أزمة المعيشة في سوريا في شهر رمضان مضاعفة عن الشهور العادية إذ لا تنفك أسعار المواد الغذائية والسلع الرئيسية من التوقف عن الارتفاع لتكوي جيب المواطن وتثقل كاهل المعيشة عليه، فالراتب الذي يتقاضاه الموظف لم يعد يكفي سوى لبضعة أيام في الشهر وباقي أيام الشهر يعتمد على المساعدات سواء من الدولة أو منظمات إغاثية أجنبية عاملة في سوريا أو من تحويلات مالية تأتيه من أقرباء يعملون في الخارج، وقد سجل معدل التضخم العام في سوريا أرقامًا قياسية نهاية العام الماضي بلغت لغاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 مستوى 500.43% مسجلة زيادة قدرها 44% عن الفترة نفسها من العام الماضي حين كانت 345%.
وللتخفيف من حدة الأزمة التي يمر بها المواطن السوري تُصدر الحكومة السورية تعويضات معيشية للموظفين بين الفينة والأخرى لتعينهم على غلاء المعيشة. وقد أصدر رأس النظام السوري بشار الأسد يوم السبت 18 يونيو/حزيران مرسومًا رئاسيًا رقم 13 للعام الجاري 2016 بحسب ما نقلته وكالة سانا السورية يقضي بمنح 7500 ليرة سورية (أي ما يعادل 16 دولار حسب سعر 468 ليرة مقابل الدولار) مقطوعة كتعويض معيشي للمستفيدين وفق المرسوم التشريعي رقم 7 تاريخ 18-7-2015 والذي يشمل العاملين المدنيين والعسكرييين والمتقاعدين بعقود سنوية، ويضاف عليهم بحسب المرسوم الجديد العسكريين المجنديين والعاملين بالقطاع الخاص والمشترك غير المشمولين بالمرسوم رقم 7 والذي قضى بمنح مبلغ 4000 ليرة سورية شهريًا باسم تعويض معاشي للعاملين المتدنيين والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين بعقود سنوية.
أصدر بشار الأسد يوم السبت 18 يونيو/حزيران مرسومًا رئاسيًا رقم 13 للعام الجاري 2016 يقضي بمنح 7500 ليرة سورية
سيتم العمل بالمرسوم الجديد من بداية الشهر القادم يوليو/تموز بعد نشره في الجريدة الرسمية للبلاد، وبعد صدور المرسوم صرح وزير المالية اسماعيل اسماعيل لسانا، إن المرسوم التشريعي الجديد سيساهم في التخفيف من الأعباء المالية التي يتحملها العاملون وفي رفع المستوى المعيشي للمواطن. فإلى أي مدى ستسهم هذه المنحة بالتخفيف من حدة التضخم! وكيف ستنعكس على معيشة الموظف السوري الذي استنزف الغلاء موارده المالية؟
غلاء في الأسعار
تعاني سوريا من غلاء الأسعار في كل شيئ تقريبًا في أساسيات الحياة من غذاء ودواء ومحروقات حيث يكتوي المواطن السوري الموظف كل يوم من التضخم العام الذي تعود أسبابه لتوقف عجلة الإنتاج واعتماد الاقتصاد على الاستيراد بشكل رئيسي وارتفاع سعر صرف الليرة مقابل الدولار التي تلامس ال 500 ليرة مقابل الدولار فضلا عن ذلك تصدير النظام السوري للمنتجات المحلية إلى البلدان الحليفة له كروسيا وإيران بهدف كسب ودها، ما يقلل من المعروض في الأسواق المحلية ويرفع أسعارها.
وقد أصدر وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك مؤخرًا ثلاثة قرارات تقضي بتعديل سعر ليتر البنزين ليصبح 225 ليرة بدلا من 160 ليرة وسعر ليتر المازوت ليصبح 180 ليرة بدلا من 135 ليرة وسعر اسطوانة الغاز المنزلي لتصبح 2500 بدلا من 1800 ليرة على أن تطبق هذه القرارات اعتبارًا من الدقيقة الأولى من صباح يوم الجمعة 17-6-2016. ويرجع محللين أن المنحة القادمة من المؤسسة الرئاسية جاءت للتعويض عن الارتفاع في الأسعار المقرر في الشهر القادم.
وبحسب محللين فإن قرار رفع أسعار المحروقات والمشتقات النفطية الصادر عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك سيتبعه “ارتفاع جنوني” لأسعار معظم المواد الغذائية والخدمات وأجور النقل والتي تمس شريحة كبيرة من الشعب السوري، وسيترتب على هذا القرار تبعات اجتماعية واقتصادية كبيرة.
فنسبة كبيرة من الشعب السوري باتت تحت خط الفقر وتعاني الأمرين في توفير أبسط متطلبات العيش حيث تشير التقاير أن النسبة تجاوزت 80% والمنحة لا يستفيد منها سوى نسبة معينة من الشعب لا يمثلون الأغلبية ومع كل منحة تأتي يرقب المواطن ارتفاعًا عامًا في الأسعار لتزيد من معاناتهم بدلا من التخفيف منها.
وبحسب البيانات الصادرة على أساس سنوي عن مركز الإحصاء السوري فإن أسعار التضخم سجلت مستويات متفاوته، ففي المرتبة الأولى جاءت أسعار المياه المعدنية والمشروبات المرطبة والعصائر أعلى مستوى تضخم على أساس سنوي حيث بلغت 87% وعلى أساس شهري 4.7%، ويعود سبب ارتفاع هذه المنتجات إلى تراجع قيمة الليرة السورية أمام الدولار، كون المواد الأولية المستخدمة في تصنيعها مستوردة بالكامل.
وبلغت نسبة التضخم في أسعار البقول والخضروات 55.15% مقارنة بالعام 2014 في حين بلغت نسبة تضخم الأغذية 46%، أما الخبز فبلغت نسبة تضخم أسعاره 44% في الفترة نفسها. أما نسبة تضخم أسعار الألبسة فبلغت 40%، في حين بلغت نسبة تضخم أسعار السكن والمياه والكهرباء والغاز نحو 32%
سجل معدل التضخم العام في سوريا لغاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 مستوى 500.43% بزيادة قدرها 44% عن الفترة نفسها من العام الماضي حين كانت 345%.
وسبق أن أصدرت حكومة النظام السوري في 15 تشرين الأول 2015 قرارًا برفع أسعار الخبز العادي إلى 50 ليرة سورية للربطة الواحدة، بعد أن كانت تباع بـ 35 ليرة، ضمن سياسة رفع الدعم عن المواد الأساسية كالخبز والمحروقات.
أسعار دولارية
اجتمعت كل الأسباب مع بعضها ضد قدر المواطن السوري لمحق عيشه والضغط على لقمة عيشه، بدءًا من تحول الأسواق والمنتجات السورية لتقوّم بالدولار وتصبح الأسعار تتذبذب مع ارتفاع وانخفاض سعر صرف الليرة أمام الدولار لتستنزف قدرة السوريين الشرائية، كما تعرض الموسم لصقيع وصلت درجات الحرارة إلى 4 تحت الصفر أثرت سلبًا على إنتاج الخضروات والفاكهة، فتسبب بتوقف النمو وهلاك ما بين 60-70% من الإنتاج، ما أثر على كمية العرض في الأسواق الأمر الذي رفع من أسعار المنتجات الموسمية الشتوية إلى مستويات غير مسبوقة، كما عمد النظام السوري لتصدير منتجات لروسيا الاتحادية عبر تصدير المنتجات الزراعية، كالحمضيات والخضار لكسب ودها السياسي والعسكري، فضلا عن شلل الاستيراد من الدول المجاروة لسورية بسبب سيطرة فصائل المعارضة المسلحة على المعابر الحدودية ما أدى إلى إغلاقها وتسبب بشلل الاستيراد.
أما الإنتاج المحلي الزراعي المتوقع في مناطق سيطرة المعارضة فوصف مهندسين زراعيين الإنتاج ب”الوفير” فإنتاج الزيتون للعام الحالي يعتبر الأعلى منذ 5 سنوات، وتشير التقديرات أن الإنتاج المتوقع لمادة البطاطا في المناطق المحررة يقدر بحوالى 130- 150 ألف طن تقرييًا والتي تعتبر المحصول الأساسي إضافة إلى باقي الخضار الأخرى والتي تقدر بحوالى 30- 40 ألف طن تقريبًا.
وفي النهاية فإن السوريون باتوا يدركون أن منح التعويض المعيشي التي يمنحها النظام السوري لهم يتبعها ارتفاع عام في الأسعار لذا فما يتم منحه من جهة يأخذ من الجهة الأخرى، ولا ينتج عنها سوى زياة في معدلات الفقر ومحق لقيمة العملة السورية.