أوفر × monster in low
monster in low: إنتاج 2005، بطولة جينيفر لوبيز وجين فوندا، والذي يجسد الصراع بين الحماة التي ترفض زواج ابنها من فتاة أحلامه من جانب، وبين ابنها وفتاته من جانب آخر.
جيم أوفر: إنتاج 2012، بطولة مي عز الدين ويسرا التي قامت بدور الحماة المتسلطة، التي ترفض زواج ابنها من فتاة أحلامه لأنها تعمل عاملة نظافة.
عادل إمام: تاريخ من السرقة
يعد الفنان المصري عادل إمام، أحد أبرز المتربعين على عرش السينما العربية بلا منازع، فمنذ ظهوره الأول على خشبة المسرح في دور “دسوقي” في مسرحية “أنا وهو وهي” عام 1964، وقد نجح في فرض نفسه واسمه كأحد أبرز الفنانين الكوميديين في مصر والعالم العربي.
وبالرغم من عشرات الأعمال الفنية التي قدمها إمام للسينما والمسرح العربي رسخت مكانته في الوسط الفني حتى لقب بـ “الزعيم” إلا أن أفلامه وبلا منازع تصدرت قائمة الأعمال المسروقة عن أفلام أجنبية، حيث جاء ما يقرب من 20 فيلمًا من أشهر أفلام الزعيم المعروفة، متطابقة تمامًا مع نسخ أجنبية لها لاسيما الأمريكية، مما يضع العديد من علامات الاستفهام حول هذا الكم من الشهرة لفنان جاءت معظم أعماله مختلسة من أعمال أخرى.
ونستعرض هنا أبرز الأعمال الفنية التي قام ببطولتها الفنان المصري والمستوحاه أو المقتبسة أو المسروقة عن أعمال أجنبية، وفي مقدمتها: خمسة باب، والمقتبس من النسخة الأمريكية Irma La Douce، وخلي بالك من جيرانك، المأخوذ عن Barefoot in The Park، وليلة شتاء دافئة، النسخة المعربة لـ It Happened One Night، والجحيم ، الصبغة المصرية للفيلم The Postman Always Rings Twice، كذلك رسالة إلى الوالي، المأخوذ عن Les Visiteurs، و جزيرة الشيطان، المعرب عن Wet Gold.
1- شمس الزناتي × The Magnificent Seven
The Magnificent Seven: فيلم أمريكي، إنتاج 1960 يتناول طلب المزارعين المكسيكيين من رماة أمريكيين معروف عنهم المهارة والدقة ليساعدوهم ضد عصابة ” كالبيرا”.
شمس الزناتي: إنتاج 1990 يتناول شخصية أحد الشجعان “شمس الزناتي” ممن يضحي بكل شيء لنصرة قبيلة فقيرة وضعيفة تتعرض للتنكيل والسرقة من قبل أحد البلطجية “برعي”، ويجمع لها كل أصدقائه القدماء ويتوجهون لمقر هذه القبيلة ويدافعون عنها إلى أن قتل جميع أصدقائه ولم يبق إلا هو وصديق له.
2- عريس من جهة أمنية × Father of the Bride
Father of the Bride: إنتاج 1991، بطولة ستيف مارتين، وتدور أحداثه حول أب يفاجأ بأن ابنته قد كبرت وباتت مطمعًا للزواج من الكثيرين، ونظرًا لارتباطه الشديد بها يسعى لإفشال كل هذه الزيجات.
عريس من جهة أمنية: إنتاج 2004، بطولة عادل إمام وحلا شيحة، وتدور أحداثه حول أب فوجئ بأن ابنته أصبحت أنسة، وأنها ستصبح متزوجة وتتركه، في الفيلمين الكثير من الكوميديا، وفي الاثنين تظهر عصبية الأبويْن ومحاولاتهما لتعطيل الزواج.
3- أمير الظلام × Scent of a Woman
Scent of a Woman: إنتاج 1992، وتدور أحداثه حول اثنين كانا عسكرييْن وصارا متقاعديْن، والاثنان يؤمنان بالحياة ومحبان لها، والاثنان فقدا البصر ولم يقلل ذلك من حبهما للمغامرة وشغفهما بالحياة، لدرجة أن يجرب أحدهما قيادة سيارة، والآخر يجرب قيادة طائرة، بطل الفيلم الأمريكي هو آل باتشينو، والذي حصل عن دوره فيه على أوسكار أفضل ممثل.
أمير الظلام: إنتاج 2002، بطولة الفنان عادل إمام، والذي كان ضابطا بالقوات الجوية، ثم أصيب بالعمى وتقاعد، وظل طيلة الفيلم يدافع عن الحياة التي كان يحبها من خلال مغامراته المتعددة.
4- واحدة بواحدة (الفنكوش) – Lover Come Back
Lover Come Back: إنتاج 1961، بطولة روك هادسون ودوريس دي، والقصة تدور حول صراع بين مدير إحدى شركات الإعلان ومنافسته في شركة ثانية وذلك في قالب مضحك زاخر بمواقف تتصف بسوء التفاهم، الفيلم رشح لجائزة الأوسكار لأفضل سيناريو أصيل.
واحدة بواحدة: إنتاج 1984، وهو نسخة طبق الأصل عن الفيلم الأساسي وقد لعبت فيه ميرفت أمين الدور الذي أدته دوريس دي في النسخة الأصلية، في حين برع عادل إمام بدور صلاح فؤاد المدير التنفيذي لشركة الإعلان الذي يستعمل جميع الأساليب للفوز بحملات إعلانية جديدة.
5- حنفي الأبهة × 48 Hours
48 Hours: إنتاج 1988، بطولة إيدي مورفي ونيك نولتي، وتدور أحداثه حول مساعدة لص لضابط في القبض على عصابة كبيرة بعد الإفراج عنه.
حنفي الأبهة: إنتاج 1990، ويلعب عادل إمام دور إيدي مورفي ويقوم فاروق الفيشاوي بدور نيك نولتي، والفيلمان يدوران حول قصة لص خرج من السجن لمدة 48 ساعة بموافقة ضابط شرطة ليساعده في القبض على عصابة إجرامية.
النقاد: إفلاس فني وندرة في الإبداع
تباينت آراء النقاد في تقييمهم لظاهرة الاقتباس من الأفلام الأجنبية وتعريبها، فهناك من نعتها بـ “الاقتباس” المقبول، وآخرين اتهموها بـ “السرقة”، إلا أن الأمر لاشك وأنه يمثل ظاهرة خطيرة إذا ما علمنا أنه ما بين عامي 1933 وحتى 1997 اقتبست السينما المصرية ما يقرب من 180 فيلمًا أجنبيًا، كان أولها “أولاد الذوات” ليوسف وهبي، والمأخوذ عن المسرحية الفرنسية “الذبائح”، وآخرها “عيش الغراب” لسمير سيف، المأخوذ عن الفيلم الأمريكي “على خط النار”.
الناقد والمؤرخ السينمائي محمود قاسم وصف السينما الأمريكية بأنها “الأم” للسينما المصرية والعربية، مفسرًا ذلك بأن السينما المصرية منذ نشأتها لا تهتم سوى بالحدوتة أيًا كان مصدرها، وكانت السينما الأمريكية منجمًا لا ينضب لها لاعتمادها على الحواديت الجذابة، إذن فالهدف الأول هو البحث عن الحدوتة التي لا بد من فبركتها في أغلب الأحيان كي يمكن للمقتبس أن يضع اسمه على الأفيشات كمؤلف وهو مرتاح البال والضمير أنه قام بعملية التأليف المطلوبة.
وحول التفرقة بين الاقتباس والسرقة في الأعمال الفنية، كان للناقد السينمائي د.رفيق الصبان، رأي آخر، حيث أشار إلى أن الاقتباس ليس عيبًا، فهو أمر تعرفه السينما المصرية منذ فجرها، ولا يمر عام دون أن نجد فيلمًا مأخوذًا عن نص أو عمل أجنبي، ولكن العيب في “السرقة”، بمعنى ألا تذكر النص المقتبس منه، وكأنه عمل مصري خالص، وهناك مؤلفون كبار مات ضميرهم، فكانوا يكتبون على أفيشات بعض أفلامهم أنهم أصحاب القصة والسيناريو والحوار، في حين أن أي متابع للسينما العالمية يدرك أنه مقتبس، أما العيب الثاني أن يظل الجو الغربي للفيلم المقتبس موجودًا، فللاقتباس أصول، ويمكنك أن تخلق جوًا مصريًا خالصًا من عمل أجنبي، فالمهم هو الفكرة والحدوتة لا التفاصيل.
كما شن الصبّان هجومًا لاذعًا على الكتاب والمؤلفين العرب، واتهمهم بمحدودية خيالهم، وتواضع إبداعهم الذي يدفعهم للاقتباس أو السرقة من الأعمال الأجنبية، مشيرًا أن هذه الظاهرة تشوه سمعة الفن العربي خارجيًا،
أما الفنانة المصرية جالا فهمي، والذي كان لها نصيب كبير من الأفلام المسروقة والمقتبسة، فقد دافعت عن أفلامها المقتبسة، بقولها أنها ليست تهمة، وليس عيبًا استثمار نجاح فيلم أمريكي بنقل موضوعه إلى السينما المصرية، بدليل أن أفلامها المأخوذة عن أعمال أمريكية حققت نجاحًا كبيرًا، مشيرة إلى قلة الأفكار الدرامية، فعمر السينما المصرية يصل إلى ثلاثة أرباع قرن، أنتجت خلالها نحو 5 آلاف فيلم أو يزيد، وهو أمر يضع المؤلفين في مأزق ويدفعهم للبحث عن الجديد دائمًا.
أساتذة اجتماع: تغريب ممنهج
وفي المقابل هناك من يرى أن سرقة الأفلام الأجنبية أو اقتباسها ليس مجرد فقر في الأفكار أو إفلاس إبداعي وفقط، بل هو جزء من مخطط الغزو الثقافي الغربي للعقلية العربية، لاسيما وأن هذه الأعمال تجد لها جمهورًا غفيرًا من ملايين العرب هنا وهناك.
أساتذة علم الاجتماع أشاروا إلى أن “تمصير” أو “تعريب” الأعمال الفنية الأجنبية لاسيما الأمريكية يتم بسوء نية، حيث إن أكثر الأعمال التي يتم النقل عنها تعزف على وتر “الجنس – البلطجة – الإلحاد ” ومن ثم فليس غريبًا أن نرى من يقلد هذه الأعمال بزعم الحريات وتقليد الغرب.
كما نوهوا إلى خطر آخر قد لا يستوعبه البعض، وهو استيراد نماذج من الشخصيات الغربية العازفة على الأوتار الثلاثة السابقة وتقدم للمواطن العربي في صورة ممثل أو فنان عربي، وهو ما يفسر في الآونة الأخيرة انتشار ممثلي البطلجة والمخدرات والجنس، حيث يتم تقديمهم للمشاهد بصورة تكسب تعاطف الجمهور معهم، مما يسهل بعد ذلك تصدير هذه الشخصية لرجل الشارع العادي، حتى باتت هذه السلوكيات الشاذة المقدمة في هذه الأعمال أمرًا عاديًا وغير مستهجن من الناس.
ومن ثم يبقى السؤال: إذا كانت الدول والحكومات تنفق المليارات من أجل الحفاظ على هويتها، أليس من باب أولى أن يعيد العرب النظر في مثل هذه الظاهرة التي باتت نافذة خطيرة تهدد عقلية أبنائنا مستقبلاً؟ وإذا كان الأمر فقر في الإبداع فلما لا تكون هناك آلية أخرى لتنشيط الخيال، وإن كانت غير ذلك فلما لا تكون هناك محاسبة ومراقبة لهذه الظاهرة؟