حثت الأحاديث النبوية الشريفة الإفطار على التمر بعد الصيام، لما يحمله التمر من خصائص يحتاج لها الصائم عن الطعام، فالشخص الذي انقطع عن تناول الطعام لمدة يحتاج إلى مصدر غذائي سهل الهضم لتوليد الطاقة بصورة عاجلة وتأمين مصدر مائي لتعويض النقص الحاصل أثناء الصيام، وهذان العاملان متوفران في مادة التمر، إذ يعد التمر من أكثر الأغذية المفيدة وأسهلها هضمًا إذ يحتوي على 70.6% من الكربوهيدرات و2.5% من الدهن و33% من الماء و1.32% من الأملاح المعدنية و10% من الألياف وكميات من الكورامين وفيتامينات أ – ب1 – ب2 – ج، كما يحتوي على البروتين والسكر والزيت والكلس والحديد والفوسفور والكبريت والبوتاس والمنغنيز والكلورين والنحاس والكالسيوم والمنغنيزيوم، كما تقي التمور من العديد من الأمراض لعل أبرزها السرطان، ويعود انتشار التمر لثلاثة أسباب رئيسية؛ أولها دينية وثانيها صحية وآخرها كثرة أنواعها ولذتها.
الدول الأعلى في تصدير التمور
يزخر الوطن العربي بملايين أشجار النخيل التي تتميز بالتمور ذات النوعية الجيدة وتصل أنواع التمور الموجودة حاليًا إلى نحو 400 صنف وتعد أكثر البلدان إنتاجًا للتمور: مصر ومن ثم تأتي السعودية وبعدها إيران، حيث يوجد في السعودية وحدها 25 مليون نخلة بحسب إحصائيات عام 2013 إلا أن أحد التقارير أوردت أن 80% من إنتاج التمور في السعودية لا يتم استغلاله بالمستوى المطلوب وتصل كمية الإنتاج إلى 1.4 مليون طن سنويًا ومازالت ثمرة النخيل تنتج وتباع وتستخدم بمثل ما كانت عليه منذ اكتشافها دون إدخال التقنية والتكنولوجية التي تسمح بتحويلها إلى صناعة رائدة على مستوى العالم، ويبقى تطويرها وتحويلها لصناعة في المملكة مقتصر على نطاقات ضيقة ومحدودة.
وتعد أسواق التمور من أكبر ثلاثة أسواق في العالم وتنظم لها المهرجانات والمعارض في الدول العربية والإسلامية في محاولة لعرضها وتسويقها، ويوجد 13 منتجًا يمكن عملها من التمور مثل اللوزيات والشوكولاته بالتمر والدبس وعجينة التمر فضلا عن منتجات أخرى.
والإمارات هي من أعلى الدول تصديرًا للتمور علي مستوي العالم بكمية بلغت 266 ألف طن ومن ثم العراق بكمية 174 ألف طن ومن ثم باكستان بكمية 125 ألف طن وتونس 77 ألف طن وإيران 69 ألف طن محققة مجتمعة 711 ألف طن وتوازي 88% من إجمالي الصادرات العالمية للتمور، وتستورد أوربا ما نسبته 12% من الإنتاج العالمي ومن أهم الدول المستوردة في أوروبا فرنسا وبريطانيا وألمانيا.
زراعة وإنتاج التمور
زراعة النخيل تتطلب مهارة وإبداع عال وهي من الممارسات التي تحتاج إلى جهد وعمل مكثف من الإعداد والتحضير والتخطيط وفق برنامج زمني محسوب، بدءًا من اختيار الأرض لإعدادها وتجهيزها ومن ثم زراعتها والبدء بسلسة عمليات متوالية لخدمة النخلة من الري والتسميد والتنبيت والوقاية والمكافحة حتى الوصول إلى عملية الإنتاج القائمة على جني الثمار وإعدادها بعد القطاف والاستعداد لتسويقها أو إدخالها إلى خطوط التصنيع لعمل منها منتجات مختلفة.
ويحتاج هذا المجهود إلى أيدي عاملة لها خبرة ودراسة فيها والمعروف أن هذه الزراعة تساهم في توفير فرص عمل كثيرة في مناطق الصحاري والواحات والمناطق الريفية كما تستوعب أيضا الصناعة المصاحبة لها أعداد كبيرة من الموظفين العاملين في مجال الخزن المبرد والتجفيف وعمليات التعبئة والإعداد والتجهيز والتغليف، كما أن تشجيع الصناعات الريفية والتقليدية التي تعتمد على التمور تسهم في تحسين مستوى دخل الأسرة والمستوى المعيشي في المناطق الريفية، لذا فزراعة النخيل في المناطق الريفية تلعب دورًا اقتصاديًا واجتماعيًا لقاعدة عريضة من سكان المناطق الريفية تعمل على توطينهم وتجنبهم الهجرة إلى المراكز الحصرية والمدن للبحث عن عمل.
ويعرف إنتاج التمور بالاستقرار المالي وقلة المخاطر المصاحبة له أثناء الزراعة فلو أن هكتار واحد من أشجار التمور في بلد توفر فيها قنوات إنتاج وتوزيع وتسويق على مستوى جيد فإن الهكتار ينتج متوسط دخل يعادل 25 ألف دولار سنويًا، كما أن عشرة أشجار من النخيل يمكن أن تمد المزارع في ظل الظروف المحلية العادية بدخل سنوي قدره ألف دولار تقريبًا.
الارتقاء بالزراعة وتحويلها لصناعة
ومن أجل تطوير زراعة النخيل وإنتاج التمور بمستوى تليق بأهميته العالية وفوائده الجمة فإن المطلوب من الدول العربية ما هو أكثر من إقامة المعارض والمهرجانات لعرض أنواع التمور وجودتها، فإنشاء مراكز بحثية تختص بزراعة النخيل وإيجاد حلول للعراقيل التي تواجهها والقضاء على الأمراض التي تتعرض لها والتي تفتك بالمحصول، فضلا عن دراسة أنواع التمور ومحاولة الحفاظ عليها وابتكار أنواع جديدة، واستحداث اختصاصات في الجامعات لتطوير موارد بشرية من مهندسين زراعيين ومنتجين وعاملين لتطوير هذه الزراعة للأفضل.
والأمر الآخر هو بذل جهد أكثر على القنوات الاستثمارية في هذه الزراعة سواء من القطاع الخاص أو العام وتحويلها إلى صناعة على مختتلف المستويات الغذائية والعلاجية ومن ثم بذل جهد أكبر على صعيد تسويقها لتكون سلعة رائجة عالميًا بتحسين البنية التسويقية من خلال تطوير معاملات ما بعد الحصاد وبناء القدرات البشرية المدربة والمؤهلة في القطاع وفتح أسواق جديدة.