ها هو عيد الفطر المبارك يطرق أبواب المسلمين معلنًا قدوم ضيف غالٍ على قلوب الجميع، وكما كان رمضان موسمًا للدراما والمسلسلات التلفزيونية التي تجاوزت تكلفتها نصف مليار دولار، كذلك الحال في العيد، حيث تشتعل شاشات دور السينما في مختلف الدول العربية بالعديد من الأفلام التي تتجاوز ميزانية إنتاجها عشرات الملايين.
وكالعادة تتصدر مصر قائمة الدول الأكثر إنتاجًا وتسويقًا للأفلام السينمائية في أيام العيد، حيث تزاحم شاشات السينما بما يقرب من عشرة أفلام تدور معظمها في إطار من الكوميديا الساخرة، فضلاً عن البطولات المشتركة لمعظم نجوم تلك الأفلام.
وما بين العزف على وتر البلطجة والجنس وسرقة الأعمال الفنية، تستعد دور السينما العربية في هذا العيد لاستقبال أفلام هذا الموسم، ليبقى السؤال: هل تنجح معاول الكوميديا المقدمة عبر هذه الأفلام في هدم معابد التراجيديا السوداء التي يحيا معها وبها الملايين من أبناء هذا الشعب المقهور؟
10 أفلام مصرية والعزف على وتر الجنس والبطلجة الكوميدية
تتميز أفلام العيد هذا الموسم بالعديد من الخصائص التي تميزها عن غيرها من أفلام المواسم السابقة، حيث انتهت – تقريبا – نظرية البطل الأوحد في العمل الفني، وباتت البطولة المشتركة لأكثر من فنان هي السمة السائدة لهذه الأعمال، إضافة إلى تراجع الأفلام السياسية التي كانت تعزف على وتر النفاق المجتمعي للنظام الحاكم خلال العامين الماضيين، والتي كانت تدور في فلك تشويه صورة الإسلاميين لاسيما جماعة الإخوان المسلمين ونشطاء ثورة يناير، في مقابل تحسين صورة الجيش والشرطة وغيرهم من أركان النظام الحاكم.
ونستعرض هنا أبرز تلك الأعمال الفنية المقدمة خلال هذا الموسم في محاولة للوقوف على اهم الموضوعات المعالجة والهدف منها.
“من 30 سنة”
يتصدر قائمة الأفلام المصرية المقدمة هذا الموسم فيلم “من 30 سنة” بطولة أحمد السقا ومنى زكى وشريف منير، كما يشارك فى بطولته أحمد فهمي وميرفت أمين ونور اللبنانية وصلاح عبد الله وجميلة عوض ومحمود البزاوي وسليمان عيد، من تأليف أيمن بهجت قمر وإخراج عمرو عرفة.
تدور فكرة الفيلم في مطاردة الكوابيس لشريف منير في كل ليلة يغط في النوم، وفي كل حلم يجد نفسه قاتلاً لشخصية لا يعرفها، وعندما يستيقظ يقتلهم بالفعل، فيلجأ إلى صديقه أحمد السقا لعله يساعده في مشكلته، والذي ينطلق لإبلاغ الشرطة عن تلك الجرائم القاسية، ليخلو له الجو ويفوز بحب صديقتهما منى زكي التي يتعلق قلب شريف بحبها أيضًا.
من فيلم “من 30 سنة”
“أبو شنب”
كما يحل فيلم “أبوشنب” في المرتبة الثانية ضمن قائمة أفلام الموسم، الفيلم بطولة ياسمين عبد العزيز وظافر العابدين ولطفى لبيب وبدرية طلبة وبيومي فؤاد ورجاء الجداوي وحمادة بركات وليلى عز العرب من تأليف خالد جلال وإخراج سامح عبد العزيز.
تدور أحداث الفيلم حول ضابط بالشرطة النسائية (ياسمين عبدالعزيز)، تتعرض بنفسها لتحرش جنسي، وتصمم من بعدها على المقاومة والتصدي لظاهرة التحرش الجنسي بعد تكرار هذه الجرائم، تتولى مسؤولية ضبط المتحرشين في الأماكن العامة وإلقاء القبض عليهم، لكنها تتعرض لعملية سرقة بالإكراه.
أفيش فيلم “أبو شنب”
“جحيم فى الهند”
ثم يأتي فيلم “جحيم في الهند” ليحل ثالثًا في بورصة أفلام العيد، الفيلم بطولة محمد عادل إمام وبيومى فؤاد وياسمين صبري وأحمد فتحي وحمدى الميرغني ومحمد سلام وطاهر أبو ليلة، والفيلم من تأليف مصطفى صقر ومحمد عز الدين، إخراج معتز التوني.
تدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي حول قيام مجموعة من الباحثين بإجراء أبحاث في الهند، تحدث لهم خلالها عدة مواقف كوميدية.
جحيم في الهند
“عسل أبيض”
بالرغم من اقتباسه من العمل الأجنبي “Baby’s Day Out” إلا أن فيلم “عسل أبيض” يأتي في المرتبة الرابعة في قائمة أفلام العيد، الفيلم من بطولة كل من سامح حسين وميرهان حسين وبيومى فؤاد وكريم عفيفى ولطفي لبيب ودينا محسن وأحمد راتب ومصطفى بسيط، تأليف محسن رزق وإخراج حسام الجوهري.
تدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي حول طفل صغير لعائلة ثرية يتم اختطافه على يد عصابة، وتقع العديد من المفارقات الكوميدية أثناء محاولة إعادة الطفل إلى أهله.
عسل أبيض
“سطو مثلث”
ويأتي فيلم “سطو مثلث” في المركز الخامس، بطولة أحمد صلاح السعدني وكلوديا حنا والراحل سعيد طرابيك وعبد الله مشرف وبيومي فؤاد وريهام حجاج وليلى عز العرب ومصطفى أبو سريع، من تأليف أمين جمال ومحمد محرز، وإخراج محمد يونس.
سطو مثلث
“30 يوم في العز”
أما فيلم “30 يوم في العز”، فيأتي في المرتبة السادسة، العمل من بطولة أحمد فلوكس وسعد الصغير والراقصة صافيناز ونيرمين ماهر ومحمود الليثي ومحسن منصور ونهى صالح وهشام إسماعيل، ومن تأليف سيد السبكي، وإخراج هانى حمدي.
تدور أحداث الفيلم حول قصة حب تجمع بين فتاة وشاب تصل الى مرحلة الخلافات المتفاقمة في إطار من الكوميديا الاجتماعيّة.
30 يوم في العز
“الباب يفوت أمل”
ثم يحل فيلم “الباب يفوت أمل” في المرتبة السابعة، الفيلم يروي قصة كوميدية تجمع زوجين، وتصاب الزوجة بآلام المخاض خلال إحدى مرافعاتها بحكم عملها كمحامية.
“الباب يفوت أمل” من تأليف مجدي الكوتش وفيصل عبد الصمد، إخراج أحمد البنداري، ويشارك في بطولته كل من شريف سلامة ودرة وعمر محمد نور وأسامة عبدالله وأحمد راتب وشيماء سيف وياسر الطوبجي ومحمد متولي وغيرهم.
الباب يفوت أمل
“بارتي في حارتي”
ويحل فيلم “بارتي في حارتي” في المرتبة الثامنة، بطولة محمد لطفي، تدور أحداثه في إطار كوميدي، في إحدى الحارات الشعبية، حيث أحد سكانها “محمد لطفي”، يمتلك قدرات خارقة، ورثها من والده أيرون مان.
بارتي في حارتي
“الكنز”
بالرغم من عدم الإعلان رسميًا حتى الآن عن موعد عرض الفيلم، إلا أن جميع النقاد أكدوا أنه سيكون خلال الأيام الأولى للعيد، ليحل فيلم “الكنز” في المرتبة التاسعة، الفيلم بطولة محمد رمضان، وتأليف عبدالرحيم كمال، وإخراج شريف عرفه ويقوم فيه رمضان بدور الأب والابن في نفس الوقت.
محمد رمضان من فيلم “الكنز”
“القرد بيتكلم”
ويتذيل قائمة أفلام الموسم فيلم “القرد بيتكلم” بطولة أحمد الفيشاوي وعمرو واكد، ويشارك في البطولة أيضًا سيد رجب، ويقوم بإخراج الفيلم بيتر ميمي.
تدور أحداث الفيلم حول قيام الفيشاوي وواكد بدور ساحرين شقيقين يحضران لخدعة سحرية قادرة على إطلاق سراح والدهما البريء من السجن.
أبطال فيلم “القرد بيتكلم”
غياب الأفلام العربية
من الواضح أن الدول العربية – بلا استثناء – ارتضت لنفسها كما هو الحال طيلة السنوات الماضية في أن تكون سوقًا لعرض الأفلام المصرية، وهو ما تجسد في غيابها تمامًا عن المشاركة بأي عمل سينمائي خلال هذا الموسم، واكتفت بالترويج للأفلام المصرية عبر شاشاتها السينمائية ودور العرض بها.
الإنتاج الفني العربي الحاضر الغائب في المواسم والأعياد، يعترف وللمرة العاشرة بفشله في مواجهة السينما المصرية التي انعشت دور العرض العربية بمئات الأفلام والأعمال الفنية طيلة العقود الماضية.
الكوميديا الساخرة في مواجهة الواقع التراجيدي
بالرغم من تنوع موضوعات أفلام هذا الموسم، وتباين محاورها والقضايا التي تتناولها، إلا أنها جميعها تدور في فلك ” الكوميديا الساخرة” مستخدمة أدوات الجنس والبلطجة لتمرير هذا الهدف.
العديد من النقاد والسياسيين تعاملوا مع كوميديا هذه الأفلام من خلال الأفيشات المبدأية والبروموهات الترويجية له على أساس أنها محاولة واضحة ومكشوفة للتحايل على الواقع المر الذي يحياه الملايين في ظل تردي الحياة المعيشية وارتفاع الأسعار وتراجع منسوب الحريات، فضلاً عن الإحباط الذي أصاب المجتمع عن بكرة أبيه في مستقبل أفضل.
وكما كان الحال في مشروع التفريعة الجديدة لقناة السويس والتي تجاوزات ميزانية إنشائها 60 مليار جنيه، من باب رفع الروح المعنوية للمصريين بالرغم من عدم جدواها، جاءت أفلام الموسم أيضًا لرفع الروح المعنوية للمواطن من خلال وجبة دسمة من الكوميديا التي تسعى إلى إزالة آثار بعض ما يحياه المصريون في الآونة الأخيرة.
لكن يبقى السؤال: هل تنجح الوجبة الكوميدية الدسمة التي قد لا تتجاوز ساعتين أو ثلاث في محو أثار الواقع التراجيدي المر الذي يحياه المواطن ليل نهار؟