بمجرد دخولك إلى المكتب تلفت نظرك يافطات تحمل أرقامًا وأسماءً لشركات ناشئة محتضنة ضمن مشروع مبادرون 3 في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة لفترة من الزمن، وتتنوع مجالات تلك الشركات وأسمائها تبعًا لتخصصها، وعند الرقم (23) “كالسيوم بلس Calcium Plus” بخطٍ عريض وباللون الأزرق تقف متسائلًا، وتود أن تعرف كيف ذلك؟ وهل هو حقًا مضاعف أم أنه مجرد اسم للشركة؟ وغيرها من الأسئلة التي تتوالد في تلك اللحظة، وفي ذات الوقت فضولك يدفعك للبحث عن فريق العمل لهذه الشركة والتحقق من تساؤلاتك.
شابٌ وأربع فتيات في مقتبل العمر هم القائمون على شركة كالسيوم بلس Calcium Plus، تغيب عبدالله عايش فكان اللقاء نسائيًا بامتياز، سارة الصوري، ونشوى مقداد، وإسراء عجور، وداليا حرز.
“نعم، إنه مضاعف” تقول نشوى بثقة، وتتابع “قمنا بصناعة جبنة مدعمة بالكالسيوم وفايتو إستروجين النباتي الذي يعمل عمل هرمون الإستروجين بجسم المرأة في المحافظة على الكالسيوم في العظام فيمنحها القوة”، فبعد بلوغ المرأة سن الأمان يتوقف جسمها عن إفراز هرمون الإستروجين وبفقدانه يخرج الكالسيوم من العظام وتصبح أكثر عرضة لمرض هشاشة العظام”.
وتسترجع لنا سارة البدايات الأولى للفكرة، وتقول “تخرجنا جميعنا في كلية تدريب غزة التابع للأونروا تخصص تكنولوجيا صناعات غذائية، وكان مطلوب منا إعداد مشروع تخرج في مجال تخصصنا”، وتصمت للحظات لتعاود حديثها “بحثنا كثيرًا عن علاقة الغذاء بالأمراض وكيفية استخدامه في العلاج أو الوقاية”، وتقاطعها نشوى “كان ذلك عام 2013م، كنا نسعي للتميز والإبداع وبالوقت ذاته خدمة ومساعدة المرضى وتخليصهم من الأعراض الجانبية للأودية الكيميائية التي يتناولونها كعلاج لأمراضهم”.
وتضيف “درسنا الكثير من الأمراض وطرق علاجها من خلال الغذاء إلى أن وقع الاختيار على مرض هشاشة العظام”، وتعلل اختيار مرض هشاشة العظام بأنه مرض صامت ومنتشر في كافة أنحاء العالم، ويصيب النساء أكثر من فئات المجتمع الأخرى.
ومن المتعارف عليه أن هشاشة العظام مرض يصيب النساء البالغات بعد مرحلة انقطاع الحيض بسبب التغيرات الهرمونية التي تطرأ على أجسامهن التي تؤثر بشكل مباشر على انخفاض كثافة العظام، لذا ينصح النساء البالغات بتناول 1000 ملغم من الكالسيوم يوميًا.
وتحدثت داليا عن إنتاج الجبن قائلةً “نقوم بإنتاج الجبن بأنفسنا وخلال مراحل الإنتاج نقوم بإضافة الكالسيوم وفايتو إستروجين النباتي إليها”، وتفصل بأن المنتج الخاص بشركتهم عبارة عن ثلاثة مستويات: الأول وقائي، ويكون مضاف إليه كميات من الكالسيوم وفايتو إستروجين ويمكن لجميع شرائح المجتمع تناوله للوقاية من المرض، وبحماس أقل تواصل حديثها وتقول “أما المنتج العلاجي من المرض فلم يتم إنتاجه بعد” وتوضح أن هذا المنتج خاص للنساء بعد بلوغهن سن الأمان، وأنه بحاجة لتجارب ووقت، أما المنتج الثالث فهو منزوع الدسم وهو خاص للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع بالكوليسترول والسمنة.
وبفخر وفرح تخبرنا نشوى بأنهم حازوا على براءة اختراع للمنتج من وزارة الاقتصادية الفلسطينية باسم مشروعهم منذ بداية العام الجاري.
“لا نمتلك معملًا – مصنعًا – خاصًا بنا لإنتاج الجبن، فالمعمل – المصنع – هو ركيزة أساسية في مشروعنا” تقول إسراء، وتتابع حديثها عن الصعوبات التي واجهتهم منذ بزوغ الفكرة حتى اللحظة، وتوجه شكرها لوكالة المساعدات الدولية أوكسفام لتوفيرها لهم معملًا لإنتاج الجبن، ونظرًا لبُعد المعمل وتكبدهم مصاريف، اعتذر الفريق وتم استأجر معملًا قريبًا من سكنهم، وتؤكد إسراء على حرص الفريق في انتقاء المعمل من حيث النظافة والتعقيم، إضافة إلى جودة المواد الخام المستخدمة في الإنتاج، حيث يحرصون على اختيار الحليب الطازج.
وتضيف مازلنا ننتج الجبن يدويًا، وهذا يكلفنا الوقت والجهد، وتقول “أحيانًا نقضي ساعات طويلة في المصنع ونعود متأخرين إلى بيوتنا”، وبنظرات متبادلة بينهن جميعًا وبابتسامة واحدة يجبن بأنهن جميعًا متزوجات، وتبادر داليا بالقول بابتسامة “لولا أزواجنا وأهلنا لما وصلنا إلى هنا”، وتوضح بأن دعهم مازال دافعًا لهم للاستمرار للوصول إلى هدفهم وهو إنتاج الأنواع الثلاثة من المنتج الخاص بهم.
طموحهم لا يعرف حواجز فهم يسعون إلى العالمية، حيث استطاعت الشركة إيجاد اسمًا لها في الأسواق المحلية بغزة، ورغم الكميات المنتجة من الجبن، إلا أن الطلب يتزايد عليها، ومكنتهم مشاركاتهم في المعارض الغذائية التي تعقد في القطاع من الترويج والتسويق للمنتج.