في خطوة هامة وتؤكد نجاح المقاومة الفلسطينية في الهدف الذي خرجت من أجله بالدفاع عن فلسطين ومقدساتها الإسلامية وطرد الاحتلال الإسرائيلي الغاشم منها، ودعم “انتفاضة القدس”، بدأ الإسرائيليون باتخاذ أكثر الخطوات خطورة على دولة الاحتلال.
الخطوة الخطيرة والتي حذرت منها كل أجهزة الاحتلال الاستخبارتية على مستوى العالم، بدأت بإعلان آلاف الإسرائيليين الاستغناء عن جنسية بلادهم، واستبدالها بجنسية أي دولة أخرى، خوفًا من القتل والملاحقة والمضايقة داخل فلسطين وخارجها.
8308 إسرائيلي تنازلوا عن جنسيه بلادهم، رقم أذهل الساسة الإسرائيليين، وأخذوا يراجعون كل خطواتهم السياسية التي ساهمت في إحداث هذا الخطر “الوجودي” بالنسبة لهم، ويعد من أكثر الأرقام التي سجلت على مدار الـ12 عامًا الماضية.
هزة لإسرائيل
بصورة سرية، كشف تقرير إسرائيلي رسمي صادر عن سلطة السكان والهجرة الإسرائيلية بالتعاون مع السفارات في الخارج، أن 8308 إسرائيلي تنازلوا عن جنسيتهم خلال السنوات الـ 12 الماضية من أجل الحصول على جنسيات دول أجنبية هاجروا إليها.
ووفقًا لصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية رفضت السلطات الإسرائيلية في أحيان كثيرة آلاف الطلبات الأخرى لإسرائيليين طالبوا فيها بالتنازل عن جنسيتهم، فقد تم رفض ربع الطلبات المقدمة خلال الـ 12 عامًا الماضية، وفي عام 2014 تم رفض نصف الطلبات المقدمة للتنازل عن الجنسية الإسرائيلية.
وبحسب التقرير، سجل خلال العام الماضي 2015 أكبر عدد من الإسرائيليين الذين تنازلوا عن جنسيتهم، وبلغ عدد الذين سلموا جوازات سفرهم وبطاقات هويتهم 749 إسرائيليًا، بينما بلغ هذا العدد 470 شخصًا في العام 2003، و635 في العام 2014.
وتنوعت أسباب تنازل الإسرائيليين عن جنسيتهم وأوضح الكثيرون منهم أنه تعين عليهم التنازل عن جنسيتهم الإسرائيلية من أجل الحصول على جنسية أجنبية أخرى، وقال آخرون إنهم يفعلون ذلك لأن مركز حياتهم أصبح خارج إسرائيل، ولا يرون احتمالًا بأنهم سيعودون إليها، وقالت مجموعة أخرى، إن قانون جوازات السفر الذي يلزمهم بالدخول إلى إسرائيل بجواز السفر الإسرائيلي رغم أنهم يحملون جواز سفر آخر، يزعجهم.
وثمة سبب آخر لدى أولئك الذين يريدون التخلي عن جنسيتهم الإسرائيلية، وهي رغبتهم في الانضمام إلى وظائف حساسة في البلدان الخارجية التي يعيشون فيها، بحيث يحظر على حاملي جوازات السفر المزدوجة تولي هذه الوظائف وخاصة الأمنية منها.
وأظهر تقرير سلطة السكان والهجرة الإسرائيلية، أن أكبر عدد من طلبات التنازل عن الجنسية الإسرائيلية جاء من إسرائيليين يعيشون في ألمانيا، تليها الولايات المتحدة والنمسا وبريطانيا وهولندا.
وخلال العام الماضي، تنازل 154 إسرائيليًا هاجروا إلى ألمانيا عن جنسيتهم الإسرائيلية، ومن بين أسباب ذلك، أن القانون الألماني يلزم كل من يريد الحصول على الجنسية الألمانية بالتنازل عن جنسيته السابقة.
يذكر أن تقديم الطلب عن التخلي عن الجنسية الإسرائيلية يتم عبر السفارات الإسرائيلية في الخارج، ومن ثم يتم نقلها إلى إدارة المعابر والإسكان والهجرة، التي تستقبل الطلب وتبت في إمكانية قبول أو رفض ذلك.
خطر الهجرة المعاكسة
في ذات السياق، أكد تحقيق صحافي جديد في إسرائيل اتساع ظاهرة “الهجرة المعاكسة” خصوصًا في أوساط المهاجرين إلى إسرائيل من دول الاتحاد السوفياتي السابق وذلك على خلفية عدم الاستقرار الأمني في الدولة العبرية.
ذكرت صحف عبرية، أن ارتفاعًا بنسبة 600% سجل في السنوات الأخيرة في عدد “المهاجرين الروس” الذين عادوا إلى مسقط رأسهم، وأفادت نقلاً عن تقرير بعثت به السفارة الإسرائيلية في موسكو إلى وزارة الخارجية وإلى مكتب رئيس الحكومة أن نحو 50 ألفًا من المهاجرين الروس إلى إسرائيل مطلع تسعينات القرن الماضي يعيشون اليوم في روسيا، 28 ألفًا منهم طلبوا رسميًا الإقامة الدائمة وحصلوا من جديد على الجنسية الروسية.
مصادر إسرائيلية عزت الارتفاع الهائل في هروب الإسرائيليين والتخلي عن جنسياتهم، إلى استمرار “انتفاضة القدس” وقوة المقاومة في الوصول للعمق الإسرائيلي والقتل بشكل مخيف، وتردي الوضع الأمنية في دولة الاحتلال، بشكل جعلهم يفكرون بالتنازل عن الجنسية الإسرائيلية والعيش بأي دولة أخرى.
وأشارت معطيات جديدة نشرتها مديرية السكان في وزارة الداخلية الإسرائيلية، مؤخرًا، إلى أنّ حوالي 3 آلاف إسرائيلي هاجروا من البلاد تنازلوا خلال السنوات الأربع الأخيرة عن جنسيتهم الإسرائيلية.
عدد الإسرائيليين الذين يتنازلون عن جنسيتهم الإسرائيلية يزداد من سنة لأخرى، ومن المتوقع أن يبلغ عدد هؤلاء هذه السنة حوالي 800 شخص، وبينما كان غالبية هؤلاء، في السنوات السابقة، من بين المهاجرين الجدد أو المتقدمين في السنّ الذي خاب أملهم في إسرائيل، فإن غالبية المتنازلين عن جنسيتهم الإسرائيلية هذا العام هم من أوساط الشبان الصابرا، المسرحين من الجيش وذوي الدراسة العليا الذين اختاروا الحصول على جنسية أجنبية والتنازل عن الجنسية الإسرائيلية لأسباب تتعلق بالفائدة الشخصية.
دورا شفارتس المسؤولة عن دائرة الجنسية في مديرية السكان، قالت إن “الطلبات التي تصل إليها في هذا الخصوص تدل على أن زبدة المجتمع الإسرائيلي تهرب وتتنازل عن الجنسية”، وأضافت: “يدور الحديث عن أشخاص في الثلاثين من عمرهم، ذوي دراسات عليا، خدموا في الجيش وهم أصحاب طاقات كبيرة يتنازلون باختيارهم عن الجنسية الإسرائيلية، وليست لدى هؤلاء مشاعر مختلطة حيال الصهيونية والانتماء إلى الدولة والجذور، وإنما يبحثون فقط عما هو نافع لهم”.
وتعتقد شفارتش أن جواز السفر الإسرائيلي ذو مكانة قوية في العالم، مقارنة مع جوازات سفر دول أخرى، لكن رغم ذلك فإن إسرائيل ليست عضوًا في الاتحاد الأوروبي ولذا يؤثر كثيرون الحصول على جنسية دولة تابعة للاتحاد الأوروبي أو أنها على وشك الانضمام إليه، حتى لو كان ذلك يعني التنازل عن الجنسية الإسرائيلية.
نهاية دول الاحتلال
المراقب للشأن الفلسطيني والمحلل السياسي ناصر الرباح، رأى أن بداية الهجرة المعاكسة في إسرائيل والتنازل عن الجنسية الإسرائيلية، ما هو إلا البداية لنهاية دولة الاحتلال.
وأكد الرباح، لمراسل “نون بوست” في غزة، أن إسرائيل تخفي الأعداد الحقيقية “الصامدة” لهجرة الإسرائيليين والتنازل عن الجنسية، لأنه في حال نشرت المعلومات الرسمية والحقيقية سيكون هناك زلزال داخل دولة الكيان، له ردات فعل كبيرة داخل الوسط الإسرائيلي.
وأوضح أن المقاومة الفلسطينية نجحت بكل الخطوات التي اتخذتها في الدفاع عن الحقوق والثوابت الفلسطينية، وجعلت كافة المدن الإسرائيلية مسرحًا للرد على جرائم الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني وحقوقه الوطنية ومقدساته الإسلامية والمسيحية.
وذكر المحلل السياسي، أن هذا يعد انتصارًا كبيرًا للمقاومة الفلسطينية، واستمرار انتفاضة القدس ومواجهة الاحتلال سيرفع عدد الذي يهاجرون من دولة الاحتلال لعشرات آلاف خلال شهور قليلة فقط.