كثيرًا ما كنا نسمع في الإعلام التونسي، دعوات تنادي بتسليط أقصى العقوبات على العائدين من بؤر التوتر على رأسها سوريا والعراق وليبيا، كنا نسمع مطالب تنادي بإعدام التونسيين المتورطين والمتهمين بالإرهاب دون رأفة ولا تقيد بحقوق الإنسان.
كما كنا نسمع عن حالات تعذيب لأشخاص ثبتت براءتهم فيما وبعد، وأشخاص ماتوا من التعذيب، أما الآن فنسمع عن “نجل العقيد” و”نجل الفقيد”، ونشاهده على متن الخطوط الجوية التونسية، معززًا مكرمًا، يتسوق من السوق الحرة، ثم ينقل إلى المستشفى العسكري (بعض العسكريين لم يتسن لهم ذلك) للإحاطة النفسية.
نتحدث عن “الإرهابي” الذي قُتِل أبوه “العميد” بالجيش التونسي في تفجيرات مطار “أتاتورك” التركي، أنور بيوض، لم يصفه الإعلام التونسي بالإرهابي بل وصفه بنجل العميد، لم ينقل للتحقيق في ثكنة العوينة بل للإحاطة النفسية في المستشفى العسكري.
انضمّ الإرهابي أنور بيوض نجل العميد، وزوجته التي تزوجها على غير الصيغ القانونية، إلى تنظيم الدولة الاسلامية، في نوفمبر 2015، حيث تلقّى تدريبات على الأسلحة الحربية في مدينة الموصل العراقية، ثم انتقل إلى الرقة السورية ومنها إلى مدينة حلب، حسب وسائل إعلام محلية.
قتل والده فتحي بيوض رئيس قسم طب الأطفال بالمستشفى العسكري في العاصمة تونس، والعميد في الجيش التونسي، في تفجيرات مطار أتاتورك الأخيرة، عندما كان ينتظر زوجته القادمة من تونس للنظر في تفاصيل تسلم ابنهم أنور من قوات الأمن التركية والرجوع به إلى تونس.
أفاد الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس والقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، سفيان السليطي، اليوم الأحد، لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، بأن قاضي التحقيق أذن في ساعة متأخرة من ليلة السبت بنقل محمد أنور بيوض، نجل العميد الطبيب المرحوم فتحي بيوض، الذي راح ضحية التفجير الإرهابي بمطار إسطنبول التركي، إلى قسم الأمراض النفسية والعقلية بالمستشفى العسكري، وذلك إثر إصابته بحالة انفعال هستيري بعد إبلاغه بوفاة والده.
وتمّ إيقاف أنور وزوجته فور وصولهما إلى مطار تونس قرطاج الدولي في ساعة متأخّرة من يوم الجمعة الماضية، وإحالتهما إلى الوحدة الوطنية المختصة في البحث في الجرائم الإرهابية بثكنة الحرس الوطني بالعوينة، بتعليمات من قاضي التحقيق الأوّل بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، وبإذن من النيابة العمومية بموجب بطاقتي جلب وطنية ودولية صادرتين في حقهما.
وتداول ناشطون تونسيون، في مواقع التواصل الاجتماعي صورًا للإرهابي وصديقته على متن الطائرة، عائدين إلى تونس من تركيا، وفي أيديهما مقتنيات من السوق الحرة، صورًا أثارت حفيظة التونسيين واستنكارهم الشديدة، خاصة بعد نقل “الإرهابي” مباشرة إلى المستشفى العسكري للإحاطة النفسية.
البعض قال: “حتى في الإرهاب توجد فوارق اجتماعية”، من جهته كتب الإعلامي التونسي سمير الوافي تدوينة في صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، جاء فيها “لم نسمع أبدًا قبل اليوم بإرهابي حظي بإحاطة نفسية وعلاج في المستشفى العسكري، ذلك الصرح الوطني الكبير الذي يشهد على ملاحم أبطال الأمن والجيش في معاركهم ضد الإرهاب، تلك المؤسسة السيادية التي لا تفتح أبوابها للعامة إلا في حالات استثنائية، اليوم فتحوا أبوابها لإرهابي جاء من داعش، ويحظى بمعاملة أكثر من لائقة لم يحظ بها ضحايا الإرهاب ولا أحد منهم تمتع برعاية نفسية، فمنذ تم تسليمه في المطار تمتع بامتيازات توحي بأنه جاء بكأس العالم، تجول في الفريشوب واشترى ما يريد، ثم نقل إلى المستشفى العسكري لأن نفسيته تاعبة ومعنوياته منهارة، وهو امتياز لا يتمتع به أي إرهابي أو حتى سجين حق عام زوالي”!!
ودعا أسامة السعفي التونسيين إلى تنظيم مظاهرة لمنع “أنور من العلاج في المستشفى العسكري وكتب تدوينة جاء فيها: “كفانا حديثًا ودعونا نخرج في مظاهرة لمنع علاج الإرهابي في المستشفى العسكري”.
وكتب حمدي، مستنكرًا “حتى إرهابكم طبقي وبالوجوه يا رسول الله، وإعلام يغذي أزمة مفاهيم عميقة، فسبحان من حول صفة إرهابي أو مشتبه به إلى نجل دكتور”.
وجاء في تدوينة لتونسي يدعى منير هاني “إرهابي وقائد بداعش يلقب بنجل العميد ويداوى بالمستشفى العسكري! من يقف وراءه؟! إرهابي في المستشفى العسكري، فضيحة بأتم معنى الكلمة، أنسي العسكريون العمليات الإرهابية ضدهم في جبل الشعانبي وغيره؟”.
وأشار تقرير نشرته مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة في يوليو/ تموز 2015، حول استخدام المرتزقة، إلى انضمام أكثر من 5500 تونسي غالبيتهم تراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا إلى تنظيمات جهادية في الخارج لا سيما في سوريا والعراق وليبيا.