من لا يعرف موراكامي؟
كاتب “القاعدة الجماهيرية العريضة” إنه هاروكي موراكامي، الكاتب الياباني الحاصل على العديد من الجوائز الأدبية العالمية، والذي صنفته مجلة الجارديان كأحد أبرز الروائيين على قد الحياة.
من لا يعرف موراكامي!
يُعتبر موراكامي من أبرز كُتاب جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية، هذا الجيل الذي تكسرت أمامه أسطورة الإمبراطور، تقبل ثقافة البوب الأمريكية، مُرحبًا بالانفتاح على العالم، وفي حالة موراكامي فهو تقبل الثقافة الغربية كلها قلبًا وقالبًا، وقد انعكس هذا بشكل بالغ على أعماله.
بدايته مع الكتابة
بدأ هاروكي موراكامي ككاتب قصص خيالية عام 1979م، تعود على كتابة بعض القصص والروايات بالتناوب، فعندما كان ينهي رواية يبدأ بعدها بكتابة بعض القصص القصيرة، وعندما ينهي مجموعة قصصية كان يبدأ في كتابة رواية.
ينقطع هاروكي موراكامي عن كتابة القصص القصيرة عند شروعه في كتابة رواية، كذلك عندما يبدأ في كتابة رواية لا يفصله عنها قصة قصيرة، حيث إنه يرى أنهما ينتميان إلى جزئين مختلفين من الذهن، “والأمر يتطلب وقتًا لإطفاء الأول وتشغيل الجزء الآخر” كما يقول في مقاله (كتابة القصص القصيرة لعبة).
بدأ موراكامي بنشر روايتين قصيرتين وهما “اسمع أغنية الريح”، و”بينبال”، ثم شرع في كتابة القصص القصيرة، وأول ثلاث قصص كتبها هي: قارب بطيء نحو الصين، قصة عم فقير، كارثة تعدين في نيويورك.
بينما آخر أعماله التي نشرت حتى الآن رواية: Colorless Tsukuru Tazaki and His Years of Pilgrimage والتي نشرت عام 2013م.
عناصر عالم موراكامي
لست سوى صبي يعرف الكتابة
من قرأ لموراكامي سيجد هناك العديد من العناصر المتشابهة المتناثرة داخل رواياته وقصصة مثل الرجل الذي يرتدي جلد الخروف، الموسيقى، الرقص، شهرزاد، الجو الأسطوري الغامض الداكن.
كذلك سيجد لغة موراكامي صافية رقيقة ورفيعة، يعتمد على بناء الجمل البسيطة القصيرة، التي لا تحدث أي خلل عند ترجمتها إلى أي لغة، فقط تتم ترجمتها بسلاسة ناقلة المعنى والشعور، فهو يعمل في كتاباته على تشكيل لغة أدبية جديدة.
يقول في مقاله عندما أصبحت روائيًّا: “عندما تكتب جملاً قصيرة بكلمات بسيطة، تبحر داخل عالم فولكلوري – عالم أسطوري، وما أردت القيام به هو إزاحة لغة الأدب الحالية بعيدًا، وتشكيل لغة أدبية جديدة”.
كذلك الشخصيات عند موراكامي إنهم “البشر الجدد”، جيل ما بعد الحرب العالمية الذي تشبع بالثقافة الغربية، تقبلها وفتح لها الأبواب، اليابان في روايات موراكامي ليست اليابان التي تطل علينا من نافذة أنيقة، بل هي موحشة، فاجرة، فجة، وغير أنيقة بل مثيرة للذعر والغثيان أيضًا، ورُبما كان هذا سبب مهاجمة كنزابورو آوي الكاتب الياباني الشهير له في بداياته بسبب عرضه لصورة قبيحة لليابان، فهو يثور على التراث الياباني المتحفظ، ويقوم بتكسير كل القيود التي تم وضعها على الأدب ليخلق روايات من نسيج فريد.
أهم أعمال موراكامي
موراكامي لديه الكثير من الأعمال الهامة التي تم ترجمتها مثل: سبوتنيك الحبيبة، كافكا على الشاطئ، جنوب الحدود غرب الشمس، الغابة النرويجية، شهرزاد، نعاس، ما بعد الظلام، 19q4، رقص رقص رقص والتي لم يتم ترجمتها إلى الآن مثل كتاب: “ما أتحدث عنه عندما أتحدث عن الركض”، كذلك “مطاردة الخراف الجامحة” وهي ثلاثية روائية غير مترابطة تم ترجمة جزئها الثالث “رقص رقص رقص” فقط!
فدعوني أذكر لكم بعض أهم أعمال موراكامي التي تم ترجمتها إلى العربية وأثرت بي أثرًا بالغًا:
1- الغابة النرويجية
تدور أحداث الرواية حول شاب جامعي يموت صديقه فتتحول حياته إلى أخيلة جنسية، وتتداعى الحدود بين الواقع والخيال، والحياة والموت عنده.
لماذا يجب أن أضع الغابة النرويجية كرقم واحد وهي تُعتبر من أقل روايات موراكامي في التقييم؟!
رُبما لأنها تمثل بداية لا بأس بها لمن يرغب في القراءة لموراكامي لمرته الأولى، كذلك قد تبدو كعمل عادي بسيط بالنسبة إلى أعماله الأخرى لكنها تظل مميزة بطريقتها الخاصة.
أما بالنسبة إلى التقييم القليل للرواية فيرجعه البعض إلى سوء الترجمة، والبعض الآخر إلى كثرة المشاهد الجنسية في الرواية، في كل الحالات الرواية جيدة جدًا، وتم تحويلها إلى أحد الأفلام اليابانية الذي يحمل العنوان نفسه.
2- كافكا على الشاطئ
أحد أشهر أعمال موراكامي على الإطلاق، كذلك من أكثر أعماله تميزًا، رواية تمزج الواقعية السحرية وما بعد الحداثة والأسطورة لتخلق عالم مميز من الإبداع.
تتحدث الروايا عن الفتى “كافكا” الذي يقرر ترك بيته ومفارقة والده في عيد ميلاده الخامس عشر، مغيرًا بلدته واسمه منتقلًا إلى مكان جديد لا يعرفه فيه أحد وتتابع الأحداث الغامضة الأسطورية المثيرة للقارئ التي تجعله لا يتوقف عن قراءة الرواية.
3- نعاس
إنها قصة امرأة متعبة، تعبت من دورة حياتها المتكررة فهربت، لم تهرب إلى النوم كعادة ما يحدث، فلم تكن ساحة أحلام موراكامي هي الحل، بل “اليقظة”.
تلك المرأة أفنت نفسها في الأعمال المنزلية الرتيبة التي تفعلها بضغطة زر، مثل محرك سيارة تعمل طوال النهار ثم تنطفئ ليلًا كي ترتاح قليلًا، تستمد قواها كي تدور من جديد وهكذا، قبل أن تنتابها اليقظة التي لا تنقطع، تُرى ماذا ستفعل تلك السيدة التي تُعاني من الأرق؟