وسقطت نجمة من علم الاتحاد الأوروبي بعد قرار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي وتسارعت الأحداث كثيرًا في اللحظات الأخيرة وحملت معها الكثير من التصريحات والأحداث الاقتصادية بعد قرب انتهاء فرز الأصوات وظهور نتائج غير رسمية لصالح معسكر الخروج، وبعد انتهاء الفرز تم إعلان النتائج النهائية من مدينة مانشستر حيث صوت 17.410 مليون على الخروج مقابل 16.14 مليون صوت للبقاء وبهذا تكون بريطانيا وبشكل رسمي خرجت من الاتحاد الأوروبي.
وحالا أعلن ديفيد كاميرون أنه سيستقيل من الحكومة في غضون ثلاثة أشهر من الآن وقال أن “البلاد تحتاج لقيادة جديدة” وأن رئيس حكومة آخر يجب أن يجري مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي. بينما صرح الرئيس التنفيذي لحملة الخروج، أن فئة قليلة من أعضاء البرلمان من المحافظين يريدون من كاميرون أن يرحل، وعبر سياسيو أوروبا عن استيائهم من نتيجة التصويت حيث قال نائب المستشارة الألمانية أنه” يوم مشؤوم لأوروبا” أما وزير الخارجية الفرنسي “جان مارك آيرولت” فقال أن “فرنسا تشعر بالأسف لتصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد ودعا أوروبا للتحرك من أجل استعادة ثقة الشعوب”، رئيس البرلمان الأوروبي أعلن أن “الاتحاد الأوروبي متماسك وسيحافظ على ترابطه رغم خروج بريطانيا من الاتحاد ولا يظن أن القرار سيشجع دولا أخرى في هذا الطريق الخطير وتوقع أن تجري عملية الخروج بشكل سريع” في حين أن الخروج قوى من عزيمة اليمين المتطرف في أوروبا حيث أعلن في هولندا أحد النواب اليمنيين من حزب الحرية أنه “يحق للهولنديين إجراء استفتاء أيضًا للخروج من الاتحاد” كما فعلت بريطانيا، وكذلك الأمر في إيرلندا الشمالية.
وخرج محافظ بنك إنكلترا المركزي في خطاب قصير أعلن أن البنك مستعد لضخ السيولة اللازمة في الأسواق إذا تطلب الأمر ذلك وأنه مستعد للتحرك لضمان الاستقرار النقدي والمالي للمملكة المتحدة مشيرًا أنه درس بشكل وثيق مع وزيرة الخزانة البريطانية والمصارف المركزية الكبرى حلولا إنقاذية عميقة.
وفي نفس الوقت انهار الاسترليني لأدنى مستوى له منذ ثلاثين عامًا وهوى سقوطًا حرًا من أعلى مستوى له في العام الحالي من 1.49 إلى 1.34 مقابل الدولار، وشهدت الأسواق المالية واحدة من أكبر الصدمات في التاريخ وبحسب محلل مالي فإن حجم الأضرار سيكون الأكبر على الأرجح منذ إفلاس بنك ليمان براذرز في العام 2008. إذ تعرضت الأسواق المالية في بريطانيا والعالم لصدمة كبرى أدت لهبوط الأسعار بمعدلات عالية حيث هبط مؤشر “الفوتسي” بنسبة 8% خلال الدقائق الأولى من بدء التداول. كما ارتفع سعر الين الياباني مقابل الدولار إلى 99.04 ين علمًا أن هذ المستوى لم يسجله منذ العام 2013 كما دعا وزير المالية الياباني لمؤيمر عاجل.
وفي خضم هذا الحدث الكبير يطفو على السطح تساؤلات كبيرة بشأن التداعيات الاقتصادية التي ستلحق ببريطانيا من جراء خروجها من الاتحاد الأوروبي ولعل أهم ما في الأمر هو العلاقات التجارية والاتفاقيات المعقودة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي!
ما شكل الاتفاقات التي ستبرمها بريطانيا بعد استقلالها من الاتحاد؟
بريطانيا عضو في منظمة التجارة العالمية كونها كانت عضو في الاتحاد الأوروبي، بعد خروجها ستنفك عضويتها مع المنظمة لذا يتطلب منها أن تبني علاقات تجارية من جديد معها فضلا عن العديد من دول العالم والمنظمات العاليمة من جديد وستواجه في ذلك سيناريوهين أحدها سهل والآخر صعب، فف السيناريو الأول ستسارع إلى إبرام اتفاقيات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة العالمية وستقبل تلك الجهات بحكم العلاقة الوثيقة التاريخية التي تربطها ببريطانيها ولن تطبق عليها إجراءات عقابية بسبب خروجها من الاتحاد وتبقى تنظر ليها نظرة مفعمة بالثقة والأمل تضمن لها تجديد العلاقة وتوقيع اتفاق جديد والإسراع بالإجراءات القانونية.
أما السيناريو الثاني وهو الانتقال الصعب فمن الوارد أن يفرض الاتحاد الأوروبي إجراءات عقابية على المصارف والشركات العاملة في بريطانيا التي تجري صفقات مالية مقومة باليورو هذا فضلا أن الاتحاد سيحاول أن يجعل من بريطانيا عبرة للدول الأخرى التي ستفكر بالخروج من الاتحاد. أما الولايات المتحدة فقد تقول لبريطانيا أن عليها أن ترجع إلى آخر الطابور وتفرض عليها سياسات غير محفزة، أما في حال أتى إلى السلطة “دونالد ترامب” فسيحدث العكس من حيث أنه سيرسم علاقات سياسية واقتصادية جديدة مع الحكومة الجديدة في بريطانيا.
أما الدخول في منظمة التجارة العالمية سيكون عملية شاقة وطويلة الأمد، كما أن بريطانيا من المفروض أن تعيد الاتفاقيات التجارية مع 90 بلدًا حول العالم وهذا يكون لمرة واحدة ولكنه يأخذ وقتًا طويلا ولن يكون بالأمر اليسير.
قرار الخروج هو أشبه بإنهاء زواج طويل الأمد كما وصفته “الفورين بوليسي” وسيكون الأمر مكلفًا ويتطلب العمل كثيرًا من المحامين والعاملين في القطاع المالي لفصل الحسابات المصرفية.
وبخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ديفيد كاميرون قد يندم على اللحظة التي أعلن فيها في العام 2013 أنه ينوي عمل استفتاء في بريطانيا كاستراتيجية لتقوية العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأرووبي على أمل جعلها أفضل.