نشر موقع ميدل إيست آي تقريرًا يصرح فيه بدعم إماراتي لجعل الأمير محمد بن سلمان ملك السعودية القادم، حيث يشار في التقرير إلى دعم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدعمه لخطة جعل الأمير محمد بن سلمان نائب ولي العهد ملكًا للسعودية قبل نهاية هذا العام، حيث يكشف الموقع عن تلقي الأمير السعودي النصائح من الإمارات ليستطيع الحصول على دعم أمريكي ليكون المرشح المفضل لدى الأمريكان في توليه العرش.
قام بكشف تلك الأخبار لموقع ميدل إيست آي مصدران سعوديان موثوق فيهما، حيث صرّح الأول بمعلومات عن خطة الإمارات بكسب دعم الأمريكان للأمير محمد بن سلمان، حيث ينصح الحاكم الفعلي لأبو ظبي الشيخ محمد بن زايد الأمير السعودي بإنهاء دور الوهابية، الطائفة الأكثر تشددًا في الإسلام، المنتشرة في السعودية، وذلك لينال قبول الأمريكان في دعمه للوصول إلى الحكم، كما أخبره بتوطيد العلاقات بينه وبين إسرائيل من أجل أن يصبح مرشح واشنطن المفضل لتولي عرش السعودية القادم.
أما عن المصدر الثاني فأقرّ قبول الأمير سلمان بالخطة ورغبته في كسب رضا وقبول واشنطن عنه، وأنه سيكون حاكم السعودية القادم بحلول نهاية هذا العام، وذلك نقلًا عن مصادر مقرّبة منه بحسب التقرير.
الأمير محمد بن سلمان هو الابن السادس لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وهو في الثلاثين من عمره، وهو نائب ولي العهد، قد حاز على قدر من الأهمية والسلطة بعد توليه منصبه في 2015، بكونه نائبًا لولي العهد ووزيرًا للدفاع السعودي، كما أنه يرأس الديوان الملكي وهو الثاني في ترتيب ولاية العرش.
على الرغم من مرور فترة الأمير بن سلمان كوزير للدفاع ببعض الضعف والتقلبات إثر الحرب الأخيرة في اليمن، إلا أنه أصبح الوجه الخارجي للسعودية بإطلاقة خطة 2030 والتي تخص الرؤية الجديدة للاقتصاد السعودي، والتي تنص على التقليل من اعتماد الاقتصاد السعودي على البترول وفوائده، مع المزيد من التركيز على زيادة تنوّع مصادر الدخل للاقتصاد.
تم مدح الأمير بن سلمان بعد حوار له مع صحيفة “ذا ايكونوميست”و “بلومبيرج” بأنه الوجه الجديد للسعودية، وبأنه لن يسعى لتغيير الوجه الاقتصادي للسعودية فقط، بل الوجه الاجتماعي كذلك، فبحسب تقرير ميدل إيست آي، فإن خطة الشيخ محمد بن زايد تضمن تغييرًا جذريًا في تأثير الدين في الحكم في السعودية.
بدأ الأمير سلمان بتطبيق ذلك بالفعل قبل توليه الحكم المتوقع قبل نهاية العام، بحسب ما كشفته المصادر الموثوقة لموقع ميدل إيست آي فإن الأمير سلمان بدأ في تقليل دور الشرطة الدينية “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” في شوارع السعودية، كما بدأ في اعتقال بعض من المفكريين الإسلاميين المؤثرين هناك، بالإضافة إلى عزمه على إلغاء هيئة كبار العلماء، وهي كيان ديني إسلامي رئيسها هو مفتي الديار السعودية، كما يخطط الأمير سلمان إلى اعتقال كل نشطاء الوهابية في المملكة.
تقول المصادر بأن الكلام الخاص بإلغاء هيئة كبار العلماء أبعد مما يمكن تطبيقه، فلقد تم تأسيسها عام 1972 على يد الملك فيصل، ومنذ نشأتها وهي تمتلك سيطرة مهمة في المملكة، فهي لها دور في إدارة الشئون الدينية ومنح الحق الشرعي للحكم لكل حاكم جديد للملكة.
ولكن إذا نجحت هذه الأفعال بالفعل فسيتم استغلالها للحصول على الدعم في واشنطن، والتي لا يزال الكثيرون فيها يفضلون التعامل مع خبرة حليفهم القديم محمد بن نايف، ولكن هدف سلمان هنا هو الحصول على القبول العام من قِبل الصحافة والكونجرس والأكاديميين، بل وشركات العلاقات العامة كذلك في الولايات المتحدة الأمريكية، كل ذلك سيجعله مرشح واشنطن المفضل، وسيجبر الإدارة الأمريكية على دعمه للوصول إلى الحكم.
وليّ عهد أبو ظبي، ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد أل نهيان في لقائه مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري
ستكون مهمة إلغاء الحكم الديني في السعودية إحدى العواقب المهمة أمام الأمير الشاب في طريقه للوصول إلى الحكم، بحكم ما أخبره المحللون السياسيون إلى موقع ميدل إيست آي، ولكن سلمان من الممكن أن يكون الرجل الذي أنهى ملكية الـ 60 عامًا من تلك الحقبة التي بدأها الملك فيصل، بحسب كلام كريستوفر دايفيدسون مؤلف كتاب “ما بعد الشيوخ: انهيار ممالك الخليج القادم”.
بدأ تقييد سيطرة الشرطة الدينية على الناس في شوارع المملكة بالفعل، حيث تم سحب سلطة اعتقال الناس من الشوارع لأسباب دينية، وتم أمرهم بأن يكونوا أكثر عطفًا ولطفًا عند تطبيق الأحكام الدينية على الناس.
أما بالنسبة للسيطرة على الوهابية في السعودية، فإن تمّ لسلمان السيطرة على نشطاء الوهابية واعتقال بعضهم، فهذا سيؤدي إلى تداعيات كبيرة في المجتمع السعودي، بحسب كلام آندرو هاموند رئيس مكتب وكالة رويترز السابق في الرياض، حيث يرى هاموند بأن الملك سلمان لا يمتلك أي شرعية لإعلان حرب مفتوحة على الوهابيين، فهو مازال حديثًا وشابًا في العمل السياسي، وهي حركة تعتبر عنيفة ستؤدي إلى زعزعة النظام الديني المستقر في المملكة، إلا إذا كانت تلك الحركة من ضمن مشروع لإعادة تقويم النظام الشرعي من خلال برلمان حقيقي، وهذا ما لا يتوقعه هاموند أن يكون من ضمن خطط الأمير سلمان.
لم يكن كشف خبر محاولة الإمارات نصيحة الأمير سلمان في كسب ود واشنطن لدعمه للوصول إلى الحكم بالشيء المفاجئ لدى المحللين السياسيين، بقدر ما جاءت نصيحة تقوية علاقات سلمان مع إسرائيل مفاجئة، على الرغم من تعاون الرياض وإسرائيل في السنة الماضية لوقف الولايات المتحدة من الاتفاق على صفقة نووية مع إيران، على الرغم من عدم وجود علاقات وروابط رسمية بين الرياض وإسرائيل.
لا يكون وجود علاقة بين الإمارات وإسرائيل بالشيء المفاجئ أيضًا، حيث ظهرت ملامح تقوية بين العلاقات الإماراتية الإسرائيلية واتفاقيات في مجال الأمن والزراعة تنتج من رحلات وصفقات خفية بين البلدين، وذلك بسبب رد الفعل الإيجابي على الولايات المتحدة من تقوية علاقة دول الخليج مع إسرائيل، وهو الأمر الذي يبرر المخاطرة التي يخوضوها ملوك دول الخليج العربي في تعاملاتهم مع إسرائيل ومنهم محمد بن زايد ومحمد بن سلمان، بحسب كلام الكاتب كريستوفر دافيدسون.
ولي العهد الأمير السعودي ووزير الداخلية محمد بن نايف وهو يصل إلى الاجتماع السابع والعشرين الخاص بمجلس التعاون الخليجي
قال أحد المصادر لميدل إيست آي بأن علاقة الأمريكان بابن نايف من الممكن أن تتأثر على الرغم من حب الأمريكان له، إذا ما نجح ابن سلمان في توطيد علاقته جيدًا بإسرائيل، وذلك على الرغم من كون ابن نايف في المرتبة الأولى لتولي الحكم، إلا أن هدوءه مقابل قوة وأهمية ابن سلمان أدى إلى استبعاد الأمريكان لبن نايف ذي الستة وخمسين عامًا من أن يكون المرشح الأول لهم، بعد أن صدرت عدة أخبار عنه بكونه في حالة صحية غير جيدة، إلا أن موقع ميدل إيست آي يشير إلى أن تلك الإشاعات هي جزء من استبعاده وإظهار ابن سلمان في صورة الخيار الأفضل، ليس هذا فحسب، بل لإظهار ابن نايف بصورة الرجل الذي زهد في الحكم كذلك وأن الأمر قد انتهى بالنسبة له، بحسب تحليل هاموند رئيس مكتب وكالة رويترز السابق في الرياض.
وصفت صحيفة واشنطن بوست هذا الأسبوع علاقة ابن زايد بابن سلمان بأنها علاقة “المعلم الناصح”، ليس هذا فحسب بل وصفت علاقة الإمارات بابن نايف بأنها علاقة تشوبها الازدراء العميق، والذي يعود أصلها إلى 2003، حيث نشرت “ويكليكس” برقية دبلوماسية وصف فيها ابن زايد ابن نايف بالقرد، وأن دارون كان على حق في نظرية التطور.
يكون الصراع على عرش السعودية مهمًا للغاية، ليس فقط بسبب تدهور حالة الملك الحالي الصحية صاحب الثمانين عامًا، إلا أنه مهم لأن الملك القادم للسعودية سيكون أول ملك تولى الحكم وهو ليس من بين أبناء المؤسس الأول للدولة الملك عبدالعزيز آل سعود.
كشفت المصادر السعودية الموثوقة لميدل إيست آي بأن إعلان سلمان الملك القادم للسعودية هو أمر قريب سيتم في أي لحظة بين الآن وشهر ديسمبر القادم.