جسد غريب جديد تسعى دولة الملالي لزرعه في الجسد العربي والمنطقة، في إطار منهجيتها القائمة على زعزعة استقرار المنطقة ونشر الفوضى والقلاقل الطائفية بها، بعد حزب الله في لبنان والحوثيين باليمن والحرس الثوري بالعراق وسوريا، والفارق هذه المرة أن هذا الجسد يتبع مباشرة للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي.
كيان سرطاني
الكيان السرطاني الجديد يدعى “فيلق البقيع” مهمته الأولى والرئيسة القيام بأعمال زعزعة للاستقرار في دول الخليج، ومكون من ثلاثة آلاف متطوع من جنسيات عراقية وكويتية وبحرينية وسعودية، يتم تدريبهم الآن في معسكرات خاصة في محافظة ميسان، جنوب العراق، والكوت وديالى وغيرها، بإشراف اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
الأنباء الكثيرة التي انتشرت عن ماهية فيلق البقيع وأهدافه، سارعت إيران كعادتها لتكذيبها عبر محلليها المنتشرين بالعديد من وسائل الإعلام العالمية، واصفة إياها بالأكاذيب من نسج الخيال، وأن الإيرانيين ليسوا بحاجة إلى إنشاء معسكرات في البصرة أو غيرها، فلديهم من المساحات الممتدة من شمال إيران إلى جنوبها ما يعادل مساحة قارة، متناسين تجارب مثل حزب الله بلبنان، والحوثيين باليمن، وفيلق القدس بسوريا والعراق، ومتجاهلين حقيقة السياسة الإيرانية القائمة في الأساس على مذهبية نشر الفوضى الطائفية والقومية الفارسية بمحيطها الجغرافي، على الرغم من أن الحنكة السياسية التي تجهلها الدولة الفارسية تجعلها تفكر آلاف المرات قبل اتخاذ مثل هكذا قرار، لا يتخذه من يجهل أبسط مبادئ السياسة، لكن ماذا عن رد فعل دول المنطقة خصوصًا دول الخليج، لاشيء كالعادة!
خيانة من الداخل
المتتبع لهوية عناصر الملالي الجديدة، ووفقًا لمصادر خاصة، يجدها عبارة عن مجموعة من المتطوعين من جنسيات عدة تجمعها الهوية الشيعية، من دول الكويت والبحرين والعراق والسعودية وسوريا ولبنان، ما يعني أن أزمة داخلية بتلك الدول يجب احتوائها، ويتم تسهيل مهمة دخولهم للعراق ضمن وفود زيارة الأماكن الشيعية المقدسة في العراق، دون ختم جوازات سفرهم في مطاري بغداد والنجف، وتقوم جهات عراقية مرتبطة بإيران بمهمة حصولهم على وثائق خاصة بهم من العتبة العباسية، التي تتولى استضافتهم بشكل مؤقت في فنادق خاصة، تمهيدًا لنقلهم إلى معسكرات خاصة بالفيلق في مدن العمارة وديالى والكوت والبصرة وكربلاء والنجف، خصوصًا على الحدود العراقية الكويتية، ويتلقون تدريبات على الاستفادة من الطائرات المسيرة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتصنيع كواتم الصوت، والتدريب على صناعة العبوات الناسفة والمفخخات، إضافة إلى عمليات الاغتيال وإثارة الفوضى وطرق التخلص من مراقبة الأجهزة الأمنية.
ويقوم ضباط من الحرس الثوري الإيراني بالإشراف على المقر الرئيسي لهم في مدينة البصرة، بالتنسيق مع ميليشيات عراقية مثل فيلق بدر وعصائب أهل الحق وحزب الله العراق، ما يعني انتهاء مرحلة الإعداد الرئيسة لها للانتشار في دول الخليج المحيطة، خصوصًا السعودية والكويت والبحرين وربما يكون موسم الحج المقبل بالمملكة هو نقطة انطلاقها.
معركة الفلوجة
ما يدعم تلك المعلومات سياسيًا هو أن نجاح إيران في معركة الفلوجة، التي كانت تشكل عقبة أمام قيادات الحشد الشعبي لفرض واقع إداري جديد لضم مناطق شاسعة من محافظة الأنبار إلى محافظة كربلاء، سهل لها عزل تواصل سُنّة العراق مع نظرائهم في السعودية، ما جعل حكومة بغداد تبدو عاجزة عن اتخاذ أي إجراء ضد فصائل الحشد الشعبي وقياداته، التي أصبح قرارها يعلو على قرار المؤسسات الحكومية.
معلومات أخرى تشير إلى أن قيادات الحرس الثوري طالبت شيعة العراق والكويت والبحرين المنتسبين لوزارات الدفاع والداخلية بأي من تلك الدول إلى الاستعداد للالتحاق بفيلق البقيع “.. استعدادًا لبدء المعركة!”، وسرقة الأسلحة والذخائر والآليات والتجهيزات التي يمكنهم الحصول عليها لاستخدامها فيها، مع نشر “قوائم سوداء” لاغتيال عدد من قادة ورموز السنة في العراق والكويت والبحرين والمملكة، والاستمرار في سياسة التصفية والإبعاد للسنّة في الأحياء الشعبية والأسواق التجارية بالعراق حول الفلوجة، وتضييق الخناق عليهم، لإجبارهم على الهجرة وترك المنطقة، وتصفية الوافدين العرب والمقيمين والموظّفين الدبلوماسيين والعاملين بالشركات العراقية والكويتية خاصة، الحاملين لجنسيات السعودية والأردن وفلسطين والسودان والإمارات، وتحريض المعتمرين والحجيج الشيعة على تنظيم تظاهرة حاشدة، يحمل منفّذوها أسلحة كاتمة صوت، وسكاكين، وهراوات، ومواد سامة، بغية الاشتباك مع السلطات السعودية داخل الحرم الشريف.
قراءة قاصرة
الواقع يقول إن من يظن أن إيران ستتوقف عن رغبتها في الهيمنة على دول الخليج، ورغبة عمائم الشر بها لتصدير الثورة والتطرف والإرهاب للعالم، يغالط نفسه ويُغالط الحقائق ودروس التاريخ، وهذا عينه ما تفعله قيادات الخليج الآن، والدليل على ذلك يأتي سريعًا ومن الداخل الإيراني نفسه، حيث انتشرت مؤخرًا أغنية مرخّصة من وزارة الإرشاد بدولة الملالي، للمطرب الإيراني بهزاد باكس، بعنوان “اقتل عربيًا”، يخاطب فيها ملك الفرس القديم، قورش، الذي احتل بابل والعراق قديمًا، والذي أصبح رمزًا للقومية الفارسية، يقول في جزءٍ منها: “انهض يا قورش” مخاطبًا قاسم سليماني الآن “فقد بلغ الأمر بنا، ليتم تهديدنا من قبل العرب”.
سليماني الذي أصبح وجوده طاغيًا على الرئيس الإيراني ذاته لا يحتاج لدعوة لسن آلة القتل بالعرب، فهو بالفعل جاهز ويمارس أبشع أنواع الانتهاكات ضد سنة العراق وسوريا، والآن يجهز زبانيته بفيلق البقيع الجديد لعرب الخليج كافة، ضمن استراتيجيته التي يتعامل بمقتضاها مع كامل الخليج، وكأنه أرضٌ مستباحة له ولمرتزقته، ضاربًا عرض الحائط بكل أشكال الدبلوماسية، حتى إنه لم يتورع عن تهديد مملكة البحرين بـ “مقاومة مسلحة” و”انتفاضة شعبية دامية” ضد حكومتها الشرعية، بعد أن أسقطت جنسية مواطن بحريني يدين بالولاء لمرشد قُم.
السؤال هنا، إذا كنا بصدد تتبع السياسات الإيرانية في المنطقة، فهل يمكن فهمها بدون تحميل باقي الأطراف المستكينة مسؤوليتها؟ أو بمعنى آخر: هل يمكن الفصل بين السياسات الخليجية ضد بعض الفئات داخل حدودها، وبين نجاح مساعي إيران في تجييش تلك الفئات ضمن فيالقها المتوالية؟ الإجابة في تحليل آخر هنا بإذن الله.