على خلاف سلسلة الهجمات التي شنها تنظيم (داعش) في السعودية منذ أواخر 2014 وأدت إلى مقتل عشرات الأشخاص معظمهم من الأقلية الشيعية وقوات الأمن، جاءت التفجيرات الثلاثة التي وقعت أمس في الساحة الخارجية للمسجد النبوي وقرب القنصلية الأميركية، إضافة للقطيف، لتؤكد رسالة واحدة سعي داعش لتوصيلها مفادها: “أنا موجود وقادر على الرد ونقل المعارك للخارج، بعدما تعرض لانتكاسات عديدة في سوريا والعراق.
فقد خسر تنظيم داعش، خلال الشهور الخمس عشرة الماضية، نحو 22 في المئة من إجمالي الأراضي التي كان يسيطر عليها سابقا، إذ كان يسيطر تقريباً على 55 ألف كيلومتر مربع تقريباً في مقابل 77 ألف كيلومتر مربع تقريباً للحكومة العراقية، و56 ألف كيلومتر مربع للأكراد، منها أربع جبهات خسرها في ان واحد في العراق وسوريا في الشهور الثلاثة الأخيرة.
استهداف الحرم النبوي
قبل أن تنفذ التفجيرات الثلاثة الأخيرة، كان نشاط داعش يقتصر على تفجيرات في مساجد الشيعة بالسعودية ومصالح أمنية، ولكن هذه المرة كان أبرزها تفجير انتحاري بالقرب من المسجد النبوي في المدينة المنورة، وتفجيرين آخرين في مدينة جدة والقطيف، فيما بدا أنه حملة منسقة لتوصيل رسالة ما.
وفي هذا التفجير الاخير سقط 5 قتلي منهم 4 رجال أمن، بجانب الانتحاري، و10 جرحي، وجاء الثاني قرب القنصلية الامريكية في جده، والأول الذي يستهدف أجانب، ليشير أيضا لسعي التنظيم لإيصال رسالة صاخبه على استمرار نشاطه، وأنه قادر علي توصيل عدوانه خارج العراق وسوريا حتى ولو فقد كل الأراضي التي يسيطر عليها.
التفجير أستهدف هذه المرة أيضا رجال الامن السعوديين، ولكن قرب الحرم النبوي لإحداث فرقعة عالية، والانتحاري لم يدخل ساحات المسجد، ووقع الانفجار في الساحة الخارجية، ربما لتجيب الغضب الإسلامي ونقص التعاطف مع التنظيم لو سعي لتنفيذ التفجير داخل ساحة الحرم النبوي.
ومع هذا اثارت التفجيرات التي كان أبرزها استهداف المسجد النبوي، موجة من الاستنكارات العربية والإسلامية، وعلى موقع تويتر تصدر هاشتاغ (#داعش_تنتهك_مسجد_رسول_الله)، على الرغم من عدم إعلان تنظيم “الدولة الإسلامية” مسؤوليته عن الهجمات حتى الان.
ولم تحدث تفجيرات مدينة القطيف شرق السعودية، أي ضحايا سوي أشلاء بشرية للانتحاري في المكان، نظراً لأن المصلين كانوا قد غادروا بالفعل إلى بيتوهم لتناول الإفطار.
ويعد تفجير جدة هو الأول الذي يحاول استهداف أجانب في السعودية منذ سنوات، ووقع داخل مواقف مستشفى الدكتور سليمان فقيه في مكان قريب من القنصلية الأميركية في جدة، دون ضحايا سوي جثة المهاجم.
هل فعلتها إيران؟
ولا يعني هذا أن داعش فقط المتهم بهذه التفجيرات، فهناك أصابع اتهام توجه لإيران أيضا التي هددت باستهداف السعودية وزعزعة امنها في حال استمرارها بعاصفة الحزم، والتي أعلنت منع حجاجها من الذهاب لموسم الحج المقبل بعد خلافات مع الرياض، والتي لا يستغرب مراقبون وقوفها وتنظيماتها الارهابية خلف ما جرى.
وقد يكون الهدف أبعد وهو إفشال موسم الحج نفسه، وإظهار أن الامن غير مستقر في المملكة، مع ما يعنيه ذلك أيضا من إفشال رؤية المملكة 2030 التي تستهدف جذب الاستثمارات الأجنبية، ولهذا استهدف ثلاثة مناطق حيوية في الشرق والغرب ليعطي انطباعا بتدهور الأوضاع الأمنية ويحذر الأجانب من القدوم؟
فالجديد في تفجيرات أمس، أن إحداها وقع في الساحة الخارجية للمسجد النبوي الشريف صبيحة يوم العيد، مستهدفا أن يكون صداه هو الأعلى، لأنه أول هجوم قرب المسجد النبوي، بعد هجوم 10 يوليو 1989 الذي استهدف الحرم المكي، واتهم فيه حجاج كويتيين شيعة بالتنسيق مع دبلوماسيين إيرانيين.
إذا كان هذا ما يحلم به تلفزيون #إيران فلا نستغرب من كل هذه الهجمات الإرهابية التي تطال #المملكة_العربية_السعودية. pic.twitter.com/JmrQIgdLxv
— أنور مالك (@anwarmalek) July 4, 2016
تغريدات وتحليل لسلسة التفجيرات التي استهدفت السعودية وبعض الدول السنية لـ د.عايض الدوسري نفع الله بعلمه وقلمه وفكره pic.twitter.com/TNoOwMMOmA
— د. ناصر الحنيني (@alhonini) July 4, 2016
واتهم العميد “حسن ظافر” الخبير الاستراتيجي، حكومة طهران، بأنها وراء التفجيرات الانتحارية التي حدثت في المملكة العربية السعودية مساء أمس الإثنين، وقال، في مداخلة هاتفية لقناة “الغد” الاماراتية، إن إيران منذ فترة منعت مواطنيها من الحج والذهاب إلى الأماكن المقدسة بالسعودية، لتحدث مثل هذا الانفجار.
وقال السفير سعيد كمال، الأمين العام المساعد للجامعة العربية سابقًا، خلال مداخلة هاتفية بقناة «النهار اليوم»، مساء أمس، أنه يتمنى ألا تكون دولة إيران ضلعا في حادث المسجد النبوي الإرهابي، مؤكدا إن الأمين العام للجامعة العربية، سيتخذ عددا من الإجراءات السريعة لمساندة السعودية.
وأدان حزب الله التفجيرات الانتحارية الإرهابية التي استهدفت المنطقة المحيطة بالمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة وأحد المساجد في منطقة القطيف شرق السعودية، وقال في بيان إن هذه التفجيرات التي استهدفت أقدس الأماكن في بلاد الحرمين الشريفين، في أقدس الأوقات، “هي مؤشر آخر على استخفاف الإرهابيين بكل مقدسات المسلمين”.
ولكن “حزب الله” ألمح لسعادته ضمنا بالتفجير بدعوي أن المملكة كانت تدعم داعش، حيث أكد أن “استفحال الإجرام التكفيري ينبغي أن يدفع الدول والحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية إلى مراجعة فكرية شاملة لموقفها من الإرهاب وتسليحه وتمويله ودعمه سياسياً وإعلامياً وتغطية جرائمه وايجاد المبررات لها، خاصة بعدما تبين أن بعض الجهات الداعمة والمؤيدة له أصبحت بدورها من أبرز ضحاياه”.
المصدر: إيوان 24