في ظل ارتفاع حرارة الطقس وانعدام المسابح في الجنوب التونسي، لم يجد السكان غير الواحات وعيون المياه السطحية الباردة للتخفيف من تعب الصيام وحر الشمس.
تحت ظل نخلة باسقة الطول، جلس علي، أحد شباب واحة بشري التابعة لمحافظة قبلي جنوب تونس، يرتاح قليلاً، قبل أن يمد يده تحت ماء العين الباردة، ليبلل رأسه وباقي جسده المنهك من الحر والصيام، نظر عليَ إلى منبع العين وقال لنون بوست “في ظل انعدام مسابح في الجهة لا سبيل لنا إلا العيون، تبرّد علينا ونمضي فيها بعض الوقت، نستغلها طوال السنة في سقاية النخيل وفي رمضان نأتي إلى هنا نرفه عن أنفسنا قليلاً، ونبتعد عن أشعة الشمس وحرارة الطقس التي فاقت 48 درجة في بعض الأحيان”.
وتبلغ مساحة الواحات التونسية أكثر من 40 ألف هكتار فيها قرابة 5.4 مليون نخلة منها 3.55 مليون نخلة من الأصناف الجيدة لإنتاج التمور، وتعتبر واحات “نفزاوة” و”الجريد” أهم الواحات المنتجة للتمور التونسية الجيدة، حيث تنتج واحات منطقة نفزاوة (محافظة قبلي) قرابة 60% من الإنتاج التونسي، وتأتي واحات الجريد (محافظة توزر) في المرتبة الثانية، ثم تأتي واحات أخرى أقل أهمية بمحافظات قفصة وقابس وتطاوين.
غير بعيد عن عليّ وقف صديقه، زياد، واضعًا قميصه على يديه اللتين ترتعشان من برودة الماء، توجه إلينا بالحديث وفي وجهه أثر الغبطة والسرور “انظر إلى هذه النعم الإلاهية، إنها مجهودات خاصة من مالكي هذه الواحة، لم يساعدهم أحد في استخراجها رغم ارتفاع تكاليف ذلك”، سكت قليلاً ثم تابع “نحن محرومون من كل شيء، حتى من أماكن الترفيه، لا شيء يربطنا بالدولة سوى المعاناة”.
والعين عبارة عن ماء يتدفق من فتحة في الأرض بطريقة طبيعية أو عن طريق مضخات، أثناء فترة سقوط المطر يتسرب بعض الماء داخل التربة والصخور من خلال الشروخ والفراغات الصغيرة وينزل الماء لأسفل بواسطة الجاذبية بعيدًا في باطن الأرض بقدر ما تسمح به الفتحات، ويستخرج الماء من عمق أكثر من 100 متر بعد حفر بئر وإنزال أنابيب، وعادة ما تستعمل مضخات تدار بمحركات لاستخراجه.
العشرات، صغار وكبار، استعانوا بمياه العيون السطحية الباردة، وظلال النخيل وبعض الأشجار المثمرة المتناثرة هنا وهناك، على جحود الدولة التونسية وعدم الالتفات إليهم والاهتمام بهم وبمشاغلهم، رغم ما يدرّونها عليها من أموال بالغة.
وتحتل تونس حسب المنظمة العالمية للتغذية والزراعة، المرتبة الأولى عالميًا في قائمة البلدان المصدرة للتمور باعتبار العائدات المالية للتصدير، حيث بلغت صادراتها من التمور في 2015 حوالي 100 ألف طن، بعائدات تناهز 460 مليون دينار (حوالي 230 مليون دولار)، مقابل 87 ألف طن بقيمة 382 مليون دينار (حوالي 191 مليون دولار) خلال موسم 2014.