بين أسماء النجوم الكثر الذين تعج بهم بطولة أمم أوروبا لكرة القدم، التي تتواصل فعالياتها على قدم وساق في بلاد العطور، تطالعنا أسماء اعتاد لساننا – نحن أبناء لغة الضاد – على لفظها.
سامي، عادل، مروان، وكريم، هي أسماء اللاعبين الـ 4 الذين تجري في عروقهم دماء عربية، لم تمنعهم من التواجد مع 4 منتخبات أوروبية كبرى، في المحفل الكروي الأوروبي الأبرز، فما قصة هؤلاء النجوم؟ وما مدى تأثيرهم لدى منتخباتهم؟ وما الأسباب التي دعتهم لتمثيل منتخبات البلدان التي يقطنونها على حساب منتخبات بلدانهم الأصلية؟
سامي خضيرة مرتديًا شارة قيادة المنتخب الألماني
أول هؤلاء النجوم الـ 4 وأبرزهم، هو نجم المنتخب الألماني صاحب الأصول التونسية سامي خضيرة، الذي يعتبر أحد أهم ركائز منتخب المانشافت بطل العالم، حيث يشغل مركز الوسط الدفاعي، ويشكل إلى جانب توني كروس ومسعود أوزيل أضلاع مثلث خط الوسط الألماني الناري، الذي يعتبر أبرز عناصر قوته، ويلعب سامي للمنتخب الألماني بشكل منتظم منذ عام 2009، وقد شارك معهم في بطولتي كأس العالم الأخيرتين، حيث أحرزوا المركز الثالث عام 2010، قبل أن يتوجوا باللقب العالمي الأغلى عام 2014 في مونديال البرازيل الماضي.
كما شارك سامي مع المانشافت في بطولة أوروبا الماضية عام 2012، حيث انتهى مشوارهم عند محطة الدور نصف النهائي بالخسارة أمام إيطاليا، ويبلغ عدد مباريات سامي مع منتخب ألمانيا حاليًا 63 مباراةً أحرز خلالها 5 أهداف، علمًا بأنه اختار تمثيل المانشافت على حساب منتخب بلده الأصلي تونس منذ كان في الـ 22 من عمره، عندما كان يلعب لنادي مدينة شتوتغارت، حيث ولد لأب تونسي وأم ألمانية عام 1987، ونشأ في أكاديمية النادي الألماني ولعب لفريقه الأول، قبل أن ينتقل إلى ريال مدريد الإسباني، ومنه إلى يوفنتوس الإيطالي حيث يلعب حاليًا.
عادل رامي – بالقميص الأزرق – خلال مباراة فرنسا ورومانيا في اليورو
ثاني النجوم ذوي الأصول العربية في اليورو، هو مدافع منتخب فرنسا ذو الأصول المغربية عادل رامي، الذي وجد فيه مدرب منتخب الديوك ديديه ديشامب الحل الأفضل لتعويض غياب الثنائي الدفاعي رافائيل فاران وجيرمي ماتيو، حيث استدعاه قبيل انطلاق البطولة بأيام بعد تأكد غياب فاران وماتيو بسبب الإصابة، ليلعب أساسيًا وينجح مع شريكه لوران كوسيلني في تشكيل جدار دفاعي صلب، اعتمد عليه ديشامب كثيرًا في تأمين المرمى الفرنسي، الذي لم يتلقَ أكثر من هدف وحيد خلال الدور الأول من البطولة.
ويعتبر رامي أحد اللاعبين الذين شكل استدعاؤهم إلى البطولة مفاجأةً لأغلب المتابعين، فهو – وإن خاض 31 مباراةً لمنتخب الديوك منذ أول استدعاء له عام 2010، إلا أنه لم يسبق له أن خاض أية بطولة كبرى رغم تجاوزه الـ 30 من العمر، حيث اقتصرت مشاركاته السابقة مع فرنسا على خوض بعض مباريات التصفيات والمباريات الودية، وقد سبق لرامي – الذي يحمل الجنسية المغربية بحكم أن أبويه مغربيان – أن استدعي لتمثيل المنتخب المغربي الأول عام 2008، ولكنه رفض الانضمام مفضلًا تمثيل منتخب البلاد التي ولد ونشأ فيها، حيث ولد في مدينة باستيا بجزيرة كورسيكا الفرنسية عام 1985، ونشأ في نادي المدينة ولعب له، ثم خاض عدة تجارب في أندية مرموقة كليل وفالنسيا وميلان، قبل أن يحط الرحال في الأندلس حيث يلعب لنادي إشبيلية الإسباني منذ الموسم الماضي.
مروان فيلايني بقميص المنتخب البلجيكي في بطولة اليورو الحالية
ثالث النجوم أصحاب الدماء العربية في اليورو، هو نجم منتخب بلجيكا ذو الأصول المغربية مروان فيلايني، الذي يشكل حجر الثقل في وسط ميدان منتخب الشياطين الحمر المدجج بالنجوم، والذي يتوقع له أن يمضي بعيدًا في البطولة الحالية بعد تجاوزه عقبة دور المجموعات، ويلعب مروان بانتظام مع منتخب بلجيكا منذ عام 2007 حين كان عمره 20 عامًا، حيث وصل عدد مبارياته الدولية حاليًا إلى 69 مباراةً سجل خلالها 15 هدفًا، أحدها في مرمى المنتخب الجزائري خلال نهائيات كأس العالم الماضية، التي بلغ فيها مع منتخبه الدور ربع النهائي، قبل أن تتوقف مسيرتهم أمام منتخب الأرجنتين، ويذكر أن مروان – الذي يمتلك الجنسية المغربية – سبق أن رفض دعوةً للانضمام إلى المنتخب المغربي الأول عام 2006، رغم خوضه مباراةً مع منتخب المغرب للشباب، ورغم أن والده عبد اللطيف كان حارسًا لمرمى فريقي الرجاء البيضاوي وحسنية أكادير المغربيين، قبل أن يهاجر إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، ويرزق عام 1987 بابنه مروان، الذي نشأ وترعرع في نادي ستاندر لياج، قبل أن ينتقل إلى إنجلترا للعب في صفوف نادي إيفرتون ثم مانشستر يونايتد، حيث يتواجد منذ عام 2013.
ستيفان كريم الشعراوي لاعب منتخب إيطاليا ذو الأصول المصرية
أما رابع الأسماء العربية في اليورو، فهو مهاجم منتخب إيطاليا الواعد ستيفان كريم الشعراوي، الذي ينحدر بدوره من أصول مصرية، حيث هاجر والده صبري إلى مدينة سافونا بإيطاليا، وتزوج بسيدة إيطالية ذات أصول سويسرية، ورزقا عام 1992 بابنهما ستيفان كريم، الذي نشأ في نادي جنوى الإيطالي، وخاض عدة تجارب مع أندية بادوفا وميلان وموناكو، قبل أن يصبح لاعبًا لنادي العاصمة الإيطالية روما اعتبارًا من مطلع العام الحالي.
وقد حظي الشعراوي – الذي يلقب في إيطاليا بديل بييرو الصغير – بدعوة لتمثيل المنتخب الإيطالي الذي فضله على منتخب أصوله المصري عام 2012، وشارك مع الأزوري في كأس القارات بالبرازيل عام 2013، حيث أنهوا البطولة في المركز الثالث، ثم غاب عن المشاركة في نهائيات كأس العالم الماضية نتيجة معاناته من إصابة مديدة، قبل أن يستدعيه أنطونيو كونتي مجددًا لتمثيل إيطاليا، وذلك في بطولة اليورو الحالية، التي خاض الشعراوي أولى دقائقه فيها خلال ثالث مواجهات منتخبه في الدور الأول أمام منتخب جمهورية إيرلندا، ليرفع عدد مرات ظهوره مع الأزوري إلى 20 مباراةً، سجل خلالها 3 أهداف دولية.
كريم بن زيمة أبرز الغائبين عن اليورو من النجوم ذوي الأصول العربية
وإضافةً إلى الأسماء العربية الـ 4، هناك اسم خامس يمت إلى الجذور العربية بصلة، هو ظهير منتخب إنجلترا الشاب ريان بيرتراند، البريطاني الأب والمصري الأم، وكان يمكن للأسماء العربية أن تكون أكثر من ذلك، لولا تعنت مدرب منتخب فرنسا ديديه ديشامب، وامتناعه عن استدعاء نجم ريال مدريد ذي الأصول الجزائرية كريم بن زيمة إلى صفوف المنتخب، رغم صدور قرار المحكمة النهائي بتبرئته من تهمة الابتزاز الجنسي في قضية اللاعب ماتيو فالبوينا، إضافةً إلى استمرار استبعاده النجمين: حاتم بن عرفة ذو الأصول التونسية، وسمير نصري ذو الأصول الجزائرية عن صفوف منتخب الديوك، كما استبعد مدرب منتخب ألمانيا يواكيم لوف، نجم باير ليفركوزن ذا الأصول المغربية كريم بن عربي من صفوف المانشافت في آخر مراحل الاستعداد قبل اليورو، ومثله فعل مارك فيلموتس مدرب منتخب بلجيكا باستبعاده النجم ذا الأصول المغربية ناصر الشاذلي من التشكيلة المسافرة إلى فرنسا.
زين الدين زيدان مع منتخب فرنسا خلال نهائي بطولة اليورو عام 2000 أمام إيطاليا
لا يمكن أن نتكلم عن النجوم ذوي الأصول العربية في بطولة اليورو، دون أن يقفز إلى ذهننا اسم أسطورة منتخب فرنسا ذي الأصل الجزائري زين الدين زيدان، الذي قاد منتخب الديوك للتتويج بلقب كأس أمم أوروبا عام 2000، مستكملًا نجاحاته التي توجته ملكًا على عرش قلوب الفرنسيين، بعد أن قادهم للفوز بلقبهم الوحيد في كأس العالم عام 1998، ثم قادهم إلى نهائي كأس العالم عام 2006، إضافةً إلى إحرازه لقب أفضل لاعب في العالم 3 مرات، وفوزه بلقب دوري أبطال أوروبا مع نادي ريال مدريد، كلاعب عام 2002، وكمدرب عام 2016.
وإذا تساءلنا عن أهم الأسباب التي تحدو بالنجوم ذوي الأصول العربية لاختيار اللعب للمنتخبات لأوروبية على حساب منتخبات أصولهم، نجد أن ضعف المنتخبات العربية بالمجمل، وعدم قدرتها على تحقيق الإنجازات والألقاب في المحافل الكروية الكبرى، ولا سيما كأس العالم، هو السبب الرئيسي في ذلك، حيث يدرك اللاعب أن فرصته في الشهرة والنجومية تتضاعف عشرات المرات، حين يصبح عنصرًا في منتخب عالمي قادر على إحراز الألقاب والتألق في المحافل الكبرى، كألمانيا أو فرنسا أو إيطاليا، بعكس الحال لدى اختياره اللعب لمنتخب بلاده الأصلية، كما أن مشكلة الانتماء تلقي بظلالها على اختيارات هؤلاء اللاعبين، وخاصة أن معظمهم ولد وعاش في المهجر، وليس هناك ما يربطه بوطنه الأم سوى ذكريات، قد يرويها لهم آباؤهم وأجدادهم وقد لا يفعلون.