التخمة في معروض النفط الخام في الأسواق العالمية أدت إلى سلسلة من الانخفاضات المتتالية لأسعار النفط إلى مستويات متدنية منذ صيف العام 2014، أدناها سجل في العام الحالي بعد وصول سعر البرميل إلى 30 دولارًا، ومما زاد الأمر سوءًا بالنسبة لسعر النفط حزمة من الأخبار الاقتصادية السيئة التي زادت من وتيرة انخفاض السعر، فدخول النفط الصخري الأمريكي على خط الإنتاج بعد ارتفاع الأسعار زاد من معدلات الفائض في الأسواق العالمية، ومن ثم سجلت معدلات النمو العالمية معدلات متدنية خلال العامين الماضيين خفضت من آمال معافاة الاقتصاد العالمي من آثار الأزمة المالية العالمية 2008، فالصين صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم سجلت أدنى معدل نمو منذ ربع قرن والأمر نفسه في باقي دول البريكس كالبرازيل والهند وروسيا، حيث عانت من أوضاع اقتصادية سيئة ومعدلات نمو ضعيفة وهذا ساهم في ضعف الطلب على النفط أكثر.
كما أن إيران خرجت من دائرة العقوبات الأممية المفروضة عليها وأعادت مستويات إنتاجها إلى المستويات السابقة قبل العقوبات بمقدار 4 مليون برميل يوميًا، واستراتيجية السعودية أكبر المنتجين في منظمة أوبك بعدم تخفيض الإنتاج مهما كلف الأمر لضرب سوق النفط الصخري في الولايات المتحدة وأخيرًا إصرار روسيا على عدم الانصياع لأوامر السوق بتخفيض الإنتاج بل رفعت إنتاجها إلى السقف بالرغم من تدني الأسعار كثيرًا.
أسواق النفطية تتجه للتوازن وأن قوى العرض والطلب تقترب من بعضها، ومن المتوقع أن يستمر الانخفاض في المخزون النفطي السعودي في المستقبل المنظور.
التخمة في طريقها للانتهاء
على الرغم من إنتاج السعودية القياسي للنفط فقد انخفضت مخزونات النفط في المملكة لمدة ستة أشهر متتالية وهي أطول فترة منذ تتبع مستويات المخزونات السعودية منذ ما يقرب من 15 عامًا.
وبحسب بلومبيرغ فإن الانخفاض في مخزونات الخام السعودي يشير إلى أن “لحظة إعادة التوازن لأسوق النفط الخام في العالم قد بدأت” وعدم انعكاس ذلك على أسعار النفط يشير إما أن السوق لم يعر انتباهه لانخفاض مخزونات النفط في أكبر منتج للنفط في العالم أو أن البيانات غير دقيقة والجهة المصدرة للبيانات غير شفافة.
فالمستثمرون دائمًا ما يهتمون للبيانات النفطية الصادرة عن الولايات المتحدة واليابان وأوروبا ويعيرونها اهتمامًا كبيرًا وتنعكس على أداء سعر النفط سلبيًا أو إيجابيًا بشكل مباشر، وقد تكون المخزونات في السعودية مرت دون أن يلاحظها أحد، فمنذ أكتوبر/ تشرين الأول عندما وصلت الإمدادات السعودية إلى أعلى مستوى لها وسجلت رقمًا قياسيًا، انخفضت المخزونات النفطية بمعدل 38.6 مليون برميل حيث قدمت المملكة في تلك الفترة مزيدًا من الإمدادات أكثر مما كانت تضخ وارتفعت خلال الفترة نفسها مخزونات النفط الأمريكية إلى ما يقرب من 61 مليون برميل بحسب بلومبيرغ.
السعودية تمهد لإعادة التوازن إلى الأسواق النفطية في النصف الثاني من العام المقبل 2017
جرعة أمل
المملكة لن تظل تسحب من مخزوناتها النفطية إلى الأبد لذا وبحسب خبراء في أسواق النفط فإن السعودية تمهد لإعادة التوازن إلى الأسواق النفطية في النصف الثاني من العام المقبل 2017، ويتوافق هذا مع رأي وزير الطاقة السعودية الجديد خالد الفالح عندما قال إن الأسواق النفطية تتجه للتوازن وإن قوى العرض والطلب تقترب من بعضها، ومن المتوقع أن يستمر الانخفاض في المخزون النفطي السعودي في المستقبل المنظور، كما صرح لبلومبيرغ في الثاني من الشهر الجاري أثناء اجتماع فيينا.
بلغت مخزونات النفط السعودية سواء داخل المملكة أو خارجها 290.9 مليون برميل في نهاية أبريل/ نيسان وهو أدنى مستوى منذ أغسطس/ آب 2014، فوفقًا للبيانات الصادرة من السعودية تشير أن المملكة زودت الأسواق العالمية بما يقرب من 10.5 مليون برميل بينما أنتجت 10.2 مليون برميل يوميًا وهذا ما أدى إلى انخفاض المخزونات في النفط الخام والبيانات الأولية لشهر مايو/ أيار تشير إلى انخفاض في المخزونات للشهر السابع على التوالي.
من المتوقع أن تزيد المملكة من إنتاجها بدءًا من يونيو/ حزيران لتغطية الزيادة المتوقعة في احتياجات الطاقة خلال فترة الذروة في الصيف.
وما لم تعمل المملكة على زيادة الإنتاج أو تخفيض الصادرات فإن انخفاض المخزونات سيكون أكبر في الأشهر المقبلة، بحكم قدوم شهر الصيف حيث الحرارة العالية في السعودية التي تفرض استهلاكًا متزايدًا بوتيرة مضاعفة عن الأشهر الأخرى معها لأغراض التبريد بين يونيو/ حزيران وسبتمبر/ أيلول وهو وقت الذورة في السنة يتم فيها حرق كميات أكبر من النفط لإنتاج الكهرباء، والجدير بالذكر أن المملكة أحرقت 500 ألف برميل يوميًا في محطات الكهرباء في شهر أبريل/ نيسان، مما يحتم على المملكة زيادة طاقتها التكريرية للإيفاء بطلبات السوق المحلي وبالتالي زيادة الطلب على النفط الخام في تلك المرحلة، وبحسب وكالة الطاقة الدولية فإنه من المتوقع أن تزيد المملكة من إنتاجها بدءًا من يونيو/ حزيران لتغطية الزيادة المتوقعة في احتياجات الطاقة خلال فترة الذروة في الصيف.